بماذا يفكر أوباما الآن، هل يشعرسادة البيت الأبيض بالذنب؟ وهل يعرفون أنهم أدخلونا في متاهة الطائفية، وكانوا مشاركين وشهودا على الخديعة؟
كنت أظن ان ما حدث يقع خارج إرادة أصحاب البيت الأبيض، لكن الوقائع تؤكد في كل يوم أن أصحاب القرار الأميركي كانوا بكامل وعيهم وهم يمكنون بعض الساسة من إدارة شؤون البلاد.
أمريكا من حقها ان ترى ان هذا زمان المالكي والنجيفي والمطلك والسنيد والكربولي، وان البيت الأبيض مع بناء الدولة على طريقة المحاصصة الطائفية، ومن حقها أن يصبح العراق خارج اهتمام السيد أوباما .
منذ خروج الأمريكان ونحن نشاهد استعراضات مبهجة كلما حل ذكرى يوم السيادة ، الحكومة والقوات الأمنية تستعرض قوتها في المنطقة الخضراء ، بينما الوقائع والأحداث في شوارع ومدن العراق تكشف عن خيبة ، كانت ابرز ملامحها فشل المؤسسة الأمنية في السيطرة على الأوضاع ، فقد عشنا السنوات الماضية في ظل نظرية امن المسؤول وحاشيته ، اما المواطن فله رب يحميه .
منذ مدة سألت احد السياسيين عن تفسيره للصمت الأمريكي تجاه ما يجري في العراق ؟ قال: إنه يعتقد إن الأمر أشبه بلغز، لايستطيع أحد حل رموزه.. فكرت في إجابته وراجعت تداعيات ما حدث، فوجدت أن الأمر اكبر من لعبة ألغاز يلعبها معنا ساكنو البيت الأبيض.. فأمريكا ما زالت ترى في ما يجري في العراق ، لعبة لا تحتاج سوى الى تغيير في الوجوه والأقنعة، وترى أن هذا منتهى ما يمكن الحصول عليه في دولة كانت من قبل تحلم بالقليل جدا من الديمقراطية.. فأمريكا تبذل جهدها من أجل هندسة النظام السياسي في العراق وفق شركة حكم قبلية يراها الساكنون في البيت الأبيض، منتهى التغيير وأقصى ما يحلم بـه العراقيون، بالمقابل حكومة الشراكة الوطنية ترى في الخطوة الأمريكية نموذجاً يجب أن يُقتدى به ، فقررت ان تغلق المنطقة الخضراء، وان تحيطها بسبعة سواتر خوفاً من عيون هذا الشعب الحاسد والحاقد.. فيما المقربون من رئيس مجلس الوزراء يوقدون الشموع كل عام احتفالا بطرد الأمريكان ، وعشنا خلال السنوات الماضية مع فصول من الاستعراضات كان ابرزها الهجوم " النووي " الذي شنه السيد حسين الشهرستاني ضد واشنطن وربيبتها إسرائيل لانهما تتآمران على المنطقة ، وسمعنا وقرأنا خطباً وأهازيج عن فشل مشروع بوش للشرق الأوسط الجديد بفضل يقظة الحكومة العراقية وصولتها صولة رجل واحد ضد أوباما وجنوده.
ولأن العديد من سياسيينا مقتنعون بأن الكذب جزء لا يتجزأ من الممارسة السياسية، لأنهم يعتقدون ان الناس تنسى بسرعة، وعندما تكتشف الكذبة، يسارعون إلى إلقاء كذبة جديدة وهكذا..فقد خرجوا بالأمس يتغنون بالاتفاقية الستراتيجية بين واشنطن وبغداد ، وكيف ان أوباما لن ينام الليلة حتى يحضن العراق بين ذراعيه ، فيما البعض منهم راح يرسم خارطة جديدة لعلاقة التحالف بين العراق وأمريكا.
وهكذا عشنا الأيام الماضية في ظل مسرحية جديدة اسمها " العودة الى حضن واشنطن " فيما العم أوباما لم يعط إجابة شافية عن موقف الإدارة الأمريكية من الأحداث هل سيظل متفرجا على ما يجري ؟ طبعا لا إجابة متوقعة منالرئيس الامريكي في ظل ارتباك لم يعد خافيًا بين أجنحة السلطة في البيت الأبيض . وبرغم أن هناك أسئلة تدور في كواليس أصحاب القرار الأمريكي من عينة: ماذا نعمل؟ إلا ان الواقع يؤكد ان الدائرة الضيقة من أصحاب القرار الأمريكي لم يعد يهمهم ما يجري في العراق، ما دام الجالس على كرسي الحكم يدير البلاد من خلال نظرية التحالف الستراتيجي وان يبقى كل في موقعه والاكتفاء بالخطب والبيانات.. حيث تتصور الإدارة الأمريكية ان هذا هو المبتغى والمنال عند العراقيين، وان كل شيء تمام، فالأمر أولا وأخيرا مجرد تجديد وجوه والإيحاء للناس البسطاء أننا أصبحنا بلــداً ديمقراطياً لمجرد أن صناديق الانتخابات وُزِّعت في المحافظات!
أيها الساسة لن تجدوا أوباما في العراق بعد الآن. الموجود رجلٌ خائفٌ ومتردد ، يتم ابتزازه بمنتهى البساطة، فيحزم حقائبه ويهرب ليغازل رئيسة وزراء النرويج!.
في العودة إلى أحضان أوباما
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
مواطن عراقي
بارك الله فيك اخي علي حسين، واود ان اضيف لما اشرت له في كتابتك ما قرأته اليوم في جريدة رأي اليوم علما بانني لست من المجبين جدا بالاستاذ عبد الباري عطوان، ولكن الحكمة تتطلب قراءة كل ما يدور حول الكارثة في العراق: الفشل في العراق عربي بالدرجة الاولى، مثلما