عراق 10 حزيران (يونيو) 2014 وما بعد، لا ينبغي أن يكون هو نفسه الذي كان في 9 حزيران وقبله .. سقوط ثانية المدن العراقية (الموصل) ومحافظتها في أيدي الجماعات المسلحة (داعش و4 – 5 منظمات أخرى بينها حزب البعث) بلمح البصر، وعدم مقاومة الجيش والقوات الأمنية، في ليلة 9/10 حزيران، هو حدث فاصل في تاريخ الدولة العراقية... هذا ما يتعيّن أن يكون، والا سندفع والأجيال اللاحقة ثمناً باهظاً.
ما حدث في تلك الليلة يُشبه كثيراً ما حدث في يوم 5 حزيران 1967 الذي تكشّفت فيه كل عورات النظام العربي الرسمي (القومي) وسوءاته، وكان إيذاناً بسقوط ذلك النظام ... مع انبلاج صبح العاشر من حزيران الحالي افتضحت كل عورات عمليتنا السياسية وسوءاتها، وهي لم تكن مستورة في الواقع، ولا مناص بالتالي من وضع هذه العملية بكل تفاصيلها في احد مكبّات القمامة التي تختنق بها الشوارع والدرابين والساحات في بغداد وسائر مدن البلاد.
الآن يجري تجييش الجيوش... الجيوش المهزومة وقياداتها، أو المخدوعة كما قيل، في الموصل وتكريت وغيرهما ومن قبل في الفلوجة، والجيش "الرديف" الذي لا نعرف كم سيحتاج الى التدريب والتأهيل ليصبح قادراً على النزول الى ساحات الوغى. ولكن ماذا بعد استعادة الموصل وتكريت والفلوجة والقضاء على (داعش) وشركائه، أو إزاحتهم الى ما وراء الحدود؟ هل نعود الى العملية السياسية المتعفنة بمحاصصاتها المدمرة وتوافقاتها اللعينة؟ هل يعود الجيش والقوى الأمنية الأخرى الى نمط التعامل السابق مع سكان المحافظات السُنية؟ .. هل تبقى الأسس غير الوطنية غير المهنية (الطائفية والقومية والحزبية والمناطقية والعشائرية والشخصية) التي بُنيت عليها مؤسساتنا العسكرية والأمنية قائمة كما لو ان هزيمةً عسكرية وسياسية ومعنوية لم تحصل في تلك الليلة الحزيرانية؟ .. هل تواصل الحكومة سياساتها الخاطئة ويتمسك القائمون عليها بعنادهم الأجوف؟ .. هل نستوزر الفاشلين ونعهد بإدارات الدولة من جديد الى الفاسدين؟
لا يمكن ولا ينبغي ولا يجوز أن يكون عراق 10 حزيران وما بعد، هو نفسه الذي كان قبل ذلك التاريخ، لأن ذلك سيعني إعادة إنتاج كل ما كنا عليه حتى الآن على نحو أكثر سوءاً.. سيعني ان العراق لن يعود عراقاً أو لن يكون عراقاً.
لابدّ ان تتغير وتتبدل أشياء كثيرة .. الدستور مستحق للتعديل منذ 2006 والآن لا مجال البتة لأي تأجيل لهذا الاستحقاق .. القوانين المركونة على الرفوف العالية لمجلس النواب لابدّ أن تُشرّع، بعد تعديل الدستور، وتعاد صياغة مشاريعها المقترحة لتتوافق مع التعديلات الدستورية .. مجلس النواب يجب أن يبدأ عمله فور مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات .. لا جلسة مفتوحة ولا أخرى مؤجلة. الحكومة يتعيّن أن يُعهد بتشكيلها الى شخصية مرموقة، بقدر عال من الخبرة والنزاهة والوطنية، وأن تُمنح هامشاً واسعاً من الحرية في اختيار الوزراء والمساعدين والمستشارين الذين لابدّ أن يكونوا في صورة رئيسهم.
أي سيناريو غير هذا السيناريو لعراق ما بعد 9 حزيران سيعني الدخول في نفق مظلم طويل، أوله حرب أهلية وآخره تفتيت.
عراق ما بعد 9 حزيران
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
وهابية١
أستاذي لكم تمنيت ان يحكم العراق العظيم عقلية كا عقليتك دمت بخير أستاذي
عبد الرحمن الجبوري
كل ما ذكرت يحتاج الى اجماع وطني جديد. توكلوا واطلقوا الدعوة للوطنين العراقيين للاجتماع ووضع مسوده خارطة الطريق الجديده لعراق مابعد نكسة الموصل
ابو سجاد
العراق سيتغير ولكن نحو الاسواْ ستتعز في المستقبل الطائفية اكثر والقومية والحزبية والمناطقية والعشائرية والانا لسبب بسيط ان الوجوه الكالحة ماتسمى القيادات السياسية هي نفسها التي تتسيد المشهد العراقي لاتغيير نحو الاحسن يااستاذ عدنان لان ولاء هؤلاء اللاسياس