اعتدنا أن يكون السقوط أمراً طبيعياً في كل مجالات الحياة لكن عندما يسقط البطل يكون الأمر مختلفاً ، خصوصاً وإننا تعودنا أن نراه في المقدمة ومنذ فترة طويلة لكنه انهار تماماً في ليلة غاب فيها ضوء القمر وتعالت أصوات المنتقدين لذلك الانهيار المفاجئ الذي كان بمثابة الصدمة التي سمع دويها في كل أرجاء المعمورة.
الماتادور الاسباني سقط بمحظ إرادته بعد أن دارت رحى المنازلة أمام الطواحين الحمر التي تفنن أصحابها بطرق مرماه وزيارة شباكه بعد أداء من طرف واحد لا يمت للمنتخب الاسباني بطل العالم ومتصدر لائحة منتخبات العالم في التصنيف الدولي للسنوات الماضية حتى الآن ليعلن أمام الملأ انه ليس الفريق الذي لا يقهر وانه ليس الذي يضم خيرة لاعبي العالم الذين يعدون خليطاً متجانساً من فريقي برشلونة وريال مدريد الاسبانيين ممن أمتعوا العالم وأبهروا محبيهم بفنون الكرة خلال منافسات الليغا الاسباني لاسيما للسنوات الأخيرة على اقل تقدير.
ارتفعت الرايات الحُمر في ملعب أرينا فوني نوفا هناك في البرازيل لتعلن تفوق الطواحين التي ضربت دفاعات الأسبان لتزلزل الأرض تحت أقدامهم بعد أن تقدموا بهدف السبق الذي جعل العالم كله يقتنع بتفوق البطل لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر ليجعل من الثور الاسباني ضحية لا تقوى على النهوض أمام ضربات مبرحة من جميع الجوانب جعلت من لوحة التسجيل تخضع إلى التغيير خلال بضع دقائق جراء قلب النتيجة رأساً على عقب لاسيما إن من رد على الأسبان هو الساحر فان بيرسي الذي رمى بكل جسمه وبطريقة (الدايف) لدك مرمى العجوز كاسياس الذي رفع الراية البيضاء من أول هدف بعد ظهوره عاجزاً عن الرد ولم يكلف نفسه سوى فقط بالنظر إلى الكرة وهي تعانق شباكه ليأتي دور الكبير روبن الذي كان بمفرده بمثابة فريقا كاملاً من خلال تحركاته الماكرة التي خدعت 11 لاعباً ليزور شباكهم مرتين فيما عاد فان بيرسي ليضع اسمه مجدداً على لوحة التسجيل وهو يسجل هدفاً ثانياً لمنتخب هولندا بعد أن وضع اللاعب دي فريج اسمه في لوحة التسجيل لتعلن وضع حد للاسبان في ليلة الانتقام التي أقدم عليها لاعبو هولندا .
هكذا كانت مباراة من طرف واحد صال وجال فيها لاعبو منتخب هولندا كيفما اتفق ليفرضوا أنفسهم منافسين أشداء على إحراز اللقب الذي لم يكن سهلاً كون المنافسة لازالت ضارية ليستخلص البطل اللقب من أتون المنازلة الصعبة وسط جلبة وهوس وصخب الحدث الكبير الذي ينتظره العالم كل أربع سنوات.
هكذا هي كرة القدم مجنونة لا تعترف بصديق أو رفيق، بل أنها تعطي لمن يعطيها لتجعل من تكبّر البطل عبرة لمن يعتبر ليندب محبيه حظهم العاثر خصوصا ان ربان سفينتهم دل بوسكي لازال يعيش في غيبوبة تامة أثر تلك الزوبعة القاتلة لتبقى بعض الخشاشة في جسده الذي يعد خاوياً من هول الضربة التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر الجمل ، فلا ندري ما سيفعله ذلك العجوز في قادم الأيام وهو يترنح بفريقه في ذيل المجموعة الثانية ممنياً نفسه بفوزين على منتخبي شيلي واستراليا يرد بهما ماء وجهه ومن ثم العودة إلى أجواء المنافسة بعد الاستفاقة من تلك الصدمة التي صدعت رأسه كما كانت مدوية لجميع أنصار هذا الفريق العريق التي كانت بمثابة جرس الإنذار له ليعيد النظر في وضعه الفني قبل فوات الأوان.
ليلة سقوط البطل
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2014: 09:01 م