TOP

جريدة المدى > عام > بيت الشعر العراقي.. قصائد الأطفال تبني الحياة

بيت الشعر العراقي.. قصائد الأطفال تبني الحياة

نشر في: 16 يونيو, 2014: 09:01 م

أن تبتكر مساحةً للحياة وسط الضجيج وتقترح فسحةً للأمل تكون قد منحتَ وطناً تتناهبه الأهواء فرصةً ليعيش وقتاً يبدو نادراً في تأمل راهنه والنظر إلى مستقبله، وهي الفسحة التي اقترحها بيتُ الشعر العراقي عبر إيمانه بقيمة ما يؤديه من دور يتعدّى أحياناً حدوده

أن تبتكر مساحةً للحياة وسط الضجيج وتقترح فسحةً للأمل تكون قد منحتَ وطناً تتناهبه الأهواء فرصةً ليعيش وقتاً يبدو نادراً في تأمل راهنه والنظر إلى مستقبله، وهي الفسحة التي اقترحها بيتُ الشعر العراقي عبر إيمانه بقيمة ما يؤديه من دور يتعدّى أحياناً حدوده المرسومة نحو أفق أوسع، ويتجاوز أطر الفعاليات الثقافية المعروفة، ليقترب من جوهر الشعر، مهمته الأساس ودوره الأجمل عبر منح الطفولة فرصة للتعبير عن وجهٍ آخر من وجوه الثقافة العراقية غير حاضر في مشهدنا المشغول بفعاليات معظمها غير ذي قيمة، لا يخلّف أثراً في الثقافة والحياة ولا يترك صدى.
إن توجه بيت الشعر لاقتراح مسابقة قصائد الأطفال في دورتها الأولى 2013 ـ 2014 خطوة واسعة في اقتراح الشعر جسراً بين البيت والأسرة العراقية، وهي مهمة تكتنفها الصعوبة أمام تراجع الأدوار الأساسية للمدرسة في رعاية المواهب في مراحلها المبكرة والاهتمام ببناء شخصية الطفل بعيداً عن مهمات الحفظ والتلقين التي تنشغل فيها معظم مدارسنا انشغالاً غابت معه أو تراجعت دروسٌ مهمةٌ مثل الرسم والرياضة، وأصبحت أنشطة المواهب الفنية المختلفة مثل الموسيقى والمسرح من ذكريات ماضٍ مدرسي بعيد، لتبدو مهمة بيت الشعر العراقي أشدّ صعوبة وهو يحاول أن يستعيد بعضاً من عوالم الطفل عبر القصيدة واللوحة، ويمنح الطفل وأسرته فسحةً للحلم في وقت تبدو فيه أحلام العراقيين وأمنياتهم أكثر ضيقاً من مجرى حياتهم. إن المهمة لن تكتمل مع نجاح الدورة الأولى للمسابقة وإصدار كتاب يستحق الكثير من التأمل والاحتفاء بعنوان (نبض الكتابة) يضم قصائد الأطفال المشاركين ورسوماتهم، بل بإعلان المسابقة نشاطاً سنوياً يمكن من خلاله تأسيس تقاليد جديدة للبيت والمسابقة يكون للطفل فيها موقعه ومساحة أحلامه التي ستمتد وتتسع من دورة إلى أخرى. الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب لاشك، لكنها مع تفهّم الجهات الداعمة، مؤسسات وأفراداً، وتقديرها لأهمية الفعالية، واستجابة الأطفال المشاركين من مختلف محافظات العراق، ونجاح احتفالية إعلان النتائج، وتوزيع كتاب المسابقة، الأثر الأجمل والوثيقة الأهم، تكون قد خطت خطوة مؤثرة في حقل له من السعة والخصوبة والجمال ما يدعونا لنكون مسهمين فاعلين في الدورة الثانية، ثمة أمل ينتظر أن يتحقق على نحو أوسع، وأكثر من قصيدة طفل تترقب أن ترتسم على سماء حياتنا، إذ يمنحنا بيت الشعر العراقي عبر مسابقته، مثلما يمنح أبناءنا، فرصة للتعبير عن الحياة والاحتفاء بها، ويهدينا وقتاً لرؤية أحلامنا تتفتح مع كلِّ قصيدة وتضيء مع كلِّ لوحة، فقصيدة الطفل نافذتنا لحياة نحاور فيها الفراشة ونسمع صوت النجوم، نحلم بالكواكب البعيدة وسكّانها الذين سنتعلم معهم معنى الصداقة والعمل الدؤوب وقيمة الأمل. ذلك ما كتبته قصيدة عبد الحق فاضل حسين من محافظة نينوى، وقد قطفت الجائزة الأولى، وهي تحدّثنا عن ( الاصرار على العمل):
"من نملةٍ صغيرةٍ
تكنسها الريحُ إذا هبّت
أو إذا ثار الغبار
تعلّم القائد المهزوم
درساً اسمه الاصرار
لأنها تحاول..
تحاول
دون أن تملَّ
حتى يضجر التكرار"
إنها القصيدة التي حدّثتنا عن طفولة عراقيّة تراقب العالم من حولها وترسم أحلامها شعراً. مثلما كتبت دانية صدوق أبو طالب من بغداد معجزتها الصغيرة قصيدةً بعنوان (المستقبل)، قطفت الجائزة الثالثة، معبّرة عن وعد طفولةٍ يسمو مع الحياة:
"سأتقدّم إلى الأمام
لن أنظر إلى الخلف
سأرى مستقبلي
أمامي..
وأضع أخطائي خلفي"
ولنا أن نتحدث عن اللوحات المصاحبة للقصائد وقد قدّمت رؤية مضافة من رؤى الطفولة وهي تشرق بالحرف واللون راسمةً حياة تستحق أن تُكتب من أجلها القصائد وتدوّن الأحلام. مع مسابقة قصائد الأطفال نواصل أملنا بوطن آمن، حر، كريم، يأخذ بأيدينا لمستقبل نسهم جميعاً ببنائه، فلا مستقبل من دون حلم، ولا حلم من دون قصيدة مزهرة، ذلك ما قالته قصائد الأطفال وما جسدته رسوماتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو
عام

السماء ليست حدودًا: قصة هوارد هيوز وجان هارلو

علي بدرفي مدينة تتلألأ أنوارها كما لو أنها ترفض النوم، وفي زمن حيث كانت النجومية فيها تعني الخلود، ولدت واحدة من أغرب وأعنف قصص الحب التي عرفتها هوليوود. هناك، في المكاتب الفاخرة واستوديوهات السينما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram