TOP

جريدة المدى > مسرح > "شباب مخرجون" -1-

"شباب مخرجون" -1-

نشر في: 16 يونيو, 2014: 09:01 م

تمتاز عروض التخرج في كلية الفنون الجميلة بصفات خاصة تتعلق بالمستقبل المهني الإبداعي للمتخرجين وهي بمثابة العتبة الحاسمة في فرز من اعد للفن المسرحي، بموهبتهِ وتحصيله العلمي ومثابرته الحقيقية في تقديم مهارة ادائية واضحة غير ملتبسة، ترشحه لان يكون من بي

تمتاز عروض التخرج في كلية الفنون الجميلة بصفات خاصة تتعلق بالمستقبل المهني الإبداعي للمتخرجين وهي بمثابة العتبة الحاسمة في فرز من اعد للفن المسرحي، بموهبتهِ وتحصيله العلمي ومثابرته الحقيقية في تقديم مهارة ادائية واضحة غير ملتبسة، ترشحه لان يكون من بين فناني المستقبل الثقاةـ خلافاً لسواهم، ممن لم يحوزوا على ثقة الجمهور، وتكاد تكون قدراتهم بالمستوى الأدنى، وغير المقنع وعدم تمتعهم بكارزما القيادة الفنية ، والوعي الحاذق، والانفعال الوجداني، وعجزهم عن ابتكار عوالم من خلال صور فنية متماسكة تمثل مادة ابداعية حقيقية غير زائفة، في أساليبهم الشكلية الصانعة لخطاب مسرحي مؤثر ومحدث.
في مهرجان المسرح لهذا العام ، تباينت مستويات الإخراج في استقطاب عناصر العرض المسرحي المتكامل وجاءت العروض على الشكل الاتي :-

عرض "عبث"
للمخرج شوقي فريد
اقترح علينا العرض ان نواجه جدران مسرحية ( بارتشنات ) حافلة برسوم وتخطيطات لأجزاء بشرية من رؤوس , وسيقان , وأيدٍ حين تنفتح هذه الجدران الى الجوانب , نكون في قبالة خلفية سوداء (السايك ) يخرج من أسفلها ضوء أحمر , عبر ممر يجوزه الممثل ليصل الى تمثالين , احدهما لشكسبير حيث يمثله ( هاملت ) والآخر لسوفوكلس ويمثله ( اوديب ) , ويخوض الممثلان معركة لتهشيم الغلاف الجبسي , وينهالان بالعصي على الشخص القابع خلف كل تمثال منهما اي : شكسبير الحي , وسوفوكلس الحي ايضاً وهو تصعيد لمشاعر الشباب في التمرد على البطرياركية " الأبوية " التي تحكمت بإرادة الأبناء , وصنعت قدراً مهيمنا طاغيا يخنق حرية الصنيع من قبل صانعه , كان العرض يبحث عن لغته الفنية بمحاولة لا ينقصها الإقناع.

"عرض الذاكرة" الفيض صباح
في لعبة شفافة يلعب اثنان كرة الطائرة بالبالون تتوسطها شبكة , وكرة بيضاء مرسومة على قماش الخلفية الأسود , وتنثال الحوارات بين اللاعبين , ويتصارعان لاختلاف وجهات النظر فيما يخص الذاكرة , والعيش الآني والتدمير الذي سببته عسكرة المجتمع والغربة والاعتقال والإذلال الروحي والجسدي وهما يرتكسان في الحنين الى الطفولة , وحضن الأم , الرحم الاول الذي دشّنا فيه الأمن والاطمئنان بعد ان افقدتهم السلطة الجائرة في زمن الحروب مثل هذا الهدوء والسلام . يرقصان تارة , ويغني احدهما تارة اخرى , ولتعميق الجانب البصري تنزلق كرات زجاجية صغيرة من أكياس يحملونها والآخر يركب دراجة هوائية , والجو العام مشبع باللون البنفسجي , ثمة مصابيح ثلاثة متراصة , يليها مصباحان باللون البنفسجي نفسه , ثيمة العرض تدور عن صراع الجسد والذاكرة , وصبوات يكابدها البطلان ينسف شعريتها احياناً الصراخ المضاد للياقة الجسدية المرنة والناعمة.

في انتظار غودو
أمجاد يونس العمل معد عن بكيت من قبل (مثال غازي ) , يجلس احدهم قبالة الجمهور , ويدير مقود سيارة وهميا , ثم يقتحم هذه السيارة الوهمية المفترضة رجل غريب بشعر كث وجسم ممتلئ, يهذيان بحوارات لاهثة متقطعة , ينزلان من السيارة بأسلوب إيمائي ( بسيط ) ثم يذهب بهم الهوى الى خلق مطاردة وهمية – ايضاً – بينهما , واحدهما يزاحم الآخر في خلفية المشهد السوداء , تظهر أوراق ملصقة محروقة , هل هي كل ما تبقى في خزين الذاكرة ؟! هل هي كناية عن انسلاخ الزمن عن الكينونات البشرية الغارقة في اللا معقول والعبث وسخف العالم ؟ كائنان بلا وحده شخصية بل من نتف وأشلاء في نسق ممزق , لا تعرف فيه بداية الفعل البشري من نهايته في وجود عدواني .
خلق المخرج هذه الأجواء بقدرات واعدة .
"النهاية" مصطفى احمد مكي
مثل قلعة سوداء يحتل الخلفية عمود قائم , هيكل عظمي يتدلى وآخر على الارض يخرج من اسفل العمود ( لير ) الملك زاحفاً بملابس سوداء , ثم تدخل ممثلة دور دزدمونة , ليظهر العملاق ( عطيل ) وهو يتشمم عطر منديل دزدمونة , ثم يطارد الممثلة , حتى يصل بهم الدوار الى هاملت الباحث عن الخلاص مثلهم لكنهم لا يجدون ملاذهم سوى بالتنكر , تحت اغطية بيضاء التي ينزعونها لتظهر ملابسهم السوداء , مع رهط من ممثلات شقراوات , يتحوطن البطل ويتمسحن بملابسه هنا يقوم التساؤل حول مغزى الجمع بين جنون لير وغيرة عطيل , ودور هاملت وتدليل المنديل ,وما تمثله الهواجس الذاتية المجنونة لكل منهما في البحث عن جواب خائب , لأسئلة مريضة تتعلق بالنزوات البشرية , ونرجسية الذات المضطربة بين عطيل الغيور , ولير الخرف الباحث عن مديح زائف من بناته اللاتي نجحن في استغفاله ,فأثاب الكاذب , وجار على ابنته كورديليا , الأكثر صدقا وإخلاصا لأبيها .
برزت قدرة المخرج في توزيع محاور حركة الممثل , والضوء .
ومع كل ذلك الاكتفاء بالمفردات التي تشكل العرض المسرحي المابعد حداثي إلا أن (نك كاي) يخلص إلى " أن أي تعريف لمابعد الحداثة لايمكن ان يقوم على رصد مجموعة من الصور والأشكال المحددة الخاصة بها، وذلك لان مابعد الحداثة لاتتواجد إلا كنشاط هدام يسعى إلى خلخلة وتقويض نفس الشروط والمبادئ التي نتوهم انها تنهض عليها " ، ويشير (ليوتار) في معرض حديثه عن الحداثة بوصفها " خطابا شارحا يمثل إطاره المرجعي، أي من خلال الاستناد إلى نظرية عامة مثل نظرية جدلية الروح ، أو هرمانيوطيقا المعنى، أو تحرير الذات العاقلة أو الفاعلة ، أو قصة خلود الثروة ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram