من الأسماء التي لفتت الانتباه اليها كتجارب متميزة في المسرح العراقي تجربة المخرج (ابراهيم حنون) الذي اطل علينا في اكثـر من عمل مسرحي منها (فريق الجنرالات) و(الموت والعذراء) و(جزيرة الماعز) و(استيلاء) وغيرها .الفنان ابراهيم حنون منفتح على كل الأساليب
من الأسماء التي لفتت الانتباه اليها كتجارب متميزة في المسرح العراقي
تجربة المخرج (ابراهيم حنون) الذي اطل علينا في اكثـر من عمل مسرحي منها (فريق الجنرالات) و(الموت والعذراء) و(جزيرة الماعز) و(استيلاء) وغيرها .
الفنان ابراهيم حنون منفتح على كل الأساليب المسرحية المتطلعة الى كل ما هو جديد في المسرح.. ونهل من جميع التجارب التي جعلت من المسرح صورة حية وباقية .. كما استفاد من تجارب عراقية مثل تجارب ابراهيم جلال وصلاح القصب وعوني كرومي وشفيق المهدي وسامي عبد الحميد وعقيل مهدي وناجي عبد الامير .. همه الاساس في العمل هو البحث عن مسرح ذي فعل بحيث يغير ويتخلص من سكونيته.. ويتطلع الى التنويع .. وهذا يدفع بالمخرج الى التنافس المحموم لإيصال تصوراته الى المتلقي على نحو متميز .
كما يميل ابراهيم الى النصوص العالمية بدليل ان معظم ماقدمه كان معدا من اعمال عالمية لكن ذلك لا يمنع من سعيه الى تقديم عمل عراقي يزيح ماهو تقليدي من اغراق في السرد.
مخرج منفذ من الصغر
• المخرج ابراهيم حنون كان ضيفا علينا فجاء هذا الحوار معه .. قلت له لماذا اتجهت الى الاخراج المسرحي؟
- منذ كنت في المدرسة ومراكز الشباب وفكرة المغامرات ومحاولات التفرد لدي كانت حافزا.. منذ البدء حاولت ايجاد فهم في تشكيل العلاقات وايجاد مسوغات لإقامة عروض تشبع نزوعي المبكر نحو الاخراج. وعند دراستي في كلية الفنون تلقيت معارفي من اهم اساتذة المسرح ممن لهم بصمة واضحة في المنجز المسرحي العراقي وفككت الاشتباك الحداثوي مع التقليد .. وقدموا تنظيرات وعروضا أسهمت في تفاعلي مع منجزهم واسعى لإكمال مسيرتهم أمثال د. صلاح القصب ود. عقيل مهدي ود. شفيق المهدي ود.فاضل خليل ود. عوني كرومي ...
هؤلاء مهدوا لظهور جيل اخر انطلق بأساليب مستفيدا من ارث هؤلاء في صناعة عروضه وصياغة عوالم ورؤى وبيئات وتوليد علاقات وتحرير جسد وتوظيف فضاءات وسرد التماعات ومشاكسة وإبهار ودهشة وتلازم ذلك مع خطاب بعيد مع المتلقي إعادة الإنتاج ثانية ويسهم في إيجاد علاقة عضوية مع الناس وتجذير الخطاب المسرحي في الواقع وإحالته الى جمل فنية مع المتلقي.
مشاكل المسرح
• كيف تنظر الى المسرح العراقي اليوم ؟
- المسرح العراقي ارث كبير .. وعاني من هزات وانفعالات لايمكن فصلها عن الواقع اليائس والمتغيرات لكنه عمق خطابه الفني منذ عقود طويلة وشكل حضوره الفاعل في عقل المتفرج ووظف العلاقة بين جمهوره ونزوعه وتوقه الى الجديد.. وقد نجح في تحقيق التفاعلية ، والمسرح بعد التغير نجد ان فيه نشاطا محموما لاعادة المسرح الى ثأثيره بالرغم مما اصاب الثقافة العراقية من انهيار في البنى التحتية ومغادرة اغلب مسرحيي الثمانينات الى الخارج جراء تدهور الاوضاع الامنية، لكننا اليوم نجد دافعا واضحا لتقديم عروض متواصلة مع الجمهور واستعادت العروض المسائية عافيتها من خلال عروض مؤثرة ومهمة, وحصول مسرحنا على جوائز رفيعة كما في مهرجان القاهرة التجربيي . لكن ابرز المشاكل في مسرح اليوم هي وجود مسرح واحد هو المسرح الوطني لتقديم العروض المسرحية .. وعدم استئناف الفرق المسرحية الاهلية لنشاطها الفني بسبب ظروفها الصعبة على صعيد التمويل والمكان وبقاء دائرة السينما والمسرح هي المكان الوحيد لرعاية النشاط المسرحي في العراق .. والظروف الصعبة التي تعيشها كلية الفنون ما يحد من استعادة دورها في رفد الحركة المسرحية وغياب الدعم الحكومي للنشاط المسرحي.
• هل تؤيد من يقول ان هناك أزمة في مسرحنا ، وما الحل باعتقادك؟
- هناك اشكاليات عديدة على صعيد النص والعروض والممثل والسينوغرافيا ، فالنص المحلي بقي في دائرة ضيقة ولم يقرأ المراحل التي مر بها العراق . هناك قليلون ممن يهتمون بثقافة العروض كما بقي النص يتأرجح بين الخطاب المباشر والنص الحلمي.
الكابوس الهذياني لم يتجذر بالوصول مع المشتغلين من مخرج وممثل بالسماح بالاشتغال على مناطق متاحة للنص الاجنبي . بالنسبة للممثل هناك غياب الورش وثقافة التمرين الطويل والتخلص من الكلايش الادائية والابتعاد عن الأداء المهاري والتركيز على توظيف الأداء في منح العروض للأداء السلس العصي على الممثل الذي لم يثقف روحه وجسده ويتدخل في صناعة مفاهيم العرض ، اما المخرج فقد بقى أسيرا للملابسات الفكرية والجهوزية والمألوفة ولم يسع للكشف والمغايرة ومشاكسة كل مامدرك ، وضعف الملازمة لاشكال ومضامين ونفور البعض عن الاخر ، والبحث عن فضاءات جديدة والخروج من هيمنة العلمية المسرحية والذهاب الى مناطق جديدة للاشتغال عن مكان توظيف طقوس ومكانات مسكوت عنها .
• هل تميل الى اخراج النص المحلي ام العالمي ، ولماذا ؟
- اغلب ماقدمته كان نصوصا عالمية ( المهندس والإمبراطور ) و ( الزنوج) في كلية الفنون و(فريق الجنرالات) و (الموت والعذراء) و( جزيرة الماعز) للفرقة القومية للتمثيل ، واعتقد ان النص الاجنبي فيه حثيثات وآليات وصناعة مشهدية ، وله مساحة للتأويل والمشاركة وعناصر متاحة لمألوفية الخطاب وقدرته على تنضيج الخطاب الفكري ، فالخطاب الانساني مشترك وملك للانسانية في كل زمان ومكان واجد فيه تألقا وحميمية اذا ما قدم بطريقة تشكل مقاربة بما نمر به قدرته على تصوير دقائق النفس وماتحمله من نوازع ودوافع .
اما النص المحلي فأنا أسعى لتقديم نصوص محلية تزيح ماهو تقليدي من انحراف في السرد وقدرته على ضخ الرموز والتكيف مع المتغير العراقي وجرأته في طرح اشكالية الواقع العراقي بصدق وجمالية
تتجاوز المشاكل
• الى أية مدرسة فنية تميل في المسرح ؟
- على المخرج ان ينفتح على كل الاساليب والاتجاهات والاستفادة من التجارب المتطلعة الى الجديد ، وارى انني استفدت من الموجات الجديدة في العالم من المخرجين مثل ارتو وبيتر بروك وبرخيت وكروتونسكي ومايرهولد واولن وغيرهم ممن جعلوا من المسرح فنا باقيا وحيا ومؤثرا ، كما استفدت من المسرح العراقي من تجارب ابراهيم جلال وصلاح القصب وعوني كرومي وشفيق المهدي وسامي عبد الحميد وعقيل مهدي وناجي عبد الامير ومخرجي جيل الباحثين عن مسرح ذي فعل بحثي يغير ويتخلص من سكونيته ويتطلع الى التنوع ، وهذا يجعل المخرج في تنافس محموم لايصال تصوراته في التقديم والتميز والبقاء .
• هل انصفك النقد المسرحي في اعمالك؟
- هناك نوعان من النقود المسرحية التي رافقت مسرحياتي منها نقود انطباعية تعبر عن وجهات نظر شخصية مرتبطة بذائقة لاتستند الى المعايير ، وهناك نقود فاعلة تصور وتضيء وتلهم العرض المسرحي اشياء جديدة وتعمل على تفكيك ومناقشة اشكالية العرض ورصد التماعاته وتقويم هناته واعادة ( مع المتلقي ) قراءته واستبصار
منجزه بنظرة هادئة وغير منحازة.
• يقال ان جيلكم او جيل الشباب عامة غير مهتم بتجارب رواد المسرح؟
- التراتيبية التاريخية وصعود تيارات وخفوت اخرى واضمحلال خطاب وجمود خطاب اخر واستبدال قيم لتصورات مرحلة ونهوض مفاهيم اخرى, كل هذا يدعو الى ان التعاطي مع التعاقب التاريخي يخلق الاجيال ، وتظهر الاستفادة الواضحة لتلك الأجيال من كل الفترات التأريخية ، لانقول هو صراع الجديد مع القديم بل صراع مع الكيفية .
واقول ان الحداثويين في السابق اكثر التماعا واكثر مغامرة ، ويبقى الانحياز للجد والنوعية والتأثير .