بدون أي شكل من أشكال التنسيق، ومن غير أن يتلقى الأردن أية توضيحات، بدأ الجيش العراقي الانسحاب من مناطق حدودية بين الجانبين، وخصوصاً من المثلث الأردني العراقي السوري، التي تضم راوة وعانة والقائم وكبيسة، صحيح أن هذه الانسحابات شأن يخص العراقيين، لكن طبيعة ما يجري في المنطقة، كانت تستدعي التوضيح إن كانت الخطوة تكتيكاً عسكرياً، أو إعادة انتشار أو غير ذلك، المهم هنا أن يظل الجيش الأردني كما هو الآن موجوداً ويقظاً، رغم تعاظم الأعباء الأمنية، إن أخذنا بالاعتبار الأعباء المترتبة من استمرار الأزمة السورية، حيث يقوم حرس الحدود بحماية حدود البلدين.
حتى اللحظة ظلت الحدود بين الأردن والعراق مفتوحة، ولم تشهد حالات نزوح باتجاه الأردن، فيما الصورة غائمة وضبابية بشأن ما يجري في العراق، فيما تتخبط إدارة أوباما في شكل تدخلها لإنقاذ دولة العراق وجيشها الجديد المسلح بأحدث الأسلحة الأمريكية، يقول أوباما إنه سيستشير الكونغرس قبل اتخاذ أية خطوات مستقبلية، وهو يرفض أي احتمال بإرسال جنود امريكيين إلى العراق، لأن إدارته ترفض خيار الحرب، إلا في حال وجود تهديد حقيقي ومباشر للأمن القومي الأمريكي.
ثمة من يقول إن إدارة أوباما تماطل في اتخاذ أية قرارات، لرغبتها في دراسة أشمل للوضع، تأخذ بعين الاعتبار انعدام ثقتها بحكومة المالكي "الطائفية"، وثقتها بأنها السبب الرئيس في عدم الاستقرار، الناجم عن عدم إشراك المكون السنّي في الحكم، إضافة لانعدام الثقة بقدرة المالكي على الحفاظ على مقومات الدولة، بسبب سياسته الطائفية التي كانت السبب المباشر في وصول القاعدة إلى شمال العراق، ما نجم عنه وضع خطير جداً، يهدد وجود العراق كدولة متماسكة ومستقلة.
أردنياً يطرح انسحاب الجيش العراقي من الحدود مع الأردن على عمّان، مهمة حماية تلك الحدود من تسلل المسلحين والإرهابيين، منه وإليه، ومواجهة وضعه الداخلي المرتبك، جرّاء تحالف الإخوان المسلمين مع أيتام البعثيين المبتهجين "بانتصارات" داعش، إضافة لتحديات النشاط المحتمل للخلايا السلفية الجهادية المتنامية، وهل ستكون وجهتها نحو بلاد الرافدين، أم أنها ستكون بندقية جاهزة للإطلاق، تلبية لدعوة بناء الدولة الإسلامية في العراق والشام، والأردن جزء من تلك البلاد، وهل يظل هؤلاء هادئين، فيما الحدود أمامهم شبه مفتوحة صوب ساحات الجهاد، بينما يبدو أن الحلفاء التقليديين للأردن، منشغلون عنه وعن مصيره بأحداث أكثر سخونة تجتاح الإقليم.ليس سراً أن عمان كانت أقامت علاقات وثيقة مع قبائل الأنبار والبعثيين وضباط الجيش العراقي السابق، وكذلك مع حارث الضاري وإسلامييه، لكن ذلك لم يمنع متطرفي القاعدة تحديداً، من التشبث بالعداء للنظام الأردني، وهو ما نشهده اليوم عند الداعشيين، ومنهم أردنيون يتوعدون بتحطيم نظام الحكم الهاشمي بـأطنان من المتفجرات، ويبشرون بالذبح، حتى في مدينة معان الجنوبية، حيث يستغلون أية مناسبة لرفع راياتهم السود، ذلك كله يطرح سؤالاً عن مدى معرفة الأمن الأردني بخفايا داعش، خصوصاً في مستوياتها القيادية، ولعل ذلك ما يدفع عمان للأمل بهزيمتها على الساحة العراقية، ولو استدعى ذلك قدراً من التعاون مع حكومة المالكي، وحتى مع إيران التي كانت عند الحكم الهاشمي راعية الهلال الشيعي المرفوض، علماً بأن العلاقات مع المالكي شهدت تطوراً خلال العامين الماضيين، أسفر عن تعهده بتنفيذ مشروع مدّ أنبوب نفطي من البصرة إلى ميناء العقبة، وفائدته للأردن كبيرة ومطلوبة.
أعباء أمنيّة مضافة للأعباء السياسية، على عمان مواجهتها للحفاظ على ما تبقى من آثار الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين.
الأردن.. أعباء أمنيّة جديدة
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2014: 09:01 م