أمس اتصلت بي فضائية "العربية الحدث" لتستطلع رأيي في آخر تطورات الحدث العراقي الصادم المتواصل منذ أسبوع، وأعني به اجتياح (داعش) وسواها المدن الرئيسة في محافظتي نينوى وصلاح الدين وبعض مناطق كركوك وديالى والهجوم المضاد من جانب القوات المسلحة التي تعرضت مكانتها في النفوس لهزة عالية الدرجات على مقياس المهنية العسكرية والوطنية.
التقرير الذي أريد لي أن اعلّق عليه احتوى على معلومات مغلوطة ومبالغ بها، ومنها مثلاً ان "ثوار العشائر" يتقدمون نحو بغداد، وان اشتباكات تجري في الضواحي الغربية للعاصمة، فيما يتعرض مطار بغداد الدولي لهجمات، ما أوحي لي كما لو ان بغداد في حال حرب.
في الحال نبّهت المذيعة الى ان المعلومات المبثوثة غير صحيحة في الغالب، وهذا ناجم عن اعتمادهم على مصدر واحد يتعمد التهويل والكذب.
لم أنس أن أوجه لوماً الى سياسة الحكومة في التضييق على العمل الاعلامي، وبخاصة العربي، فقد أُرغمت طواقم قنوات فضائية عربية، بينها "العربية" على اعلان استقالتها ووقف تعاملها مع القناة، فيما جرى انذار قنوات أخرى بالاغلاق ما لم "تعدّل سياستها"..
التعامل مع الإعلام ووسائله بهذه الطريقة خاطئ تماماً.. منع وسيلة اعلامية من العمل في دولة ما يلحق ضرراً بهذه الدولة أكثر مما يضرّ بالوسيلة الاعلامية.. الوسيلة الاعلامية تستطيع أن تتدبر أمرها بصورة من الصور، ولدينا امثلة: اغلاق مكاتب قناة البغدادية في بغداد والمدن الأخرى لم يَحُلْ دون تقديم القناة التي لها مكاتب رئيسة وفرعية في دول أخرى، تقارير عن العراق. كما ان حظر طباعة صحيفة "الشرق الاوسط" في بغداد، لم يمنع وصولها الى قرائها في العراق عن طرق الإنترنت.
والان فبمنعنا قناة "العربية" وشقيقتها "العربية الحدث" من العمل في البلاد دفعنا بهما ليكونا عرضة للاعتماد على معلومات (داعش) والتنظيمات المسلحة الأخرى التي تشارك في العدوان الحالي.
أفضل وأنجع طريقة لمواجهة الدعاية المضادة هي بفتح الابواب أمام الإعلام، محلياً كان أم خارجياً، وعدم الخوف منه وعدم التعامل معه على انه عدو متربص... وأفضل وأنجع أسلوب لرد الدعاية المضادة هو بعرض الحقيقة على الاعلاميين .. اي نقص في المعلومات سيتيح المجال للتأويل والتهويل. والدعاية المضادة تُواجه أيضاً بإعلام محلي قوي. وقوة الإعلام المحلي ليس في موالاة الحكومة حقاً وباطلاً وليس بـ "الهوسات" كما تفعل شبكة الإعلام العراقي الحكومية الآن.. على غرار ما كانت تفعله وزارة إعلام صدام.
الليلة قبل الماضية بدا رئيس الحكومة السيد نوري المالكي محتدّاً للغاية وهو يتحدث عن قانون السلامة الوطنية وما يتضمنه من صلاحيات يمكن أن تمنحه (المالكي) سلطات غاشمة حتى تجاه وسائل الإعلام .. مهلاً سيدي.. خفف الوطء، فالإعلام بالذات لا يُعامل بهذه اللهجة المعبرة عن سياسة ضيقة الأفق .. انه يُعامل كما تُعامل الزوجة عالية التعليم وليست الزوجة الأمية التي لا تعرف حقوقها ولا سلاح لديها للدفاع عن هذه الحقوق... الإعلام لا يُحاصر ولا يُسجن، لأنه مثل ماء المطر ما أن يُحبس حتى يبحث له عن مسارب .. وهذه يمكن أن تكون مؤذية ومدمرة.
الحكومة والإعلام
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عطا عباس
عزيزي عدنان ... استمعت الى تهديد السيد المالكي ووعده ووعيده قبل ايام ، لم يستثن الرجل وسيلة اعلام : صحافة ،فضائيات و مواقع تواصل اجتماعي ! وكأننا ( بكمرة وربيع ) وان الذي حصل من فضيحة وهزيمة في الموصل وتكريت والرمادي هي بسبب المسكينين ( الفيس بوك وتويتر )