اثار الأداء المتواضع الذي قدمه قائدا منتخبي البرتغال رونالدو والأرجنتين ميسي جدلاً في الأوساط الاعلامية والجماهيرية التي رأت انهما كانا خارج التغطية المؤثرة لمنتخبي بلادهما امام ألمانيا والبوسنة على التوالي، ولم يستطيعا أن يؤكدا حضورهما اللافت في مناسبات سابقة في الموسم المنتهي.
جدل بحجم العملاقين البارزين على سطح الكرة الارضية يستحق عناء البحث عن اسبابه بالرغم من ان المباراتين كانتا باكورة المشاركة في بطولة كأس العالم وتترقب عيون الملايين لرؤية لمحاتهما وصولاتهما واهدافهما التي تمثل خلاصة 90 دقيقة من سحر فنونهما الداعمة لمواجهات ريال مدريد وبرشلونة في (الليغا) الإسباني ، وبالتالي أمر طبيعي أن يحرك انحدارهما شفاه الناس لتعلن عن سخطها وحنقها بعدما تأملت منهما الكثير في النسخة 20 من مونديال المتعة لتعويض رتابة الجولات الماضية.
فلاعب من طراز رونالدو بقي يطارد الكرات من دون جدوى وشعرنا كأنه فقد الحلول تماماً لإخطار مرمى منتخب المانشافت الذي استفاد بلا شك من النقص العددي بسبب طرد بيبي المتهور دائماً في لحظات لا تستوجب النرفزة والاحتكاك السلبي وهما صفتان أخذتا تلازمانه منذ فترة ليست بالقصيرة دفع ثمنها ناديه ريال مدريد ومنتخب بلاده غير مرة، وكان يفترض بمدرب البرتغال بينتو ان يعزز ثقة ناني المتردد وكوينتر التائه بدلاً من ترك الملك وحيداً وسط دفاع ألماني شرس فرض طوقاً حديدياً عليه شلّ قدرته على الحركة بحرية او القيام برد فعل مباشر، فبقي الحال كما هو لاعباً قائداً بلا معين وفاقداً الشهية لالتهام الفرص قرب الحارس وانعاش قلوب انصاره بالأهداف.
ولم يكن غريمه ميسي أقل سوءاً فنياً منه، بل ان اختياره "رجل المباراة" امام البوسنة خضع للمجاملة بكل تأكيد من قبل النقاد المعنيين بالتقييم بذريعة حسمه اللقاء متناسين انه كان لاعباً شكلياً أكثر منه فاعلية حتى الدقيقة 67 التي اهدته هدف الانقاذ من فضيحة مطاردة خياله واستسلامه للرقابة وهروبه الى منتصف الساحة من دون مبرر، بدليل انه عبّر عن فرحته بالتسجيل بطريقة خرجت عمّا ألفناه عنه ولا تنسجم مع قدراته في احراز اهداف اصعب بكثير من هدفه في مرمى البوسنة، واعزو ما اظهره ميسي من فرح مُبالغ الى شعوره بانقاذ ذاتي من سياط الصحفيين الارجنتيين الذين مازالوا يوبخونه بألم الكلمة الساخنة ويتهمونه بالولاء المطلق لبرشلونة على حساب واجبه الوطني.
ربما هناك نجوم آخرون سجلوا اخفاقاً مريراً في مشوارهم المونديالي ولم يكونوا بالصورة التي رسمتها جماهيرهم لهم ولا حتى استطاعوا تأكيد ثقة مدربيهم باعتمادهم في هذه البطولة، إلا انهم لن يصلوا الى القمة الكبيرة والصيت الذائع وحب الملايين مثلما بلغه رونالدو وميسي، وهاهما بحاجة الى مراجعة لشريط المباراتين ليستعيدا الأضواء كلها وليس بصيصاً منها في جولتي (امريكا والبرتغال) و(الأرجنتين وإيران) المقبلتين لاسيما بالنسبة لرفاق رونالدو المطالبين بإعادة منتخبهم الى سكة الأمل ومواصلة الرحلة الى الادوار الأكثر صعوبة قبيل بلوغ محطة نصف النهائي التي يعدها المدرب بينتو هدفاً مهماً في اجندة قيادته (برازيل أوروبا).
صراحة ، وبعيداً عن شجون اخفاقة هذين النجمين اللامعين في عيون عشاق كرة القدم، ارى ان مزاج المنتخبات بصورة عامة لم يعد يبالي للاعب الأوحد كبقية المونديالات في العقدين الثمانيني والتسعيني بقدر سعي المدربين لتركيز اللعب ضمن الفريق وخلق حالة من دعم النجم للمجموعة وتوظيف امكانياته لصالحها وليس العكس لتخفيف الضغط عليه ومحاولة تجنيبه انانية القرار في المواقف الصعبة التي تتطلب اتاحة الفرصة لزميل آخر واظهار التلاحم الصلب بين افراد المنتخب لإعلاء سمعة البلاد بانتصارات باهرة ومستحقة وليست بهدايا الحكام أو الخصوم.
عملاقان خارج التغطية
[post-views]
نشر في: 17 يونيو, 2014: 09:01 م