يقولون لك اصمت.. فلا يجوز أن تكتب كلمة تغضب السادة المسؤولين ، فيضطرون لإصدار قرار بمنعك من الكتابة والقراءة.
يقولون لك حذارِ من ان تظهر في محطة تلفزيونية او تدلي بتصريح لإحدى الفضائيات ، فيه كلمات وعبارات تزعج السادة المسؤولين، لانهم سيرسلون جنودهم لضرب كل من يعمل في هذه الفضائية.
يقولون لك اصمت.. ولا تخرج على الناس تتحدث عن الديمقراطية واستقلال السلطات الثلاث، لان المسؤولين سيعتقدون بانك تنفذ أجندة خارجية ، فانت خائن حين ترفض ان يتسلم مسؤول كبير ثلاث تفاحات بيد واحدة، فما تقوم به اشبه بمحاولة لقلب نظام الحكم، ولابد من قرار لإبعادك الى الصومال.
يقولون لك اصمت ولا تظهر حزنك على ما يجري في البلاد التي تحولت الى قبيلة ، لأن حراس القبيلة سيسألونك حتما :"وما الذي يضرك"؟
وحتما لن تنفع معهم كلماتك وأنت تقول لهم "انا مواطن من هذه البلاد " لانهم بالتاكيد سينزعون عنك الجنسية ، ويخيروك بين البقاء لاجئاً في بلدك ، وبين الهروب إلى المجهول.
يقولون لك اصمت فليس من حقك ان تسأل: متى يطمئن العراقيون إلى مستقبل بلادهم؟ ومتى يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا الوطن وليسوا تابعين؟ ومتى يغادر سؤال الخوف على مصير البلاد من أذهان أبناء هذا الوطن؟
سيقولون لك اصمت لان الجواب ليس عند أحد، لأننا نعيش في ظل ساسة ومسؤولين يرفضون وجود هذا الوطن معافى وصحيح البدن والنفس،نواب وساسة يتقاضون رواتبهم من مواطن يعتبرونه مجرد مقيم يسعون إلى قيادته إلى هوة سحيقة.
يقولون لك اصمت فانت في حضرة مسؤولين لا يعرفون أن السياسة فكر وأن الحكم شراكة في الأحلام والنوايا الصادقة.
يقولون لك اصمت فما انت الا جاهل بأمور السياسة ، فالبلاد تعيش في ظل مسؤولين وسياسيين لم يحفظوا من قاموس السياسة سوى كلمة واحدة "الثأر" متناسين أن "الثأر" لا يبني أوطانا ولا مجتمعات حتى ولا "صريفة".. ؟ ولأن الثأر يعني ببساطة أننا نعيش في مجتمع تحكمه مليشيات الفساد وزعماء طوائف لا زعماء سياسة.. الثأر ضد القانون، وأي مجتمع يصر قادته على اتباع أسلوب الثأر فهو مجتمع متخلف.. اليوم نرى العالم يتطور من حولنا لأنه حرّم كلمة الثأر في الخطاب السياسي.. تعلمنا كتب السياسة أن المواطنة الحقة ليست فخا تقوم بنصبه مجموعة ضد مجموعات أخرى.. يعلمنا إمام العدل علي بن أبي طالب درسا قيما في الترفع عن الضغائن حين يقول: "آلة الرياسة سعة الصدر".
يريدون منك ان تصمت فما فائدة الكلام مع ساسة ومسؤولين معتادين على التعميم ولا يفعلون شيئا سوى تقسيم العالم إلى "حق" و "باطل" ولديهم إحساس بصواب لا حيدة عنه، يرغبون دائما في الجهل...فهم لا يشعرون بأي احتياج لتعلم أي شيء ممن لا يفكرون على شاكلتهم، يحاولون فرض الحق الذي يعتقدونه على الآخر.
في واحد من اجمل كتبه "عنف الدكتاتورية" يخبرنا ستيفان زفايج، ان الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا في كتابه هذا كيف ان مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.
هل سنصمت لان اولي الامر يريدون ذلك، ولاننا بشر والمسؤول هو الحاكم بامر الله بامكانه اصدار قرارات تمنعنا من استنشاق الهواء فنموت مختنقين أو يحرمانا من ضوء الشمس فنموت في الظلمة بلا اي قيمة.. المسؤول يريد ذلك ولا توجد جهة من حقها أن تساله لماذا ؟
ايها العراقيون اهلا بكم في جمهورية الصمت ، مع ساسة " لولاهم ما تساقط المطر.. ولا تنفس الشجر".
فاصمتوا حتى يرضوا عنكم ويسمحون لكم بالعيش على ارضهم.
أهلا بكم في جمهورية الصمت
[post-views]
نشر في: 18 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
أبو همس الأسدي
ستاذ لي ..كم هي المسافة بين جمهوريتي الخوف والصمت ؟؟ وهاالأولى الا النتاج الطبيعي للصمت الذي يتحلى به المواطنون في الجمهورية الثانية
حامد اسماعيل حسين
الاستاذ علي حسين المحترم.في البدء مقالكلك الجميل هذا ينطبق على قادة جمهوريات الكارتونية الديكورية الهشة التي تختبئ خلف حفنة من القتلة والهىمجيين والسفلة والسراق ،،،، ومن بخلال اي مواجهة عسكرية حقيقة تراهم اول من ينزع حتى ملابسه الداخلية وشليع هرول ،،،،،،،