TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حكومة رافعة شوكية

حكومة رافعة شوكية

نشر في: 20 يونيو, 2014: 09:01 م

مطالبات بعض الساسة العراقيين بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وصلت إلى الإدارة الأميركية ، وأصبحت ضمن خيارات واشنطن لتدارك انهيار الأوضاع الأمنية ، وقبل أحداث الموصل وفي نشوة اطراف حققت نتائج متقدمة في الانتخابات التشريعية كان الحديث يدور عن حكومة الأغلبية السياسية ، وسرعان ماتم تأجيل الخوض في هذا الأمر، لانشغال أصحاب هذا التوجه بتحشيد المتطوعين وتحرير المدن المختطفة من الإرهابيين ثم العودة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة ، بأسماء وشخصيات قديمة .
تشكيل حكومة الإنقاذ يتطلب توفير "كرين أو شفل أو رافعة شوكية" لإزالة جميع الخلافات بين الزعماء السياسيين ، ثم بلورة اتفاق موحد لتحقيق الإنقاذ ، والمشكلة التي تواجه أصحاب" الحل والربط" اختيار "الرافعة الشوكية" المناسبة للأوضاع العراقية ،فهل تستورد من ايران أو من الولايات المتحدة ، أو من دولة عربية أبدت استعدادها لدعم العراقيين شريطة ان لا يكون رئيس حكومتهم نوري المالكي ، والإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى سقف زمني طويل ، لان القادة العراقيين ، اعتادوا على عقد سلسلة اجتماعات ، وإصدار المزيد من البيانات ، تمهيدا لإصدار القرار المناسب، وعندما تبدي واشنطن انزعاجها من استمرار الخلاف ، وتربط دعمها العسكري للعراق بوحدة موقف السياسيين ، حينذاك تصعد الغيرة لدى البعض ، ويزف بشرى التوصل إلى اتفاق بتشكيل حكومة إنقاذ بواسطة الرافعة الشوكية .
القضية العراقية بكل تفاصيلها الأمنية والسياسية، يبدو أنها مرهونة بإرادة خارجية ، والوقائع والشواهد خير دليل على ذلك ، فمع بروز المخاطر والتهديدات ،ومظاهر جرالبلاد إلى منزلق خطر ، صدرت مطالبات رسمية بتفعيل الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن ، وتجاهل من كان يدعي بناء مؤسسة عسكرية قادرة على حماية البلاد وحفظ الأمن ، تصريحاته السابقة باستقلالية القرار العراقي ، وهذا النموذج سيكون من اشد المعارضين لتشكيل حكومة الإنقاذ، وسيسعى بكل الوسائل المتاحة للحفاظ على موقعه ،وقد يلجأ إلى تحريك الشارع ، في الظرف الراهن ، وينظم التظاهرات والاحتجاجات ، ضد سرقة إرادة الناخبين ، وله الحق بوصفه صاحب الرقم الصعب في العملية السياسية ،فضلا عن امتلاكه الورقة الرابحة في اللعبة الديمقراطية بنسختها العراقية المشوهة التي أفرزت المحاصصة وكرست الانقسام الطائفي ، وشجعت الجماعات المسلحة على اختلاف أنواعها ومسمياتها على توسيع دائرة نشاطها ،في المناطق الساخنة والآمنة ، وسط إخفاق حكومي في إدارة العديد من الملفات .
في لحظة وصول الرافعة الشوكية لتشكيل حكومة الإنقاذ ستدخل البلاد في صفحة فوضى جديدة لان السياسيين والمسؤولين من مرتدي الزي العسكري وقواعدهم الشعبية وضعوا أصابعهم على الزناد استعدادا لخوض معركة القضاء على الإرهاب ، وليس من المستبعد أن توجه البنادق لمن جلب "الرافعة الشوكية" من الخارج ، لتشكيل حكومة الإنقاذ ، بسرقة إرادة الناخبين ، وحرمان من يستحق رئاسة الحكومة الجديدة من حقه،واختيار شخصية أخرى لقيادة فريق الإنقاذ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    لااعرف بالضبط ماذا يفعل هؤلاء الذين يسموا انفسهم سياسيين ونوابا عن الشعب ورؤساء الكتل ولااعرف كيف اصبحوا هؤلاء الجهلة رؤساء ويتحكموا بمصيرنا الاسود هل هو القدر السيْ ام ماذا لااعرف لحد هذه اللحظة ان الذين يسموا اميركا المحتل والكل يقول لولاي لما خرج المحت

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram