في غضون الأيام الثمانية الأخيرة رصدتُ أربع مرات تكرر التأكيد من أعلى المراجع السياسية والدينية على نبذ قيام أي شكل من أشكال التسلح والتسليح والتنظيم العسكري الجماعي خارج إطار الدولة ومؤسساتها.
أمس كانت آخر هذه المرات. الكلام جاء على لسان ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيبها في كربلاء السيد أحمد الصافي الذي قال في خطبة الجمعة أن "دعوة المرجعية (للتطوع في مواجهة داعش وحلفائها) كانت للانخراط في القوات المسلحة وليس لتشكيل ميليشيات، ولا نؤيد أي تنظيم مسلح خارج القانون".
قبل ذلك بأسبوع قيل كلام مماثل على لسان ممثل ثان للمرجعية في المستوى نفسه هو الشيخ عبد المهدي الكربلائي. وبين التاريخين أكد رئيس الوزراء ان دعوته الشباب الى التطوع في صفوف القوات المسلحة وتشكيل "الجيش الرديف" ليست دعوة لتنظيم مسلح خارج نطاق مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية. كما ان البيان الصادر عن القيادات السياسية المجتمعة في مكتب رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري منذ أيام أعلن عن ذلك بتفصيل أكبر. البند 18 من البيان جاء فيه "تبقى الدولة بكلِّ مُؤسَّساتها مسؤولة عن حماية المواطنين، وعدم السماح لأيّة جهة خارج ذلك بحمل السلاح، ومُلاحَقة المخالفين أمنيّاً وقضائيّاً."، فيما البند 19 قرر "منع ظواهر حمل السلاح العشوائيِّ خارج إطار الدولة والقانون، ومن أيّة جهة كانت".
ليست في البلاد سلطة سياسية ودينية أعلى وأكبر نفوذاً من سلطة الحكومة والقيادات السياسية التي تتولى أحزابها وائتلافاتها إدارة الدولة، ومرجعية النجف. وبالتالي فان هذا الكلام له قوة القانون، لأنه يستند إلى أحكام الدستور والقوانين السارية والى المصلحة العامة.
لكن على الأرض هناك حكاية أخرى مختلفة، فثمة وقائع تجري تشير إلى وجود ظواهر لحمل السلاح العشوائي ونشوء جماعات تحمل السلاح ليست لها أية صفة رسمية وتتصرف على نحو يوحي بانها أقوى من مؤسسات الدولة. بل ان هناك وقائع صادمة أكثر، فيومياً تتردد معلومات عن حالات قتل على الهوية في بغداد ومدن أخرى، وحالات استعراض للعضلات تشتمل على شعارات طائفية استفزازية تترافق مع حملات التطوع.
لم تقل المرجعية كلامها في هذا الصدد مرتين في يومي جمعة متتاليين من باب الترف، ولا رئيس الوزراء والقادة السياسيون قالوا ما قالوه من كلام مماثل هو من باب ذرّ الرماد في العيون .. قيل الكلام في هذه المرات إدراكاً لحساسية الموقف الراهن، وللعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على التسلح والتسليح والعسكرة خارج اطار الدولة وتجاوز القانون.
الكلام الجميل وحده لا ينفع ولا يكفي. لابدّ من إجراءات على الأرض تحوّل كل هذا الكلام الى فعل، لتدارك المزيد من التدهور الأمني والشدّ الطائفي وسفك الدماء وإزهاق الأرواح بالمجّان، وبالذات في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة.
سلاحٌ خارج القانون
[post-views]
نشر في: 20 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
يااستاذ عدنان ان الفوضى عمت البلاد بعد فتوى المرجعية ولااعتقد ان احدا يسطيع بعد الان ان يسيطر على تلك الفوضى لقد كانت فتوى المرجعية مفتوحة ولم تكن فيها اي ضوابط عملية الكل تسلح بانواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة واصبحت المليشيات هي التي تتحكم بالشارع وقد غاب
سفيان الخزرجي
استاذ عدنان منذ فتحت عيني على النور والعراق يعيش لحظات تاريخية فاصلة.