لا أدري لماذا لا يتحلى بعض النواب بقليل من الرحمة والشفقة تجاه هذا الشعب المغلوب على أمره الذي يطلب منه دوما أن يتابع تصريحاتهم المسكونة بالألغاز وعلامات التعجب، ولا ادري لماذا يصرّ البعض منهم على أن يحاصرنا في الفضائيات والصحف ويطلق سيلا من الكلمات التي فقدت صلاحيتها منذ مدة طويلة، طبعا أتمنى ألاّ يتصور البعض إنني أريد أن اسخر من السادة النواب "الفضائيين" ولكنني أؤمن كما يؤمن غيري كثيرون أن أفكار وخطب هؤلاء لو تم إلقاؤها على شعب آخر لأصيب معظمه بنوبات هيستيرية من الضحك، من هؤلاء وهم كثر، النائبة عالية نصيف التي خرجت علينا امس بتصريح ناري هددت وارعدت ، واتهمت قادة البيت الابيض بالغباء لانهم حسب تصريحها اخطأوا مرتين في العراق ، اما كيف فتعالوا نقرأ تصريح السيدة النائبة الذي تقول فيه : ان امريكا أخطأت مرتين في قراءة الواقع السياسي ، مشددة على ان العراق غير ملزم بتوجهاتها.. اما ما هاتان المرتان؟، تخبرنا السيدة عالية نصيف ان المرة الاولى حين اخطأت بتغيير النظام عام 2003 واليوم لانها لم تلتزم بالاتفاقية الأمنية بين البلدين .. ولم تنس النائبة أن تقول لاوباما وأعوانه اضربوا رؤوسكم في الحائط فالعراق "غير ملزم بأخذ توجيهات وأوامر من امريكا ولا نقبل توجيه القرارات الامريكية الى العراق."
ولا ادري هل السيدة النائبة تراهن على ضعف ذاكرتنا، فتنسى انها ظلت ومعها العديد من أعضاء دولة القانون يطالبون اوباما بالتدخل وارسال قوات الى العراق؟ أتذكر أن العديد من اعضاء ائتلاف دولة القانون ملأوا الصفحات من الكتابات النارية التي تحذر واشنطن من الصمت على مايجري في العراق ، لكن ما ان طالبت الادارة الامريكية باجراء اصلاحات سياسية.. خرج علينا النواب انفسهم متوعدين ومهددين بانهم سيقطعون انف اوباما اذا حاول ان يدسها في اية بقعة من العراق.
قبل ايام ملأ مستشارو رئيس الوزراء ومقربوه واعضاء ائتلافه الفضائيات تغريدا وهم يتغنون بصفات رجل البيت الابيض الطيب القلب ويكيلون المديح للحليف الامريكي العزيز حتى ان البعض قال بحماس لاحدى الفضائيات: ان اوباما يفهم الواقع العراقي جيدا وهو حريص على ادامة التحالف الستراتيجي بين بغداد وواشنطن.
وبالأمس فقط أشاوس دولة القانون يتحولون ويشمرون عن سواعدهم ويعلنون حربا شاملة لا هوادة فيها ضد الخائن اوباما قائد محور الشر الهارب من ازماته الداخلية عدو الديمقراطية على حد قول النائب المقرب جدا محمد الصيهود.
هكذا ادخلنا المقربون في أتون حرب جديدة المفاجأة فيها ، ان العدو هذه المرة لم يكن علاوي ولا النجيفي، وانما هو رئيس الدولة التي وضعتهم على كراسي السلطة لانه حاول ان يقدم نصيحة حين قال لهم : إن الصراع الدائر في العراق هو نتيجة للانقسامات الطائفية التي تفاقمت وإن شعب العراق وقياداته بيدهما تجاوز هذه الخلافات.
لو أخذنا ما صرحت به النائبة عالية نصيف على محمل الجد، فإن شيئا ما يحاك ضد هذا الشعب المسكين، الذي ابتلي بسياسيين لديهم قدرة هائلة على التلون، وأبصارهم معلقة دائما بكرسي المنافع، ومن اجل ان انشط ذاكرة السيدة النائبة فان مقربي المالكي اخترعوا لنا ذات ليلة قصة طرد المالكي للامريكان من اراضي وادي الرافدين، وطلبوا من العراقيين جميعا ان يقفوا مع رئيس الوزراء، وهو يهش بعصاه آخر جندي امريكي، والغريب أن مزايدة المقربين ما زالت مستمرة لإثبات أن المالكي قائد في معركة التحرير ضد الأمريكان، رغم أنه لم يتحرك أبعد من خطوة السيطرة على كل مفاصل الدولة، وترسيخ فكرة الحاكم القوي الذي اجبر جميع خصومه على التقهقر.
لعل المرء يحتاج الى ان يكون ساذجا تماما وربما غبيا لأقصى درجة ليصدق "الاسطوانة المشروخة" التي يرددها البعض عن السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، فالناس تدرك جيدا أن بعض السياسيين ساهموا ويساهمون في تقديم العراق على طبق من فضة إلى دول العالم كافة، ويدركون أن كثيرا من السياسيين لهم قدم في العراق وأخرى في إحدى دول الجوار، وان البعض من الأحزاب السياسية ساهمت في اختراق الأمن الوطني للعراق.
صدقوا ائتلاف دولة القانون
[post-views]
نشر في: 21 يونيو, 2014: 09:01 م