الحرب النفسية تعني، باختصار تحطيم معنويات الأعداء، من جانب، ومن جانب آخر زرع الثقة في نفوس الأصدقاء والمواطنين في المناطق المحتلة أو المحررة، من خلال بث المعلومات الدقيقة والنزيهة.
في عمود الأمس قلت إن داعش كانت أكفأ من الحكومة في إدارة الحرب النفسية. كتب أحد المعلقين معترضا "يا إخوان نحن لم نسمع بان هناك حربا نفسية قام بها داعش قبيل الدخول إلى الموصل".
كنت قبل أن أقرأ هذا التعليق قد نويت أن أدخل اليوم مباشرة في كشف إخفاق الحكومة في حربها النفسية ضد العدو مستندا إلى أمثلة حية وواقعية مع إعطاء البدائل الصحيحة من وجهة نظري. لكن خوفي من أن يكون كثير من الناس، مثل صاحب التعليق، لم ينتبهوا لأساليب داعش النفسية دفعني إلى أن أتوقف عندها في عمودي هذا.
عمدت داعش لاستخدام سلاح عتيق عرفته البشرية منذ أقدم العصور وهو نشر الرعب بين أهل المناطق التي ينوون احتلالها. المغول والتتار كانا يتقنان هذا الأسلوب: قطع الرؤوس وفتق البطون وحرق الديار على من فيها. يفعلون ذلك بمدينة ما بأمل أن تسمع المدينة المجاورة فيفر أهلها هلعا.
وإن كان استخدام جز الرؤوس وتمزيق أجساد عوائل بالجملة وهدم قرى على من فيها أو حرقهم أسلوب بدائي قد مورس ضد الشعوب التي تعرضت إلى غزوات همجية عبر التاريخ، إلا انه عند داعش ترافق مع تفوق تقني في استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي. اكثر من تقرير غربي استخباراتي أشاد بقدرة تنظيم داعش وتفوق أعضائه في هذا المضمار. قرأت مرة ان لديهم ما يشبه المؤسسة معنية بالحرب النفسية يشرف عليها مختصون تحت إمرتهم فريق عمل مدرّب. ومن ضمن ما قرأته انهم يحثون أعضاءهم على مشاهدة أشد أفلام الرعب من النوع الثقيل جدا وإعادة تمثيل بعض مشاهدها في ما بينهم.
ما هو المطلوب إذن؟ أولاً يجب أن نقف عند أخطائنا. انظروا وتابعوا كيف أن اغلب وسائل الإعلام المرتبطة بالحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر تنشر أخبار ممارسات داعش الهمجية. خدمة مجانية لدعم الأعداء ونشر الرعب والهلع بين الشعب. عشرات اللائمين يلومونني عن جهل: "لماذا لا تنشر جرائم داعش؟" وأحتار حقا كيف أجيب هكذا عقول لا تميز بين ما ينفعها ويضرها.
من يخلو قلبه من الرحمة والإنسانية مرعوب مهما اجتهد في إخفاء خوفه. ومثل هذا يمكن صده عن طريق اكتشاف نقاط الخوف في داخله حتى وإن مارس أبشع الجرائم اللا إنسانية. إن نقطة الانطلاق الصحيحة في توجيه مسارات الحرب النفسية تبدأ من اكتشاف ما يخيف داعش أولاً. وقد يخيفها ما تظنونه بسيطا. البيانات التي تصدرها هذه المجموعة الإرهابية وان ننصح بعدم نشرها بين الناس، لكننا نطالب أيضا بتحليلها علميا وليس عاطفيا من قبل ذوي الاختصاص لنعرف كيف نحاربها أولاً، ثم أننا قد نجد فيها مانستثمره نفسيا ضدها، ثانيا.
أسألكم: كيف قرأتم إصدار البيان الذي يحرم لفظ اسم "داعش" ويهدد بجلد من يلفظه 80 جلدة؟
غداً أعطيكم قراءتي للبيان آملاً أن يتكرم عليّ بعضكم بإجابة.
ممّ تخاف داعش؟
[post-views]
نشر في: 23 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عراقي
اعتقد هذا التحريم سوف يزيد انتشار استخدام لفظ داعش
علي الاسدي
اكثر شيء تخافه داعش هو عملية سياسية خالية من الطائفية...وفي الحرب النفسية هو ابراز روح الوطنية فوق الطوائف ...بالمناسبة الدكتور الكبيس افتى بوجوب محاربة داعش وكذلك الشيخ مهدي الصميدعي لماذا لا يتم التاكيد على ذلك واجراء حوارات مطوله مع هذين الشيخين ...وان