المؤكد أن الزملاء العاملين في قناة العراقية يشاهدون كل يوم قناة البي بي سي، وربما يتابع البعض منهم النسخة الإنكليزية من السي ان ان، وبالتأكيد البعض منهم حريص على ان يشاهد ويسمع ويقرأ التقارير والتحقيقات والاخبار التي تنشر في الوكالات العربية والعالمية عن الوضع في العراق.
قبل اشهر كتبت في هذا المكان مقالاً استعرت عنوانه من مقال قديم كتبه السيد محمد عبد الجبار الشبوط قبل ان يصبح مديرا عاما لشبكة الإعلام العراقي تحت عنوان “العراقية خارج التغطية” وفيه وجّه السيد الشبوط سهام نقده لأداء قناة العراقية لأنها خسرت مشاهديها بسبب انحيازها لطرف سياسي معين .. كان المقال في حينه يعبر عن وجهة نظر مهنية تنتقد أداء جهاز إعلامي من المفترض انه يتبع مجلس النواب، إلا أن الحكومة وبلعبة شطارة وضعته في جيب سترتها الأيمن. في المقال اطلعنا على رأي جريء يتهم “العراقية” بأنها تتعامل مع الحدث الساخن بطريقة باردة دفعت بكاتبه أن يقول وبالحرف الواحد "إلا «العراقية»، التي يؤسفني القول إنها كانت خارج التغطية"!
منذ اسابيع وانا اصاب كل يوم بخيبة أمل مضاعفة، وأنا أتابع التغطية الإخبارية التي تقدمها القناة لما يجري من احداث امنية خطيرة تمر بها البلاد ، حيث أصرت على أن تتحول الى قناة للأغاني والاهازيج والهتافات متجاهلة المأساة التي يمر بها ملايين العراقيين ممن يتعرضون الى التهجير والقتل ، مصرة على أن تقدم صورة باهتة لما حصل في الوقت الذي تفرد فيه جميع القنوات العالمية والعربية مساحات واسعة لما يجري على الارض ..كل يوم اتابع العراقية لعلي اجد اخبارا ترد على ما ينشر ويعرض في وسائل الاعلام الغربية ، فلم اجد سوى مقاطع مصورة معادة من خطب رئيس مجلس الوزراء، وبيانات للقيادة العامة للقوات المسلحة ذكرتنا بما مضى من بيانات وتقارير ، أثبتت لنا بالدليل القاطع أننا ما زلنا نعيش عصر الصحاف بجدارة.
سيقول البعض ان هناك وسائل إعلام وفضائيات تعرض وتنشر تقارير وأخبار الهدف منها الإساءة للعراق والعراقيين، وهذا صحيح ولكن في المقابل المواطن العراقي بحاجة الى وسائل اعلام محلية تقدم له حقيقة ما يجري في البلاد ، وتوثق الاحداث تعرض صورا حقيقية لما يجري في ساحة الحدث ، لا ان تتحول الى ساحة للمناكفة وشتم المختلفين سياسيا مع نهج الحكومة.
طبعا أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها المسؤولون في هذه القناة، ولكن الذي لا افهمه أن يكرر السيد الشبوط الخطأ نفسه الذي انتقده في مقالته السابقة.
اعرف أن تدخُّل الحكومة في كل صغيرة وكبيرة.. أصبح كأنه قدر مكتوب، والرضا بالمكتوب صفة من صفات العراقي الصبور.. رضينا وصبرنا على فساد مسؤولين حكوميين كبار وتلاعبهم بأموال طائلة من دون وجه حق، رضينا بانعدام الخدمات في كل أمور حياتنا لان الحكومة لا طاقة لها بـ(تكفلنا) أكثر من هذا، رضينا بالكثير ولا داعي لزيادة اللف والدوران في هذا الموضوع حتى لا نصبح مثل (النادبات على القبور).. ولكن في المقابل عندما تصر مؤسسة إعلامية بحجم العراقية على الإذعان لتوجهات الحكومة تطبيقا للمقولة الشهيرة (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) فان الأمر يصبح نكتة.
تهتم قناة العراقية كثيرا بعرض وجهة النظر الحكومية، ورغم انها ترفع شعار حرية الرأي، لكنها لا تقترب أبدا من ما يتعرض له أهالي الموصل وتلعفر وما جرى في بيجي وما حقيقة السيطرة على المنافذ الحدودية، وما الذي يجري في قرى ونواحي الأنبار.
للأسف إن نص الفيلم الذي تعرضه علينا العراقية كل يوم لم يتغير، وان ما يخرج من شعارات وهتافات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاهازيج، وهكذا، دوائر وحلقات لا تنتهي من الخطب والبيانات واللقطات، الحقيقي منها والمزيف ، لنكتشف في النهاية ان القناة تدار وفقا لمواقف ثابتة لم تتطور، منذ أن وضع مكتب المالكي يده على مقدرات شبكة الإعلام العراقي.
قناة العراقية ترى القشة في الفضائيات، وتغفل عن الخشبة التي تغطي شاشتها.
ما لن تشاهده في قناة العراقية
[post-views]
نشر في: 24 يونيو, 2014: 09:01 م