TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن علم النفس والحرب (1)

عن علم النفس والحرب (1)

نشر في: 25 يونيو, 2014: 09:01 م

هل هناك فرق بين دور علم النفس الحربي وبين الحرب النفسية؟ نعم. علم النفس الحربي يلعب دورا وقائيا. أي انه يبحث في عوامل منع الحرب أو البحث في العوامل النفسية التي تؤدي لاندلاعها. بينما الحرب النفسية ترسم خططا هجومية وأخرى دفاعية في حرب فعلية قائمة وتعد جزءا من الآلة العسكرية.
هناك عوامل معروفة، سياسية واجتماعية واقتصادية، تتفاعل في ما بينها وقد تتحول إلى نزاع ومن ثم إلى حرب مباشرة. لكن هذه العوامل، منفردة أو مجتمعة، دائما ما تقف وراءها جملة من النوازع أو الدوافع السايكولوجية المركبة. وهذا ما بودي ان أتوقف عنده.
ربما يعرف أكثركم بان علم النفس هو علم دراسة العقل. بتعبير آخر انه يتناول العمليات العقلية الكامنة وراء السلوك الإنساني أو التي تحرك جميع أنواع النشاط الإنساني. والحرب شكل من أشكال ذاك السلوك أو النشاط. من هنا تنبع أهمية دراسة سايكولوجية الجماعات المتحاربة وكذلك سايكولوجية القادة الذين يؤثرون في تلك الجماعات.
يركز علماء النفس الاجتماعي على دور الجماعات في قيام الحروب. وخير من كتب في هذا العالم النفساني الجليل غوستاف لوبون في كتابه "سايكولوجية الجماهير". ان البحث في نفسية الجماعات يكشف لنا الأسباب التي تدفعها في بعض الأحيان إلى ارتكاب اشد الأعمال سخفا واقل حظا من التعقل والمنطق. يقول لوبون ان "عقل الجماعة يطابق في مستواه عقل الطفل أو عقل الإنسان البدائي". وهذا ما يفسر تقبل تلك الجماعات لعبارات مبهمة وساذجة أحيانا من قبل زعمائها وكأنها مسلمات لا تخضع لأي نقاش. وأنّى للجماعة ان تناقش أو تفكر في ما تسمعه وقد غاب عنها العقل! ومن الصفات السيكولوجية الأخرى للجماعات عدم شعور أفرادها بالمسؤولية. وهنا يسأل لوبون " كيف يتسنى لهم الشعور بالمسؤولية وهي موزعة عليهم وضائعة بين جموعهم؟". فلو جمعنا ضياع الشعور بالمسؤولية عند الجماعة مع هبوط مستواها الذهني وسرعة تأثرها بإيحاءات "القائد"، حتى وان كانت فاقدة للمعنى، سنفهم ما نراه فيها من السذاجة والنزق وعدم احتمال أي نقد أو انتقاد مع اندفاعات قد تؤدي بها إلى الهاوية دون ان تدرك ما يدور حولها.
أين يكمن الخطر؟ الخطر في ان هذه الجماعات، ستفقد توازنها مع أول انتكاسة حربية فينتابها فزع يقربها إلى حالة الهستيريا الجماعية. والفزِع لا يمكن ان يحقق هدفا مهما ادعى هو، أو من يقوده، القوة أو الثبات.
للحديث بقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram