TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "نعال" الرفيق

"نعال" الرفيق

نشر في: 27 يونيو, 2014: 09:01 م

يوم قدم استقالته من الحزب ، اخفى الخبر عن أبيه لتفادي انتقاداته ، ونصائحه الثورية والنضالية ، الشاب المستقيل كان يعتقد بأن الديمقراطية بنسختها العراقية ، يمكن ان تحقق حياة سياسية مستقرة وتحقق مصالح الشعب ، وتبني دولة المواطنة خلال اشهر ، ومشاركة حزبه في العملية السياسية دفعته لمضاعفة جهوده لتوسيع التنظيم بالتحرك على الشباب، وكلفه ذلك السير على الأقدام مسافات طويلة، للإبلاغ عن موعد اجتماع او المشاركة في نشاط حزبي ، او لجمع تبرعات لعلاج رفيق مصاب بمرض خطير .
في بداية اندلاع العنف المستمر حتى الوقت الحاضر ، تم تكليف الرفيق بوصفه مسؤولا عن منطقة واسعة بجانب الكرخ بمهمة الاتصال برفيق جديد يسكن في حي "ابو دشير" لضمه الى التنظيم واثناء رحلة البحث هاجمته الكلاب السائبة ، فاضطر الى الركض حافيا تاركا نعليه غنيمة للمهاجمين، ولشعوره بالحرج من عدم إنجاز الواجب الحزبي، قرر في الصباح الباكر التوجه الى المكان نفسه ، فمنعته القوات الأميركية من الدخول الى المنطقة ، لأنها كانت تقوم بحملة دهم وتفتيش عن عناصر ميليشيات زرعت عبوة على الطريق العام الرابط بين بغداد والمحمودية .
الرفيق المستقيل، وفي ما بعد المخلوع، واللقب اطلقه الأب على الابن، لم يساعده حزبه في الحصول على فرصة عمل او وظيفة حكومية، مثل بقية الأحزاب والقوى السياسية التي عادت من الخارج او تشكلت بعد الغزو الأميركي للعراق ، كلها شاركت في العملية السياسية ، وحصلت على مقرات في الأحياء الراقية بالعاصمة ، فأغلقت الشوارع ، واستخدمت موارد الدولة في تأسيس فضائيات وإصدار صحف ، فاتسعت قواعدها الشعبية ، وتفوقت على الأحزاب العريقة بحصولها على مقاعد في مجلس النواب ، وتمثيل حكومي ، وهنا بيت القصيد ، فبعد حصول القيادي في الحزب او أمينه العام على المنصب الوزاري يبدأ بتعيين أبناء العم في مكتبه ثم المقربين والمعارف، وتصبح الوزارة ماركة مسجلة باسم صاحبها لاربع سنوات ، وبالامكان تجديدها لدورة ثانية وثالثة.
يقال ان سخرية القدر في بعض الأحيان تكون على شكل مأساة عندما يصبح شرطي الأمن بمنصب رفيع ، وبيده مقدرات العباد ، ويمتلك عناصر مسلحة على استعداد لارتكاب جرائم بحق الانسانية من اجل الحفاظ على منصب ولي نعمتها ، كل هذه الاسباب وغيرها جعلت الشاب يقدم استقالته من حزبه ، ويتقبل لقبه الجديد الرفيق المخلوع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram