هل يمكن لانسان ان ينام يوماً في راحة بال وحقه مهضوم ، هل يتبرأ النزيف من الجرح ونبض الألم لا يقوى على السكون كلما تنفس صاحبه ذكرى الطعنة ؟
فكيف بأمّة خضراء دموعها لم تنشف بعد، ويمتد صوت شعبها الطيب من الشهامة الى الفروسية تنام على جرح طعنة لمؤامرة طال عمرها 32 عاماً واصبحت عاراً في جبين كرة القدم كلما مرّ بها التاريخ خجلاً.. فاضحاً لسلوك الجبناء ؟!
نعم ، أتت الفرصة فاقبِضوا عليها كالصابرين على الجمر في كفوفكم، آن أوان الثأر والضرب بقوة 38 مليون جزائري انتظروا الرد الحاسم مثلنا منذ مونديال اسبانيا عام 1982 وحان موعد العقاب ليعرف المنافس قيمة الظلم الذي صنعه بتواطىء حفظه التاريخ له بسجل أسود كشاهد على دناءة النفوس وهي تشتهي انتصاراً مزيفاً على حساب محاربي الصحراء البواسل.
هي رسالة مباشرة إذاً لاشقائنا في المنتخب الجزائري أن لا يستكينوا ولا يضيعوا قيمة المناسبة، فكل العرب سيترقبون المواجهة وقلوبهم تحلّق في ملعب (بورتو ألغيري) بانتظار فوزكم "الصفعة" رداً على الإقصاء اللامستحق والتلاعب بشرف كأس العالم الذي يفترض ان تكون من أنـزه بطولات (فيفا) وأرقاها مبادىء في عُرف سيدها العجوز بلاتر،وأنتم أهل لتصنعوا الفارق في اللعب والنتيجة والدرس.
أما انت يا خليلوزيتش فالرهان لم يزل ناجحاً على مدارك عقلك الفني الراجح في بسط اعلى درجات الانضباط التكتيكي وذلك ما تجلى في لقاءي كوريا الجنوبية وروسيا عندما تحرك المحاربون قطعة واحدة وتبادلوا كراتهم بلا تعقيد وهزوا الشباك بتعاون جماعي لا مثيل له يستحق ان يكون درساً ثميناً لمن يريد ان يحذو حذوهم وينبذ الانانية تلك الصفة المقيتة التي تلازم اغلب المنتخبات العربية بسبب استفراد ثلة من النجوم المدللين لم يجدوا مدربين صارمين في الحد من عبثهم وتفردهم وتلاعبهم بمقدرات منتخباتهم.
أما السرّ الحقيقي في اتمام الجزائر لمهمتها بدور المجموعات بنجاح والتأهل الى الدور 16 كثاني منتخب عربي يتواجد في هذا الدور بعد السعودية عام 1994، فهو الأداء القتالي الخالي من الاحتكاك السلبي حيث لم نـرَ منتخباً عربياً بهذه الروحية المنضبطة كالتي دفعت محاربي الصحراء ليمارسوا الضغط المتواصل على دفاعات الحصان الأحمر والشمشون والدب الروسي وأخذ زمام المبادرة بسرعة كلما فشل مهاجمو تلك الفرق في خرق كتيبة القائد بوقرة وابطالها مبولحي وماندي ومصباح وبن طالب ومجاني ودجابو والفيغولي وبراهيمي وسليماني المجربون صراحة في مهمات اصعب من المجموعة التي اختبروا فيها وعُرف عن صلابتهم ومحاصرتهم للخصوم وخياراتهم السليمة في المناورة على طرفي الملعب قبيل إحداث التوغل المدروس مهما كانت خبرة الموانع المقابلة لهم وذلك ما اثبتته اشرطة التصفيات المثيرة التي توّجت بالفوز على بوركينا فاسو بهدف بوقرة في جولة البليدة الحاسمة تشرين الثاني 2013 ، فضلاً عن امتلاك المنتخب الشقيق 19 لاعباً محترفاً في الدوريات الأوروبية والعربية الى جانب خمسة لاعبين محليين فقط ما يدلل على الوعي الاحترافي الكبير والثقافة الرصينة في التعامل مع ظروف المباريات وهو فكر متقدم لممارسة اللعبة يحتاجه اللاعب العربي لمسايرة انداده في ارجاء العالم.
ويبقى لمدرب المانيا يواكيم لوف ردة فعله تجاه إنجاز الجزائر المهم في التواجد أمام بطل كأس العالم 3 مرات اعوام 1954و 1974 و 1990 وصاحب المشاركة 18 منذ مونديال 1934، ويعي جيداً الاندفاع والحماسة اللتين يتحلى بهما (أحفاد بلومي)، وسيحاول أن يجد أولاً مخرجاً لمشكلة تراجع اداء ابرز لاعبيه غوتزه وأوزيل وخضيرة على الرغم من الدور الحيوي المناط بهم، كما إن قيمة اللقاء من الناحية التاريخية وما تركته مؤامرة التواطؤ من مشاعر سلبية تجاه "المانشافت" من المؤكد انها تشكل عائقاً نفسياً للاعبيه ستحدّ من تعاطيهم مع المباراة وتجبرهم على المواجهة بحذر!
في كل الاحوال لن يجد لوف الطريق سالكاً الى دور الثمانية وهو محمّل قبل ذلك بمشكلات في خط الوسط الذي كان عبئاً على فريقه بدليل ان نتيجة مباراتيه مع غانا (2-2) وأمريكا (1-0) تؤكد انخفاض مخزون اللياقة وتأخر حلول المعالجة في المقدمة ، وأخيراً انفجار أزمة اكتئاب لاعب الوسط شفاينشتايغر بسبب جلوسه على دكة الاحتياط الأمر الذي دفع زملاؤه للتضامن معه لما يحظى به من أهمية بعد دفاعه عن الوان بلاده في 104 مباريات دولية.
نأمل أن يكون اللقاء (العربي – الألماني) يوم غد الاثنين انعطافة اخرى تثبت قدرة الكرة العربية بفرسانها الجزائريين على كسر الحاجز 16 والعبور بتاريخنا الكروي الجديد الى إعجاز حافل ببطولة الجيل الحالي وحافزٍ لمن يتسلم الراية بعدهم.
دموع الجزائر لم تنشف
[post-views]
نشر في: 28 يونيو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
noor nooralgerie
اخي اياد الصالحي برافو على هذا الموضوع والشرح الدقيق واهتمامك بالكرة الجزائرية ووصولها للعالمية ونرجو دائما تسليط الاعلامي الرياضي على كرة القدو الجزائرية لانها مثلتهم وحيدة مرتين على التوالي...فشكرا لك اخ اياد الصالحي