TOP

جريدة المدى > عام > جاسم عاصي يقرأ المكان وتحولاته الفكرية في ملتقى الرافدين بكربلاء

جاسم عاصي يقرأ المكان وتحولاته الفكرية في ملتقى الرافدين بكربلاء

نشر في: 28 يونيو, 2014: 09:01 م

لم تزل ملحمة كلكامش تستحوذ على الكثير من الدراسات والاجتهادات سواء في إثبات ما يمكن إثباته من الأحقية التاريخية او إثبات القراءات الجديدة كون الملحمة واحدة من انشط المآثر السردية التي تعطي لنفسها قامات شعرية ومسرحية وحتى غنائية وهو ما جعل الناقد والب

لم تزل ملحمة كلكامش تستحوذ على الكثير من الدراسات والاجتهادات سواء في إثبات ما يمكن إثباته من الأحقية التاريخية او إثبات القراءات الجديدة كون الملحمة واحدة من انشط المآثر السردية التي تعطي لنفسها قامات شعرية ومسرحية وحتى غنائية وهو ما جعل الناقد والباحث والأديب جاسم عاصي يأخذ (منظومة المكان الفكرية وتحولاتها) لهذا العنوان ليتحدث في الأمسية التي أقيمت له من قبل ملتقى الرافدين الثقافي.
في بداية الأمسية قال مقدمها الأديب علي لفته سعيد "ان الملحمة التي صدرت لها عدة ترجمات لم تزل قابلة لأخذ قامة جديدة في البحث ويمكن لها ان تبقى كذلك سرا مزن أسرار الكتابة التي لها عمق تاريخي عميق يمتد الى بعد الحضارات الانسانية الاولى"..وأضاف "ان الملحمة لم تكن نصا عاديا بل هي انبثاق مخيلة لشعب او لمدونين لان الرقيمات التي تم العثور عليها لم تكمن في مكان واحد وهي مجهولة المؤلف كما في (ألف ليلة وليلة ) وهي روح شعب وأمة وحضارة وتاريخ وهي بالتالي تنهل من مناهل الباحثين عن قامة الإبداع الأولى التي لم تزل حتى تعطي أكلها من ان البدايات الأولى من هناك..حتى ان القصة القصيرة جدا تبين انها عراقية وخرجت من رحم الملحمة"..ويشير ان عاصي تخصص في هذا الجانب وهو يقدم رؤيته الجديدة.
الأديب عاصي بدأ كلامه بأنه يعيد بعض قراءات كما قال أستاذه ناجح المعموري حول الملحمة وانه الآن يناقش منظمة المكان بصفتها متغيرا او حاضنا فكريا للملحمة.ويقول ان عدد النسخ المترجمة عن الملحمة وصل الى اكثر من 18 نصا ولكن الباحث نائل حنون هو الأقرب للترجمة لأنه ترجمها.ويقول انه خلال مراجعاته الكثيرة وجد ان الملحمة تشتغل على المكان وإنها قلبت المعادلة من تأثير المدينة على الصحراء فانها جعلت الصحراء تؤثر على المدينة لذلك فهي تتجدد عاما بعد عام لأنها ليست نصا متحرجا وتأويلاتها متجددة لأنها تتحدث عن الانبعاث والخلود وعشبته وهو الظاهر من التأليف والدلالات الواضحة ولكن هناك دلالات مضمرة من الداخل وهو صراع الحضارات وما أنتجته سلطة المعبد ومحاولة عدم التأثير على هذه السلطة ..ويوضح عاصي ان المكان يشكّل في الملحمة ركيزة أساسية في كونه يمثل حاضنة المعـرفة والبعـد الفكري العـام .فالأمكنة من هذا المنطلق أسست لنوع من الصراع والاستبدال ، صراع بين نمط من المعـارف والبني الفكرية ،في شدة تضادها وتغـايرها, وتأثيرها عـلى مجرى الحياة ونعـني بها المعـرفة المترشحة من بنية الفضاء الصحراوي . تقابلها المعـرفة المترشحة من بنية فضاء المكان المديني ويتمثل هــــذا في الجبل والصحراء والبرّية عـند أنكيدو والمدينة أوروك عـند جلجامش. أما في ظاهرة الاستبدال فنعـني بها استبدال حالة التأثير والتأثر من الصحراء باتجاه المدينة . أي من البرّية نحو الحضرية . وهذا يعـاكس منطق الجدل المعـرفي القائل إن الحضارة مدنية تضفي تأثيراتها عـلى الجانب البرّي والبدئي. وهو تجسيد لمنطق الحقيقة , فالبرّية هنا دالة في الأساس عـلى محدودية معـرفيةــ حضارية ــ , بينما المدينة أكثر بعـدا في هذا ..ويشير إلى أن هناك إلى جانب الصحراء مطلقات أو فضاءات أُخر ساقت المؤثر الأول وهو الصحراء متجسدا في شخصية أنكيدو نحو غـابة الأرز وأعـماق المياه في بحر الظلمات والبئر وكل هذه الأمكنة ساقت الصراع باتجاهات مختلفة لكنها تركزت في التغـيير وكشف الخطأ ويواصل عاصي قوله: "أن المكان يتميز بجملة صفات لعـل أبرزها في كونه جهولا وغـيرَ معـلوم ولم يدخله إنسان قط ، وكذلك تقام عـلى أبوابه حراسة شديدة وصارمة وأيضا هنا لك وسائل د خول وعـناصر تسهـّـل الأمر مع توفر الإرادة الكاملة لدخول المكان من أجل تحقيق هدف معـين" ..ويبين انه بهذه الصفات والاعتبارات تضعـنا الملحمة أمام أماكن أسطورية خالصة من حيث هي أزمنة وأمكنة لا تعـبـّر عـن مواقع جغـرافية واقعـية أو أزمنة إنسانية واقعـية بل تشير إلى مفهوم للمكان والزمان يختلف اختلافا جوهريا عـن الفكرة الإنسانية عـن المكان والزمان المحددين . لذا فمفهوم الزمان والمكان الأسطوريين يتميز عـن غـيره في التأريخ ..ويمضي في قراءته بقوله.."إن أنكيدو سليل البراري استطاع أن يؤثر إيجابيا عـلى المنظومة الفكرية التي كانت متحكمة بحاضرة أوروك وذلك بإضفاء صفات جديدة عـلى كلكامش مغـايرة لطباعـه وممارساته كملك متجبر ومتسلط لا يعطي لرأي الآخر أهمية كما وأن أنكيد وقد تأثر ببنية المدينة الحضارية عـبر ما ذكرناه من تأثيرات كالجنس وناتج الزراعـة ثم التقنية" .ويخلص عاصي الى ان الملحمة صراع أفكار وليست صراع أساطير مجردة وانها جاءت بفعل الانسان ومكانه وليس بفعل السلطة.
وشهدت الأمسية العديد من المداخلات شارك فيها الإعلامي خالد الشمري والفنان فاضل والدكتور علي حسين يوسف والدكتور عباس التميم والدكتورة انتصار السبتي والذين أكدوا على ان الملحمة قابلة للبحث عن مقتربات اخرى سواء منها المكان او الزمان او الأسباب والدلالات وإنها ملحمة فلسفية أكثر منها أدبية وان أفكارها الأولى تضع المتلقي الحالي على عتبات الحياة الاولى في زمن الكتابة الأسطورية وأيضا اشكلوا على كثرة الترجمات واختلافاتها ما يعرضها الى تأويلات تدخل السلطة والأيديولوجيات وأيضا اتفقوا على ان الملحمة لم تمت لان فيها برمجية تعبير عن حياة كاملة وإنها أغنت رمزيتها التي تبين ان هناك خوفا من السلطة متوارثا من تلك الأزمان وان سر ديمومتها هي اعتمادها على العنصر الفلسفي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

كوجيتو مساءلة الطغاة

علم القصة: الذكاء السردي

موسيقى الاحد: 14 رسالة عن الموسيقى العربية

تصورات مغلوطة في علم السرد غير الطبيعي

أوليفييه نوريك يحصل على جائزة جان جيونو عن روايته "محاربو الشتاء"

مقالات ذات صلة

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر
عام

رواء الجصاني: مركز الجواهري في براغ تأسس بفضل الكثير من محبي الشاعر

حاوره: علاء المفرجيرواء الجصاني من مواليد العراق عام 1949، -أنهى دراسته في هندسة الري من جامعة بغداد في عام 1970، نشط في مجالات الاعلام والثقافة والفعاليات الجماهيرية داخل، -العراق حتى العام 1978، وفي الخارج...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram