السؤال، بالعرف الديمقراطي حق. وانه حق من حقوق الإنسان. وحرمان المواطن منه استعباد ومصادرة. لكنه كغيره من الأسلحة ذو حدين. لذا حض العلماء والفلاسفة والمربون على الاهتمام بحسن السؤال. روي عن الخطيب البغدادي انه قال "التودد إلى الناس نصف العقل، وحسن المسألة نصف الفقه". وفي قصص العرب ان رجلا سأل عالما سؤالا فجا فرد عليه "اذهب فتعلم كيف تسأل، ثم تعال فسل". ومن يريد التبحر في البحث عن أهمية السؤال الذي يصفه أهل الاختصاص بانه "آلة العلم" فسيجد نفسه أمام مصادر ومباحث كثيرة. ولمن لا يمتلك الوقت أو المزاج فالنتيجة ألخصها بقول أحدهم " ان السؤال يُنبئ عن معدن صاحبه".
أما في زمن الأزمات فقد يلعب السؤال دورا مهما في تنوير الرأي العام أو تضليله. الأمر يعتمد على المكان الذي طرح فيه السؤال وكيفيته. فان كان على وسائل الإعلام، خاصة الرسمية، فانه قد يحمل رسالة تستهدف الجمهور ضمن اطار التنوير أو التضليل.
قبل أيام قادتني الصدفة لبرنامج حواري على قناة العراقية كان محوره الدعوة لحكومة إنقاذ وطني. تساءل المذيع عن معنى حكومة الإنقاذ الوطني فأجابته الضيفة: والله ما ادري شيقصدون. ثم سألت سؤالها: أريد أعرف ينقذون منو .. داعش مثلا .. خلي يكولون؟ رد المذيع: والله ما اعرف وحاولت الاتصال بالذين نادوا بها فلم يجيبوا واغلبهم أغلق هاتفه.
وهي واحدة من اثنتين: إما ان الضيفة تعرف الجواب لكنها تحرفه أو أنها تسخر من عقول المشاهدين وتهزأ بها. أحقا لا تعلم بان حكومة الإنقاذ الوطني مصطلح ورد حتى في ميثاق الأمم المتحدة وفي الفصل السابع منه بالتحديد؟ وهل نحتاج روحه للقاضي مدحت المحمود، مثلا، حتى يوضح لنا معناها؟
يا عمّ، ان الحكومة يعني حكومة. والإنقاذ يعني إنقاذ. والوطني يعني الوطن أي العراق. لا ادري كيف ترجمت الوطني إلى داعش؟ ألم تسبقنا دول كثيرة أنقذت شعبها وأرضها بحكومة إنقاذ أم أننا سفينة على سطح لا يحق لنا اختيار ما اختارته عباد الله لتتخلص من كوارثها.
ولأن كل دكة وبيها ملا أحمد، عافت الضيفة الحكومة وهدّت على الكرد، وعادت تسأل من جديد: فهموني شنو معناة ان الكردي في الجيش الاتحادي ينسحب في الموصل لكنه لم ينسحب عندما يكون في البيشمركة؟ يا له من سؤال. بالمناسبة صاحب السؤال الحصيف مثل طارق الباب يجب ان يحسب حساب الجواب. أما ترى الضيفة أنها أخطأت "الطرقة"؟ أما توقعت بان الجواب سيكون أن قيادة الجندي الكردي في البيشمركة أفضل من قيادته في الجيش الاتحادي.
قال الرسول الكريم: شفاءُ العيِّ السؤال.
حسن المسألة نصف الفقه
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2014: 09:01 م