TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يا نواب شعبنا

يا نواب شعبنا

نشر في: 29 يونيو, 2014: 09:01 م

الأوضاع العراقية الحالية اليوم بأمس الحاجة الى معالجة توتراتها وازماتها وحتى انحطاطها بأساليب جديدة، ومسيرة البرلمان السابق على مدى اربع سنوات كانت مريرة فتعطل الأداء التشريعي والتنفيذي ، واصبح المجلس اداة بيد السلطة التنفيذية ، ونتيجة غياب التوافق بين رؤساء الكتل النيابية وخاصة الكبيرة منها ، تعطلت التشريعات والقوانين المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية رحلت الى البرلمان الجديد ، لتكون واحدة من ابرز التحديات امام الاعضاء الجدد .
تناسل الازمات في العراق جعلت شعبه يدخل في نفق مظلم ، لان العقل السياسي لم ينضج بعد ولم تنفعه الحلول الترقيعية مادام الاستحواذ على السلطة هو الثابت الوحيد في ظل اوضاع غير مستقرة متعددة المسارات والتوجهات ، في حين تشهد المنطقة احداثا دراماتيكية لا يعرف احد تداعياتها ونتائجها الكارثية .
انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد، يتزامن مع شن عملية عسكرية واسعة لملاحقة الجماعات الارهابية واستعادة العديد من المدن التي أصبحت تحت سيطرة تلك الجماعات ، والحملة العسكرية تتطلبا موقفا سياسيا موحدا ، يبلوره النواب الجدد انطلاقا من إيمانهم بالمصلحة الوطنية، بتشخيص أسباب التدهور الأمني ثم محاسبة المسؤولين الامنيين ، وكشف خيوط المؤامرة ، ومن يقف وراء تنفيذها ، بالاسماء الصريحة ، فليس من المعقول بعد صرف مئات المليارات من الدولار على المؤسسة العسكرية ، تكون النتيجة هزيمة ونكسة ونكبة ثانية تضاف الى التاريخ العربي بعد نكسة الخامس من حزيران في العام 1967.
يا نواب شعبنا ، سواء من وصل منكم الى البرلمان عن طريق اصوات زعيم قائمته او باستحقاقه الجماهيري ، امامكم مسؤولية تاريخية واخلاقية بتشخيص الداء ، واخيار الدواء ، وشعبكم اعتاد منذ الغزو الاميركي للعراق " تجرع السم" من اجل إقامة نظام ديمقراطي، والقضاء على اي مظهر يسعى لاستعادة الديكتاتورية وفرض سلطة الاستبداد لصالح الحزب الواحد .
من مظاهر الورطة العراقية ان مجلس النواب كان ميدان تبادل اتهامات بين الكتل النيابية على الرغم من مشاركتها في الحكومة ، الا باستثناءات قليلة ، فرهن إرادته بيد الزعماء السياسيين وحسابات الصفقات ، وعجز حتى عن محاسبة مفسدين هربوا اموال العراق الى الخارج .
المشاركة في الحكومة ليست الطريق الوحيد لخدمة الشعب ، ولكن تشكيل جبهة معارضة عريضة هي السبيل الوحيد لتقويم الاداء الحكومي ، ويبدو ان هذه الصفحة من النظام الديمقراطي لم يطلع عليها الكثيرون ، لاعتقادهم بتحقيق المصالح والمكاسب الشخصية والحزبية تأتي عن طريق الحصول على حقيبة وزارية ، تلبي الطموحات في زيادة الأرصدة بالبنوك الخارجية .
الأزمة العراقية ستبقى قائمة في حال فضلت الكتل النيابية المشاركة في الحكومة ، ولاسيما ان الأحداث الأخيرة فرضت استحقاقات جديدة ، فرئيس الكتلة الذي ارتدى البدلة العسكرية المرقطة وحشد قاعدته الجماهيرية للقتال مع الجيش لملاحقة الجماعات المسلحة ، سيطالب بلا شك بوزارة سيادية ، او بمنصب رفيع ، وبدعم وتصويت نواب شعبنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram