TOP

جريدة المدى > سينما > الاخوان تافياني: يجب أن نتذكّر اننا جزء من الطبيعة

الاخوان تافياني: يجب أن نتذكّر اننا جزء من الطبيعة

نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م

الأخوان تافياني هما من بين آخر كبار السينما الكلاسيكية الايطالية. بلغا سن الرشد في عصر روسلليني وبازوليني؛ يعتبران برتولوتشي من بين معاصريهم؛ كان لهما تأثير مربّ على مواطنيهم الشباب مثل ناني موريتي. حازا على سعفة كان الذهبية عام 1977 عن فيلمهما " باد

الأخوان تافياني هما من بين آخر كبار السينما الكلاسيكية الايطالية. بلغا سن الرشد في عصر روسلليني وبازوليني؛ يعتبران برتولوتشي من بين معاصريهم؛ كان لهما تأثير مربّ على مواطنيهم الشباب مثل ناني موريتي. حازا على سعفة كان الذهبية عام 1977 عن فيلمهما " بادره بادرونة "، أوديسّا عن ضيق الحياة الريفية صوِّرت من البداية الى النهاية بخيال جامح وبطريقة مسرحية. يبدأ مع ابن مزارع سارديني، يُبنى الفيلم على ذكرياته، مقدما دعما للممثل الذي سيلعب دوره؛ مشهد آخر يتيح لنا الدنو من مونولوج داخلي لمعزاة يمارس صبي معها الجنس ( (( سأتبرز في حليبك )) ). يتواصل هذا الهزل في الخرافة عن الحرب    " ليلة الشهب " ( 1982 )، ومع الفيلم المقتبس عن بيرانديللو " كاوس " ( 1984 ) و" صباح الخير بابل " ( 1987 )، حول مصمم مواقع سينمائية يعمل لدى دي دبليو غريفيث.

منسيان إن لم يكونا هاجعين للعقدين الماضيين، يعود الأخوان باولو، يبلغ آلان 82 عاما ، وفيتوريو، 83، مع " قيصر يجب أن يموت "، دراسة محكمة، حساسة، عن التحضيرات لعرض مسرحية عن يوليوس قيصر. تُقدَّم المسرحية في سجن ريبيبيا في روما من قبل محكومين بالسجن المؤبد، العديد منهم أعضاء سابقين في المافيا والكومورا. الأسلوب مؤثر لكنه غير منمّق، التصوير أحادي اللون الى حد كبير. (( كل شيء في الفيلم لا صلة له بشكسبير، فهو قصة حقيقية يرويها لنا السجناء، )) يقول فيتوريو عبْر مترجم. (( كل شيء كان تمثيلا. كل شيء كان مكتوبا في نص. إنه فيلم. فيلم مميّز، أجل، لكنه يبقى فيلما. )) وفيلم عظيم، أيضا، كما سلّم بذلك مايك لي ومحلفوه حين منحوه الجائزة الكبرى في مهرجان برلين السينمائي العام الماضي.

المشاركون في العمل معهما يتفقون على أن الأخوين تافياني يخرجان الفيلم وكأنهما شخص واحد. لهذا ربما لا أمانع أن يأتي فيتوريو الى لندن من دون أخيه. عندما تعاون معهما في فيلم " آلونسافان " ( 1974 )، كان مارتشيللو ماستروياني يشير لكلا الرجلين بـ ’’ باولوفيتوريو ‘‘. سئل في نهاية التصوير ماذا يشبه العمل تحت إدارة شخصين، أجاب الممثل : (( هل كان هناك اثنان؟ )) يشرح فيتوريو قائلا : (( لنا شخصيتان مختلفتان لكن نفس الطبيعة. اختياراتنا في الحياة والفن هي نفسها... رغم أن لنا زوجتين مختلفتين.))
يكون العمل في موقع التصوير مقسّما بينهما بالتساوي، آخذا كل أخ بالتناوب دفة التوجيه لإعداد الكاميرا للعمل. إذا حدث وكان هناك جزء مفرد من الإخراج بينهما، فهما يلجآن الى الطرّة والنقش. الديناميكية بين ثنائي آخر من الإخوة يفتنهما. قبل عدة سنوات، التقيا الأخوين كَوين [ المخرجان الامريكيان جويل وإيثان كَوين ]، )) يروي فيتوريو. (( سألناهما : ’ كيف يمكنكما العمل معا؟ ‘ أجابا : لا، أنتما من بدأ هذا الشيء – أنتما من يجب أن يقولا لنا ذلك. ‘ ثم اتفقنا نحن الأربعة على أن الأمر يبقى غامضا. )) ترجع أصول السينما الى زوج من الأخوة، كما أشرت أنا. (( نعم، وفي بداية مسيرتنا الفنية، كتب ناقد خبيث : ’ السينما ولدت مع الأخوين لوميير وستموت مع الأخوين تافياني. ‘ ))
سينما الأخوين تافياني، مع هذا، تنمو بقوة، وفيتوريو في قمة حيويته عندما يناقش " قيصر يجب أن يموت ". (( كان ستانسلافسكي يقول لممثليه أن عليهم ان يعيشوا شخصياتهم، لكن ذلك كان مجرد تمرين عقلي. بالنسبة للسجناء، لم يكونوا بحاجة الى استخدام مخيلتهم : كان كل شيء هناك. هم ليسوا أفضل ممثلين في العالم. لكن لو كانت لديك خلفياتهم الاجتماعية، فأنت ملزم بأن تقدّم نوعا مختلفا من الأداء. كان يمكننا أحيانا أن ننظر في عيون السجناء بينما كانوا يمثلون ونرى بأن تلك العيون كانت شاهدة على جرائم قتل في حياة واقعية. ثم ثانية، حين ينتهي الأداء، يكون للسجناء هذه اللحظة من مقاسمة الفرح. من خلف الكاميرا رأيناهم يعودون الأطفال الذين كانوا يوما، هاتفين قافزين هنا وهناك. للسبب نفسه، نحن نكره بكل قوة ما فعلته المافيا والكومورا وغيرها. كيف يسعنا أن نضع في كفة واحدة هذه العواطف الغريبة؟ لا زلنا لا نعرف كيف نحلّ ذلك. ))
كان الأخوان يقولان في الماضي، (يجب أن نتذكّر اننا جزء من الطبيعة). ذلك سهل الى حد كاف في المشهد الريفي في " بادره بادرونه " و" ليلة الشهب "، لكن كيف يمكن لهذه الحاجة أن تظهر نفسها في حفلة الفالس لفيلم " قيصر يجب ان يموت "، أو فيلمهما "دراما السجن" عام 1972 " سان ميكيله كان لديه ديك "؟ (( لأن السجناء حُرِموا من علاقتهم مع الطبيعة، فإن الاتصال الوحيد الذي لديهم مع شيء أكبر من أنفسهم هو موتهم، )) يقول فيتوريو. (( الجزء من الطبيعة الذي يشعرون بالعلاقة الأقوى معه هو الزمن. والزمن هو مدة محكوميتهم. لا يمكنهم فعل شيء إزاءه – فهم بلا حول. الزمن هو صوت الطبيعة. ))
أعيد هنا استشهادا تاريخيا آخر لفيتوريو من الماضي : (( في كل فيلم تصنعه هناك دائما صفحة أو اثنتان من السيرة الذاتية. )) أين هي إذن في " قيصر يجب أن يموت "؟ (( هو فيلم سيري بالطريقة التي يثبت بها لحظة من الزمن. لو انهمكنا في مشروع معين، فهي هناك كي تجيب عن السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في تلك المسألة. ما يرهق ذهننا نحن الايطاليين هو الحالة المؤلمة التي يكابدها بلدنا. ))
ربما يكون الأخوان تافياني simpatico [ لطيفين ] في كل حياتهما العملية، لكن علاقتهما المشحونة أيام المراهقة تعيد الى الأذهان قول أهل توسكانا : (( fratelli, coltelli )) ( أو : ’’ أخوة سكاكين ‘‘ ). في طفولتهما الرعوية في سان مينياتو، فَسُدَ حب فيتوريو لباولو لأنه تجرّأ بأن يصبح بنفس طول قامته. (( كان ذلك أمرا لا يُغتفَر. كانت هناك فترة أثناء المراهقة عندما كان كل منا يأمل بأن يموت الآخر في حادث سيارة. كنت اكتب مسرحيات تشتمل على أخوين، أحدهما خيِّر، والآخر شرير. )) تجربة العيش أثناء الحرب العالمية الثانية قرّبت من الاثنين – كذلك نمّت حبهما معا للسينما. بعد فترة قصيرة من نهاية الحرب، ذهبا الى سينما كانت تعرض " بايسان "، فيلم روسلليني من الواقعية الجديدة حول تحرير قوات التحالف لايطاليا. (( كانت صدمة في حياتنا، تحوّل غير متوقع، لأننا كنا نرى مأساتنا، التي عشناها، تتجسّد على الشاشة. بمشاهدتنا لهذا الفيلم فهمنا بشكل أفضل الزمن الذي عشنا خلاله. ))
بعد مغادرتهما السينما، أخذا على نفسيهما عهدا : إن لم يستطيعا خلال عقد من الزمان أن يصنعا فيلما خاصا بهما، فسيشتريان مسدسا ويقتلان نفسيهما. (( لم نقرر أبدا منْ سيطلق النار على نفسه أولا، )) يقول فيتوريو.
هذه صورة قلمية موجزة جديرة بفيتوريو : رعب الحرب عولج بتجلّي الفن، الميثاق الفخيم لـ (( السينما أو الموت! )) المعوِّض عن الإجراء العملي للانتحار المزدوج، المزيج من الألم والأمل. يروي لي فيتوريو عن المرّة التي جاء بها بازوليني الى عرض خاص لواحد من أفلام الأخوين تافياني، ليخرج بعدها وتعبير رصين يلف وجهه. في لقاءات اجتماعية لاحقة، أحتجّ للأخوين على رؤيتهما المشبعة بالأمل. (( قال بير باولو [ بازوليني ] : ’ تفاؤلكما هو حتى أكثر مأساوية من تشاؤمي. ‘ بعد أيام قليلة، غيّبه الموت. بالنسبة لنا، مع هذا، كلمة ’’ تفاؤل ‘‘ غير مناسبة. إنه ذلك البصيص الصغير من الأمل أو الصواب هو الذي يهمنا. قد يكون العيش مأساويا، لكن الحياة ليست كذلك. ))
 عن: صحيفة الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram