TOP

جريدة المدى > سينما > عملٌ عظيم يتحدث عنه الجميع ويشاهدهُ القلّة..فاسبنــدر و"ساحــــة ألكسنـــدر فـــي برلــــين"

عملٌ عظيم يتحدث عنه الجميع ويشاهدهُ القلّة..فاسبنــدر و"ساحــــة ألكسنـــدر فـــي برلــــين"

نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م

بذلت (جوليانا لورينتس) آخر صديقات المخرج راينر وارنر فاسبندر جهوداً كبيرة شاقة ومضنية وعلى مدار أكثـر من عام من أجل الحصول على مليون يورو كي ترمم أفلام صديقها المخرج واصدارها على شكل أقراص ( DVD) مدمجة ، وأخيراً ها هي أفلامه بين أيدينا، ومن بينها عمل

بذلت (جوليانا لورينتس) آخر صديقات المخرج راينر وارنر فاسبندر جهوداً كبيرة شاقة ومضنية وعلى مدار أكثـر من عام من أجل الحصول على مليون يورو كي ترمم أفلام صديقها المخرج واصدارها على شكل أقراص ( DVD) مدمجة ، وأخيراً ها هي أفلامه بين أيدينا، ومن بينها عمله الملحمي العظيم ( ساحة ألكسندر في برلين) الذي يقع في (13) حلقة وخاتمة .
اقتبس فاسبندر عمله الملحمي هذا عن رواية للكاتب ( ألفريد دوبلين) وهو ملحمة عن شخص عصامي ونزيه اسمه ( فرانتس بيبركوف) في المانيا المتعبة والمنهكة بعد الحرب الكونية الأولى ، وتعد هذه الرواية واحده من أفضل روايات الأدب الألماني كما أنها أدخلت في المواد المدرسية .
محور الرواية هو ساحة ألكسندر وسط برلين وقد كانت في الماضي سوقاً للماشية في القرن التاسع عشر، وقد سميت بهذا الاسم تيمناً بزيارة ألكسندر قيصر روسيا لألمانيا عام (1805) ، ثم اكتسبت الساحة شهرة أكبر حين بنيت فيها محطة قطار أواخر ذلك القرن، ثم بلغت أهميتها القصوى في عشرينات القرن المنصرم حين أصبحت مركزاً تجارياً ، ومركزاً للحياة الليلية .
كان حلم إخراج هذه الرواية يراود خيال فاسبندر منذ ان قرر ان يصبح مخرجاً سينمائياً وهو في الرابعة عشرة من العمر، ولم يحصل على الفرصة إلا بعد (30) عاماً ، رغم انه حقق خلال هذه السنوات شهرة عالمية بإخراجه أفلاماً تعد علامات فارقة ومهمة في مسيرة السينما الألمانية : ( دموع بترا فون كاينت) و (زواج ماريا براون) و ( تاجر الفصول الأربعة) و ( علي: الخوف يأكل الروح)، عام (1979) أعطى التلفزيون الألماني الموافقة لفاسبندر ليشرع في إخراج المسلسل ، وبعد سنة كان جاهزاً للعرض ، شاهد حلقاته الأولى أكثر من (14) مليون مشاهد ، ولكن عدد المشاهدين انخفض الى النصف مع مسير حلقات المسلسل ، وهذا ما أصاب فاسبندر بخيبة أمل ، وحسب ما تقول ممثلته المفضلة ( حنا شيغولا ) أنه (دمر حياته ، كان يأمل في أن يقود الجمهور الى أشياء أكثر طموحاً من المعتاد) ، ورغم نجاح فيلمه ( ليلي مارتين) إلا انه أغرق نفسه في تناول المخدرات والخمور حتى وجدته جوليانا لورينتس ذات يوم من عام (1982) في شقته ميتا في فراشه وفي فمه بقايا سيكاره والى جانبه سيناريو فيلم لم ينجزه ، رحل فاسبندر عن عمر 37 عاماً ولكن المسلسل بقي .
بعد عام على وفاته نظم مسرح لينكولن في نيويورك عرضاً لمسلسل ( ساحة ألكسندر) أستمر شهراً كاملاً ، وقف الناس هناك في طوابير ومعهم تراموس القهوة والسندويشات من أجل ان يحضوا بفرصة مشاهدة العمل كاملاً ، حضر العروض نجوم هوليوود سوزان سارندون و ريتشارد غير ميريل ستريب وآل باتشينو ، وأيضاً سوزان سونتاغ التي يروى انها كانت تحضره ليلياً ولمدة شهراً كاملاً لتعود وبمناسبة عرضه عام 1997 في متحف الفن الحديث كتبت عنه مقالاً خطيراً ومهماً ، عام (2007) قام متحف (موما) بعرض الفيلم في (14) قاعة كل قاعة تعرض حلقة من المسلسل وهكذا على المشاهد ان يدور على (14) قاعة ليرى حلقات المسلسل كاملاً .
جاء فاسبندر للسينما من الشارع الذي خبره وعاش فيه جراء طفولة مضطربة ومراهقة قلقة وجو عائلي متوتر ، فخبر ليله ونساءه وعاش علاقات منحرفة ، وهذا ما يظهر بوضوح في أفلامه ، العيب الاجتماعي ، والكره للعنف ، تسلط المجتمع البرجوازي ، يقابلها إحساسه العميق بالحب والتوق للحرية .
كان فاسبندر متعدد العلاقات مع الرجال والنساء وهذا ما أخذه الى طريق الشذوذ الجنسي ، كان يحب صداقاته لذلك كانت علاقاته بهم تصل الى ان يخلدهم فيمنحهم أدواراً في أفلامه ، لذلك كان يحتفظ بنفس فريق العمل الذي يعمل معه ، وهذا ما أدى الى نتائج كارثية منها انتحار صديقه المغربي ( الهادي بن سالم) بطل فيلمه ( علي ) في زنزانته بالسجن ، وانتحار صديقه اليوناني الذي شنق نفسه في شقة فاسبندر عشية عيد ميلاده بسبب زواج فاسبندر ، وإجبار سكرتيرته ( أرم هيرمان) التي كان على علاقة بها على ان تكون ممثلة ، كانت تعشقه بجنون ، لكنها هربت من فوضويته وعبثيته ، حاول مراراً ان يعيدها لكنها رفضت فقام بضربها بسادية وسط الشارع ، هذا الاختلاط بين الإبداع والتوق للحرية بشكل منفلت هو ما اكسبه شهرة كبيرة ، ففي سنوات عمره القصيرة حقق فاسبندر 35 فيلماً سينمائياً طويلاً و(3) افلام قصيرة و(20) مسرحية ومثل أكثر من (30) دوراً سينمائياً سواء في أفلامه او في أفلام غيره ، وعمل مصوراً فوتغرافياً ومؤلفاً موسيقياً ، كان تأثير ( بريخت ) عليه كبيراً ، وتأثيرات ( جان لوك غودار) واضحة ، كان يمتلك طاقة لا حدود لها فيخرج في بعض الأحيان ( 3) أفلام في العام الواحد ، وهذا ما سبب له الإجهاد وفشل بعضها قاده الى طريق المخدرات والنهاية المبكرة .
رحل فاسبندر وبقيت ساحة ألكسندر شامخة شاهدة على تغير الناس والبلد ، بقيت ساحة ألكسندر تروي حكايات فتى فوضوي عبثي ، عاشق ،ومجنون أسمه ( رينر وارنر فاسبندر) .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

مشاركة 25 ألف مركبة خاصة و350 باصاً في نقل الزائرين

660 ألف طفل في قطاع غزة لا يزالون خارج المدارس

وزير الخارجية: القوات الأمريكية ستبقى في العراق بظل إدارة ترامب الجديدة

إيران: استقالة المسؤولين الإسرائيليين دليل على هزيمتهم

اسعار النفط العراقي تهوي لما دون 80 دولارا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

السينما كفن كافكاوي

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram