TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المشاجرة خير بداية

المشاجرة خير بداية

نشر في: 2 يوليو, 2014: 09:01 م

وسائل إعلام عربية وأجنبية وفي اطار تناولها الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي امس الأول الثلاثاء ركزت على المشاجرة التي اندلعت بين نائب من ائتلاف دولة القانون مع نواب التحالف الكردستاني ، وما حصل يختزل ازمة عميقة في وقت تشهد البلاد اوضاعا امنية سيئة لا احد يستطيع تقدير نتائجها لانشغال الجميع في تحقيق في ترتيب تسويات، يمكن ان تفضي الى اتفاق على اختيار المرشحين لشغل مناصب الرئاسات الثلاث .
بعيدا عما ذهبت اليه معظم وسائل الاعلام بان جلسة مجلس النواب بدأت بمشاجرة لم تكن الاولى في مجلس النواب ، هناك من اعتبرها فألا حسنا ، ولاسيما ان التاريخ البشري فيه من الحوادث والوقائع ما يؤكد بان النزاع والمشاجرات قد تفضي الى وضع حد نهائي للصراع والانتقال الى مرحلة اخرى من التعايش السلمي.
الحالة العراقية بتعقيداتها السياسية والامنية غير خاضعة لمقاييس التاريخ البشري في بعض الاحيان بتحويل الصراع والنزاع الى فرصة لترسيخ السلم ، بجهود عقلاء القوم ، والاستعداد للتنازل من اجل تحقيق الاهداف الكبرى ، لذلك لا يمكن ان تكون المشاجرة في جلسة البرلمان الاولى خير بداية ، تضع حدا لاضطراب يغذيه الصراع على السلطة ، والاستحواذ عليها بكل الأساليب خارج الأطر الدستورية ، الأمر الذي اشعل فتيل خلاف دائم في الساحة العراقية ، سمح لقوى خارجية للتدخل فكانت سببا في تغليب إرادة معينة على حساب اخرى ، في تهميش مقصود لإرادة شعبية علقت آمالها على إقامة نظام ديمقراطي، تشوهت صورته بإصرار على تعطيل التشريعات المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية ومنها اقرار قانون الاحزاب وتعديل المواد الدستورية ، ونزع الالغام من مواده موضع الخلاف ، خاصة ان جميع الاطراف اعترفت بان الدستور بأمس الحاجة الى تعديل ، ولكنها فشلت خلال دورتين تشريعيتين من تعديل بعض المواد ، وتطبيق المادة الخاصة بالمناطق المتنازع عليها .
الاحداث الاخيرة في العراق افرزت واقعا جديدا يتطلب بالدرجة الاساس البحث في جذر المشكلة وتشخيص اسبابها ، عسى ان يصل اصحاب الحل والعقد الى صيغة مشتركة لوضع اسس تصلح ان تكون قاعدة مشتركة لرسم خريطة طريق جديدة ، لكن اصحاب الصوت المرتفع من هواة خوض المشاجرات ، فضلوا لعبة اثارة الغبار ، بتوجيه الاتهامات الى الشركاء والتلويح بشن حروب اخرى ، لاعتقادهم بان القوة في البيئة العراقية هي السبيل الوحيد لضمان المكاسب على حساب اقامة دولة مدنية .
العراقي اليوم وضع الحفاظ على امنه في مقدمة أولوياته ، وما عادت تعنيه مفاوضات الساسة لتشكيل الحكومة الجديدة ومن يتولى المناصب، والمشاجرة في مجلس النواب عمقت قلقه ومخاوفه من جر البلاد الى منزلق خطير، وانتابه الشعور بان الساسة يفضلون طبخ قراراتهم على نار هادئة ، مثل ذلك الشخص الذي نام تحت النخلة منتظرا سقوط الرطب في فمه ، فاستحق لقب تنبل ابو رطبة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram