لا أحد يعرف حتى هذه اللحظة كيف حدثت المعركة مع جماعة الصرخي .. ما زال الكثير لم يروَ في حكاية رجل الدين الذي كانت الحكومة تمد له حبال المودة وحضرت بممثليها الرسميين افتتاح مكتب رسمي له في كربلاء .. وهي نفس الحكومة بممثليها الرسميين أيضا خرجت علينا لتعلن أنها عثرت على معمل لتفخيخ السيارات في مكتب الصرخي مع وثائق تثبت حصوله على دعم من دولتين جارتين - لم يذكر الناطق الرسمي ، كعادته ، اسمي هاتين الدولتين ، ونوعية المؤامرة التي جندت الصرخي وجماعته لتنفيذها في العراق- وحذت قبيلة ال صخرة وهي القبيلة التي ينتمي اليها السيد الصرخي حذو الحكومة فأصدرت إعلانا عشائريا تبرأت فيه من الصرخي بل وذهبت ابعد من ذلك حين أكدت أنها – أي العشيرة – تملك وثائق تثبت انتماء الصرخي الى مخابرات صدام ، وهو الخبر الذي تلاقفته قناة العراقية ليصبح السبتايتل المفضل لديها خلال الأيام الماضية.
بهذا المنطق تحول الصرخي وجماعته من مجموعة تحظى بمباركة الحكومة الى جماعة خارجة على القانون .. وقبل ان يتهمني البعض بالدفاع عن السيد الصرخي وجماعتة احب ان أقول اني اقف بالضد من عمل رجل الدين في السياسة ، وكتبت في هذا المكان أطالب بمنع كل من يرتدي زيا دينيا من الترشيح لعضوية مجالس المحافظات احتراما لقدسية هذا الزي ولكي يبقى رجل الدين في مكانه الحقيقي في قلوب الناس .
في حكاية السيد الصرخي أود ان أورد حادثتين مهمتين يمكن ان تسلطا الضوء حول علاقة الود التي كانت تبديها الحكومة لرجل الدين محمود الصرخي وجماعته .. الحكاية الأولى جرت قبل اكثر من عام وكلنا يتذكر كيف تعرض عدد من الصحف العراقية الى هجوم مسلح قيل في وقتها ان الأمر كان "قرصة اذن" وجهتها جماعة الصرخي لوسائل إعلام نشرت معلومات قيل آنذاك أنها مغلوطة.. في ذلك الوقت واجهنا ، نحن الإعلاميين ، حالة صمت رسمي ، حيث لم يخرج علينا الناطق الرسمي ليدين ماحدث ولم تتحرك أجهزة الأمن لإلقاء القبض على الجناة ، ولم تبادر قناة العراقية بشجب ما جرى ، بل العكس وجدنا من فرح بهذه الغزوة لأنها اقتصت من الإعلام المشاغب ..مرت الحكاية ببساطة بل أجبرت احدى الصحف على نشر اعتذار وتكذيب لما نشر . .اما الحكاية الثانية فقد جرت وقائعها قبل اشهر في كربلاء حين خرج علينا مدير تربية المحافظة ليعلن على الملا بيانا يعتذر فيه من السيد الصرخي . وكان نص البيان كما يلي : الى سماحة المرجع الديني الأعلى المحقق الكبير السيد الصرخي الحسني دام ظله .. باسم المديرية العامة لتربية محافظة كربلاء نتقدم بالاعتذار لسماحتكم عن التصرف الخاطئ الذي حصل من احدى المعلمات ونعدكم باننا سنتخذ الإجراء القانوني الفوري سائلين المولى القدير دوام الموفقية والسداد ببركة دعائكم لنا " .. إذن السيد الصرخي الذي كانت محافظة كربلاء تعتذر له وتتمنى رضاه تحول قبل ثلاثة أيام فقط الى إرهابي في نظر السيد محافظ كربلاء الذي اعلن في مؤتمر صحفي ، إن " الأجهزة الأمنية عثرت على معمل للتفخيخ ومستودعات للأسلحة في مناطق تابعة لاتباع محمود الحسني الصرخي ، وتم العثور على وثائق وأجهزة موبايل تبين الى اتصالات مع دولتين أجنبيتين وأسلحة مختلفة”. فيما اعلن الفريق قاسم عطا ان " محمود الصرخي واتباعه خارجون عن القانون "
إذن نحن أمام عدد من السادة المسؤولين بدوا كأنهم يستعرضون عضلاتهم المعلوماتية فى الانشغال بتحديد الوثائق التي حصلوا عليها وأجهزة المخابرات التي يرتبط بها الصرخي ، دون أدنى محاولة لشرح ما جرى وملابساته ، او تقديم وقائع حقيقية جرت على الأرض.
لم يتوقف أحد منهم عند حالة الارتباك والتخبط التي هيمنت على الرواية الرسمية بشأن العملية، ولم يهتم أحد بكشف غموض ما جرى، وهل فعلا كما ذكرت وسائل الإعلام بان الصرخي وجماعته يخططون للقيام بعلميات إرهابية في كربلاء ؟
والثابت أن حكاية معمل التفخيخ قد تحولت إلى نكتة حقيقية، خصوصا مع نشر صور للمعمل اتضح انه مخصص لصناعة الحلي الفضية ، الأمر الذى أطلق موجات من السخرية على هذا الخطاب الرسمي المتهافت والنتناقض .