حين تتواتر الأنباء الفاجعة عن تناسل وتشرذم وتشظي اعداد الملل والنحل التي لحقت بجوهر الإسلام الحقيقي الحنيف . وأصابته بمقتل ، وتركت المسلمين الجدد يتقاتلون ويتصارعون ويتقاذفون رؤوس ضحاياهم كما الكرة في الملاعب .. ليجيء الإعلان الرسمي عن انتشار التطرف الإسلامي في اثنتي عشرة دولة ، انتشار النار في الهشيم …. أستحضر مقولة قديمة قيلت على لسان الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي — ١٨٠١—١٨٧٣— الذي اوفد لفرنسا ضمن بعثة تعليمية إبان عهد محمد علي باشا الكبير . والذي عاد لمصر وجهر بآرائه التنويرية التي ضمنها مؤلفاته العديدة . لتغدو مقولته الشهيرة التي شاعت بين خصومه ومريديه:
— في فرنسا ، رأيت إسلاما ولم ار مسلمين .
عجب ، عجب ، كيف رأي في بلد الكفار ( إسلاما ) ولم ير مسلمين؟
شهد في فرنسا كيفية احترام القوانين ، والانصياع لهيبتها ، وعدم الزوغان من سطوتها او خرقها بحق كائن من كان، لا بشفاعة شفيع ولا بوساطة متنفذ .
لمس التسامح الديني بأبهى صوره ، فلا يسأل الجار جاره عن دينه او مذهبه او هويته ، ولا يعنيه كيف وأين يؤدي صلواته ، او يمارس طقوس عيده.
رأى الحرية الشخصية مصونة ومسؤولة . ما دامت لا تخرق قانونا ولا تتجاوز على حق .
تلمس مبدأ - احترام الرأي الآخر - ولو كان على التناقض والتضاد ، بعيدا عن قطع الرأس بالسيف ٫ او التلويح بمسدس ، او جز العنق بمدية صدئة .
راقب الحاكم وهو مسؤول عن رعيته . ضامن لهم أمنهم وعملهم وسبل معيشتهم . ولهم عليه حق المقاضاة إن هو هادن او تهاون .
رأى الناس سواسية كأسنان المشط .لا فضل ولا تفضيل لأحد على احد إلا بما يحققه من إنجاز او عمل صالح ، شرط كف الأذى عن الناس .
قرأ ترجمة حرفية لحديث متوارد : إذا اراد الله بقوم سوءا ، سلط عليهم كثرة الجدل وقلة العمل .
راقب المدارس والجامعات ودور العلم مكتظة بروادها ، متناغمة باختصاصاتها العلمية والثقافية ، متباهية بصفوة مدرسيها وكوادرها .
ماذا يقول عقلاء اليوم بعد اكثر من مائة سنة ونيف على رحيل الطهطاوي؟ والطواعين تنتشر وتتناسل باسم الدين الإسلامي في عموم الأقطار الإسلامية؟
* اللهم : إنا نسمع عن مسلمين ، ولا نرى إسلاما.
مقلوبة يا ( الطهطاوي ) مقلوبة
[post-views]
نشر في: 6 يوليو, 2014: 09:01 م