أقدّر رفض العراقي المخلص لتقسيم بلده، سياسيا كان أم مواطنا عاديا. لكن هل مر ببالنا ان نسأل: لماذا العراقيون في المناطق المرشحة للتقسيم رحبوا أو صمتوا تجاهه في أقل التقديرات؟ قبل الإجابة هناك سؤال أهم ينبغي ان يجيب عليه الرافضون لفكرة التقسيم وهو: لماذا ترفضونه؟
تابعت القنوات العراقية الحكومية أو السائرة تحت خيمتها وقد خصصت الكثير من برامجها للتحشيد ضد فكرة إجراء استفتاء لأخذ رأي الشعب الكردي بانفصال كردستان. حسنا لنقف عند هذا. المواطن الحريص على وحدة وطنه بحق عليه ان يضع انتماءه لعراقيته قبل وفوق انتمائه الطائفي. هذا يحتم على دعاة الوحدة الوطنية ان يخاطبوا شعب الجزء الذي يفكر بالانفصال بلغة الحب والمودة وليس بلغة التخوين والعمالة والكراهية.
بكل صراحة وأسف أقول أنا لم اسمع في وسائل الإعلام المتسيدة على الموقف بفضل دعم السلطة غير اتهام الكرد بالتآمر والخيانة والعمالة والسعي لخراب العراق. وهنا أحتار هل الدعوة لرفض الانفصال منبعه الكره أو الحب؟
لن أجيب بل سأخاطب عقلك أيها القارئ اللبيب. أفترض انك أتيتني يوما خلال أزمة مشتدة تنذر بحرق اليابس والأخضر لتقول لي: اني سأسحق رأسك أيها العميل عندما تنتهي الأزمة، وفوق ذلك تطالبني بأن أساعدك بحلها. ماذا تتوقع مني؟ هل سأساعدك لتتخلص بأسرع وقت منها كي تسحق رأسي وتدمر أهلي وناسي، أم اني سأفكر بالخلاص من شرّك بأي وسيلة أستطيعها؟
كثير من الشيعة تولد لديهم شعور، معظمه غذّته السلطة المركزية، بانهم مكروهون من قبل الكر د والسنة، وان هذين المكونين يسعيان للتآمر على وجودهم. هذه الحالة لها تفسيران: إما أنها وهم لا شعوري نابع من عقدة البارانويا، أو أنها حقيقة مسنودة بأدلة لا تقبل النقاش أو الدحض. فان كانت وهما فما على الموهوم حرج ولا حل بغير وجود حكومة وطنية غير طائفية تنزع من رأسه تلك الأوهام. أما إذا كانت حقيقة راسخة، فأقول لمن يؤمن بها: علام هذا التشبث إذن بمن تعتقد جازما انه يكرهك؟ العقل والمنطق يقولان باب التجيك منها ريح سدها واستريح. أليس كذلك؟
ما طرحته ينطبق إلى حد كبير على القول بانقسام السنة في إقليم. السلطة بنسائها ورجالها وإعلامها تبنت لغة مشابهة لتلك الموجهة نحو الكرد. ليس فيها أخي أو عزيزي السني: آنه منك وانت مني. مناطق السنة احتلت من "داعش" بقوة السلاح بعد ان انسحب منها الجيش ولا نريد ان نقول بأنه انهزم. فما ذنب الشعب الذي وقع عليه الاحتلال؟ هل من الحس الوطني الحريص على وحدة الوطن وصفهم بالخونة والعملاء والطعن في أعراضهم أحيانا؟
أسألك أيها القارئ اللبيب: ما الذي ستقوله عني لو انك أتيتني تشكو همومك وتقول لي اني ظلمتك فأرد عليك بان ما تقوله "فقاعة" أو "نتانة" وأطالبك بان تسكت أو اني سأنهيك بالقوة ثم أنهيك بها فعلا؟ حب هذا أم كره مقيت؟
قمة التخلف والبؤس العقلي والسياسي معا، ان يتعامل الحاكم بلغة الزوج المتسلط مع مكونات اجتماعية مهمة وكأنه يطلبها لبيت الطاعة قسرا. وزواج الغصب، الذي لا يمكن أن يبني عائلة سعيدة، أنّى له ان يبني وطنا موحدا، حرا وسعيدا؟
تقسيم العراق: نحب لو ما نحب؟
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
ابو سجاد
اقنوات السلطة واقلام السلطة التي تسيطر على كثير من وسائل الاعلام العراقية والعربية هي التي تغذي النعرات الطائفية واشعال نار الفتنة اقرا كثيرا من الصحف وخاصتا مايكتب في مؤسسة بابل للاعلام ارى اغلب الكتاب فيها ولاول مرة بحياتي اقرا هذا التحريض الطائفي والقو
الشمريفاروق
الاخ العزيز العقابي.... ؟؟؟المالكي ينطبق عليه المثل القائل... (عرب وين طمبوره وين) مع تحياتي لك ايها العزيز.
احمد عبدالوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم استاذ هاشم المحترم...ارجو من حضرتكم ان لاتتوقعوا من نوري المالكي ان يسمع نصيحة او ان يصلح من سياسته فهو اما انسان قد غره كرسي الحكم فأنساه نفسه او هو مشارك عن قصد في تدمير البلد ولكن ماهو الحل؟الحل برقبة من يستطيع ان يسقط المالك