في برنامج تلفزيوني لقناة (المدى) الفضائية ظهرت لقطات تصور (مسرح بغداد) مقر فرقة المسرح الفني الحديث وهو في حال يرثى لها حيث عم الخراب صالة المتفرجين وخشبة المسرح وهو حال العديد من مناطق العراق التي لم تصل اليها يد الإعمار بالرغم من مرور احدى عشرة سنة على تغيير النظام . وكنا نتصور ان يشهد هذا الصرح الثقافي تغيراً وتطوراً نحو الأفضل لا ان يصبح مكباً للنفايات وكنا نتصور ان (مسرح الرشيد) وهو من المسارح المعتبرة في المنطقة وقد تعرض الى الدمار والتخريب ان يشهد هو قبل غيره اعماراً يعيد له زهوه الذي كنا نفتخر به ولكن للأسف ما زال مجرد خربه. وكِلا الصرحين الثقافيين شهد اعمالاً مسرحية رائعة ما زال الكثير من المسرحيين هنا وفي الخارج يتذكرونها ويشيدون بمستواها الفني والفكري الرفيع نتيجة جهود وإبداعات الفنانين العراقيين من أعضاء الفرقة القومية او من أعضاء الفرق الأهلية. وكِلا المسرحين ينتظر عطف وزارة الثقافة لإعادة إعمارها.
كان للفرق الأهلية (الحديث والشعبي واليوم و 14تموز واتحاد الفنانين وغيرها) الدور الرئيس في إعلاء شأن الفن المسرحي في بلدان وفي تقديم الحركة المسرحية العراقية خطوات الى الأمام قبل تأسيس فرقة الدولة (الفرقة القومية للتمثيل) وبعد تأسيسها ، على ان معظم أعضاء الفرقة الرسمية كانوا قد تدربوا او تقدموا في فنهم في تلك الفرق الأهلية، واليوم لا نجد اثراً لواحد منها في الساحة المسرحية وأسباب هذا الغياب معروفة أولها الظرف الأمني الصعب وثانيها تشتت أعضائها وهجرة عدد كبير منهم خارج البلاد، وثالثها افتقار اصحابها الى الدعم المالي كي تستطيع معاودة نشاطها.
نعم كانت تلك الفرق تتلقى دعماً مالياً ضعيفاً عن طريق (المركز العراقي للمسرح) ومن ميزانية وزارة الثقافة والإعلام ولكنها بالدرجة الاولى كانت تعتمد على جمهورها الذي بقى يساندها مادياً ومعنوياً وتعتمد ايضاً على جودة أعمالها المسرحية وحسن اختيارها للنصوص المسرحية ذات الموضوعات اللصيقة بأبناء الشعب والابتكارات التي يتسم بها اخراجها و تمثيلها. كانت تلك الفرق الأهلية المنافس الحقيقي لفرقة الدولة ما دعا المسؤولين عنها الى تطوير أعالمها حتى وصلت الى المستوى المتقدم خصوصاً بعد ان التحق بها ابرز المخرجين والممثلين الذين عملوا في الفرق الأهلية.
سأذكر هنا ابرز المسرحيات التي قدمتها الفرق الأهلية والتي ما زالت عالقة في أذهان الجمهور فهل ننسى (الشريعة) ليوسف العاني و (رحلة في الصحون الطائرة) و (بيت برناردا البا) و (بغداد الأزل) في مسرح بغداد ، وهل ننسى (الدبخانة) لفرقة 14 تموز، وهل ننسى (ترنيمة الكرسي الهزاز) لفرقة المسرح الشعبي في منتدى المسرح وهل ننسى (البيت الجديد) لنورالدين فارس مع اتحاد الفنانين وسنظل نتذكر (الانسان الطيب ) للألماني بريخت واخراج الراحل (عوني كرومي) بمشاركة اعضاء الحديث الشعبي. وسنظل نتذكر (الى إشعار اخر) و (الكفالة) و (شكراً لساعي البريد) للمسرح الحديث.
اما اليوم فلا اعتقد ان من الأعمال المسرحية التي تقدمها الفرقة القومية للتمثيل ، الا ما ندر ، سيبقى في ذاكرة الجمهور لمدة طويلة لا لشيء إلا لأنها لم تصل الى المستوى الفكري والفني الذي وصلت اليه الأعمال المذكورة في أعلاه رغم الادعاء بأن متطلبات المرحلة التي نحن فيها تقتضي أفكارا و معالجات وأساليب مسرحية غير تلك التي كانت سائدة في الزمن الآخر بيد ان الاستسهال والنقص في الخبرة وشحة الثقافة العامة والخاصة هي العوامل التي تتحكم في الإنتاجات المسرحية الجديدة ولا انكر ابداً ان هناك إبداعات صدرت من عدد من المسرحيين الجدد ولا انكر ابداً ان المسرح العراقي بقى في صدارة الحركات المسرحية في البلاد العربية وما زالت تحصد انتاجاته عدداً من الجوائز في المهرجانات العربية. ولا انكر ابداً ان المسرحيين العراقيين الجدد قد اثبتوا حضورهم في البلاد الأجنبية.
اذا أريد للحركة المسرحية في العراق ان تصل الى مستواها العالي الذي كانت عليه في الماضي فلا بد اذن من إحياء الفرق الأهلية وتنشيط عملها في المستقبل.
ضرورة إحياء الفرق المسرحية الخاصة – الأهلية
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...