خصصت الصحف اللندنية مكانا بارزا للخبر الذي يقول: ان مجلس العموم البريطاني قرر ان يضع تمثالا للمهاتما غاندي في ساحة البرلمان، وقال وزير خارجية بريطانيا وليم هيغ " ان الزعيم الهندي لا يزال مصدر الهام وقوة كبيرين لنا". وأتمنى عليك وانت تنتهي من قراءة الخبر، ان تعرف ان صاحب التمثال "غاندي" قاد اكبر ثورة في التاريخ ضد الاستعمار البريطاني وبفضله نالت الهند استقلالها عام 1947.
سحر غاندي البريطانيين بتواضعه، وبرفضه للعنف وبعفوه الدائم وبابتسامته السمحة التي دفعت "عدوه" تشرشل ان يخالف البروتوكول فيقرر الوقوف في باب رئاسة الوزراء لاستقبال الرجل النحيل الذي قرر ذات يوم وفي هدوء ان ينهي سلطة الرجل الابيض على القارة الهندية، وقبل ان يسحر غاندي زعماء ومشاهير العالم كان قد سحر مواطنيه الذين علمهم ان الانتصار لا يعني الثأر والانتقام ، وانما الصفح والمغفرة.
قاد تشرشل بريطانيا للنصر في الحرب العالمية الثانية.. لكنه خسر سباق السياسة أمام رجل نحيل جاء من بلاد الهند يجر وراءه معزة أكثر منه نحولا.
لا أعتقد أن هناك من يمل من الحديث عن سيرة الرجل النحيف الذي قال لأعدائه ذات يوم "لقد عرفت القانون وجربته فنجح اعظم نجاح، ذلكم هو المحبة وبها ستتحرر الهند".
اختصرها غاندي الذي كان يرفض أن يخدع الناس: "إني أوثر الانتظار أجيالا وأجيالا، على أن ألتمس حرية شعبي بالاكاذيب " يتكرر مشهد اصحاب الشعارات والبدلات البراقة على مر العصور دون أي تغيير ، مجرد إضافات جديدة ، ألم يخبرنا ابراهيم الجعفري ذات يوم أننا الشعب الأول في مجال الاستقرار والازدهار والتنمية، ونسي ان يضيف الى قائمة الاوائل ،الخراب والفساد وتاسيس دولة داعش .
أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين مسؤول فاشل ، وآخر يرى في الحكم وسيلة لا غاية، لكنني أحاول القول إن لا شيء يحمي الدول من الخراب سوى سياسيين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالتقصير، في الصح وفي الخطأ.
كم سنحتمل من استعراضات ساستنا "الأشاوس" الذين يريدون منا أن نتربى على خطبهم، وأن نرفع شعار السمع والطاعة؟ كم مرة سنتحمل سياسياً يريد منا أن نلغي كل إمكانية التفكير والبحث، من خلال استدرار عواطف البسطاء واستغفالهم؟!
كم سياسياً ومسؤولاً مصر على ان يحرق هذه البلاد بسبب هواية الكذب والزعيق المتواصل ؟ كم سياسياً يريد ترويض الناس بجمل وشعارات عن الوطنية والمظلومية ؟ كم انتهازياً يشن كل يوم هجوما على أدمغة الناس باسم "الاجندات الخارجية"؟
كم زمناً سنعيش تحت حكم خطباء "ام المعارك"؟ إلى متى سنتحمل سياسيي الخطب الرنانة وهلوساتهم؟ كم عمراً سنضيّع مع أحاجي وحزورات عن الكتلة الاكبر والقائمة الاكبر .
رجال النصر في هذا العالم كانوا يدركون جيدا أن الانتصار الأكبر هو الانتصار على الظلم والجهل والفقر .. لا مكان لمعارك الثأر والدفاع عن الفشل.
لم يبقَ حلم في أقصى مدن العراق، إلاّ ونهب وخرّب. لم يبق بيت إلا وزرعت فيه بذرة الطائفية.. لم يبقَ ترمّل أو تهجير او قتل على الهوية، إلا نُشر ورسخ. لماذا؟ لأن البعض من الساسة يريد أن يبني مجده على أن يخالف لا أن يصالح . يريد البقاء ، لأنه يملك السلطة والمال لا ، لأنه عادل ومتسامح وكفء.
تتوالد وتتكاثر الأحقاد والضغائن في المناخات الملوّثة بوباء الطائفية والاستبداد. راجعوا معي حكاية المهاتما غاندي، فستجدون كيف تبنى الامم حين يهجر الساسة خطب الكراهية والمنفعة والطائفية .
في هذه البلاد التي اصر ابو بكر البغدادي ان يعلن فيها خلافته.. التميّز الوحيد في التجربة الديمقراطية، هو القرار الذي اتخذه ائتلاف دولة القانون من ان لابديل عن الولاية ثالثة ورابعة وخامسة حتى النفس الاخير ، والكرسي الاخير ، والدولار الاخير .. والمواطن الاخير .
غاندي يبحث عن الولاية الثالثة
[post-views]
نشر في: 8 يوليو, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
نتنياهو يلمح لوقف إطلاق النار في غزة: ليس إنهاء الحرب
مطلع الأسبوع المقبل.. استئناف رحلات الخطوط الجوية العراقية مع بيروت
أستراليا تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال
صحيفة أمريكية: وقف إطلاق النار في لبنان قد يدفع لمواجهة مباشرة بين "إسرائيل" وإيران
تدمير مضافات إرهابية بضربات جوية في وادي حوران بالأنبار
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 3
ابو محمد
ارجوك يا استاذ علي ... اجبني .هل الامه العراقيه ماتت؟..هل الشعب العراقي في سبات?...اين الناس اين المواطن.. ماذا يحصل بالضبط... معقوله مصائرنا يتحكم بها حراميه وجهله مفضوحين..........
علي
احسنت كالعاده لمادا لاترفعوا شعارا موحدا: ارحل ارحل ارحل
محمد توفيق
ههههههههة ابو محمد الله يخليك هذا الشعب الذي كان يسب النظام قبل الإنتخابات لأنه فاسد ومنخور لكن يرجع ينتخبه من جديد شعب لايستحق هذا الوطن ، وهو في طريقه الى الموت إذا لم يكن قد مات بعد.