من يسوقه حظه العاثر للتمعن في الصور والأخبار المتواترة عن عقود التسليح المبرمة رسميا ، او تلك الأسلحة التي تمتلكها المليشيات المتعددة الأسماء والأهداف ، تلفه قشعريرة محموم إذ يراوده سؤال منطقي : من أين لواحدهم — ناهيك عن مجاميعهم الغفيرة— تلك الكمية الوفيرة من النقود ليبتاع (كلاشينكوف ) بأحدث ما توصلت إليه الصناعات الحربية من أفانين ، سيما وإن معظم أفراد المليشيات (كلهم )، دون عمل منتج . او دخل مجز و معلوم .
ثمة خبر ربما لم يلتفت إليه العامة ، ولكنه يكفي لرفع درجة الحمى في أوصال من يحسن القراءة بين السطور : إن الدول الرئيسة المنتجة للأسلحة المتطورة — تعرفونها — تنتج سنويا ما يكفي لتدمير الكرة الأرضية ، وجعل عاليها سافلها !.
هذا الخبر المعلن ، أما ما يكتنفه من تفاصيل غير معلنة للعامة فتشير: إن هذا الكم الهائل من الأسلحة والعتاد ، لا يمكن خزنها لأكثر من سنتين او ثلاثة على اكثر تقدير .— بسبب نظرية التقادم ، وضرورات التحديث ، وصعوبة خزن وإدامة تلك الكميات . إذن .. لا بد من إيجاد سوق لتصريف البضاعة . بأسرع وقت ، وبأعلى ثمن ، والدول النفطية الغنية ضامنة ومضمونة . ما دامت الدراسات الاستطلاعية ، استبعدت قيام حرب بين أميركا وروسيا بالأسلحة التقليدية ، وإمكانية نشوب حرب بين بريطانيا وفرنسا شبه معدوم، وبين المانيا وجيرانها مستحيل ، وبين اميركا ودول أوروبا بعيد الاحتمال، وبين الصين واليابان غير وارد … لذا فإن التنانير المسجرة في دول العالم الثالث (الغنية ) جاهزة للإمساك بزمام المبادرة لشراء السلاح واستعماله ابشع استعمال . بعدما غدا الشغل الشاغل لمواطني تلك الدول: كيف الحصول على بندقية لقتل جاري الذي يخالفني الرأي ، او ينابزني بدين او طائفة او معتقد ، او الدفاع عن النفس في احسن الأحوال .
جوهر الفاجعة يتبلور حين نعرف إن ضخ النفط لم يتوقف ولو يوما او بعض يوم ، رغم سيول الدمع وبرك الدم المسفوح . بعلم أولي الأمر و رغما عنهم.
إن قطرة نفط يسفح من أجلها جردل دم ، دية في رقاب أولياء الدم . أمس واليوم وغدا ، حين تأتيهم الصيحة فما من عاصم وما من نصير .
قطرة نفط.. جردل دم
[post-views]
نشر في: 9 يوليو, 2014: 09:01 م