استغربت كثيراً ووقفت طويلا أمام هذه المعلومة الغريبة العجيبة ، حيث صرح المسؤولون في محرك الياهو ( yahoo) بأن عام 2014 سيشهد التقاط 880 مليار صورة من نوع " سيلفي" أي 128 صورة لكل شخص من سكان الأرض ! 

ربما البعض منكم لا يُصدق هذه المعلومة لأنه اصلاً لا يعرف معنى كلمة " selfie " هذه التي انتشرت العام الماضي وزاد استخدامها هذا العام بمقدار 17 ألف مرة .

أول مَن التقط " selfie " عالمياً

كان لا بُـدَّ لي وأنا أكتب موضوعي هذا ان أتعرف على اول مَن التقط صورة (السيلفي) ، وبعد البحث عرفت ان أول صورة (سيلفي) عبر التاريخ قد التقطت في عام 1839 من قبل الصيدلي الهاوي، الذي يعشق التصوير ويسكن في مدينة فيلادلفيا الأميركية ويُدعى “روبرت كورنيليوس“.

وترجع قصة الصورة عندما كان كورنيليوس يقوم بتعيين كاميرته في الجزء الخلفي من محل الأسرة في فيلادلفيا، وقام بأخذ الصورة عن طريق إزالة غطاء العدسة ومن ثم الوقوف في الإطار حيث جلس لمدة دقيقة قبل إزالة العدسة مرة أخرى.

والغريب بأنه على ظهر الصورة كتب “أول ضوء يظهر في هذه الصورة التي اتخذت لأول مرة عام 1839.

حسناً ... تعالوا الآن ندخل الى تفاصيل موضوعنا ونقول: منذ أن قرر معجم أوكسفورد إضافة كلمة " selfie " الى مفردات اللغة الانكليزية عام 2013 حتى اصبحت هذه الكلمة موضة العصر الحديث فلا تخلو منها برامج التلفاز ولا مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت بين الشباب لتنتقل بعد ذلك بين النجوم وحتى رؤساء الدول فوجدنا الرئيس الامريكي يلتقط اكثر من صورة ويُفاجأ المواطن السعودي أن الهوس بهذه الظاهرة انتقل ايضا الى الملك السعودي الذي يبلغ 90 عاما حيث نشرت وسائل الإعلام صورة (سيلفي) له مع أحد أحفاده والـ selfie" تعني ان يقوم الشخص بتصوير نفسه منفرداً أو بجوار أصدقائه. 

وقد لاقت الـ”selfie” رواجاً كبيراً في اعلانات شركات الهواتف وعلى أغلفة المجلات والصحف العالمية حتى باتت “موضة” تغزو العالم من كل مكان.

ونالت صورة الـ”selfie شهرة كبيرة في حفل جوائز الأوسكار الاخير حين التقطت مقدمة الحفل مع عدد من كبار نجوم هوليود على أكبر نسبة “ريتويت” منذ إنشاء موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، حيث حصلت على ما يزيد على 10 ملايين ريتويت، إضافة الى أن أكثر من مليوني مستخدم قاموا بوضع التغريدة من مفضلتهم.

فما حكاية الـ " selfie" هـذه ؟

نهاية عام 2013 خرج علينا معجم اكسفورد الشهير للغة الانكليزية ليعلن عن اسم الكلمة التي تم ترديدها بكثرة فكانت المفاجأة ان كلمة selfie" التي تترجم بمعنى " ذاتي " هي الأكثر تداوله وخصوصا في مواقع (الفيسبوك وتويتر) وكذلك على موقع "انستغرام"، الذي يركز على نشر الصور الشخصية وغير الشخصية .. والـ selfie" تعني ان يقوم الشخص بتصوير نفسه منفرداً أو بجوار أصدقائه، وقد انتشرت هذه الطريقة بين الشباب لتنتقل بسرعة البرق بين النجوم وحتى رؤساء الدول.

أما مَن أطلق هذه الكلمة بصياغتها الجديدة فحسب قاموس أوكسفورد هو شخص استرالي كان في حالة سكر وكتبها على شبكة الانترنيت عام 2002 .. والحكاية كما يلخصها القاموس ان المواطن الاسترالي " جيفير براون " كان سكراناً مع أصدقائه وسقط على شفتيه، وقام بتصوير الجرح عن قرب قائلا "آسف لأن الصورة قريبة، لقد كنت أقوم بالتصوير selfie وقد أسهمت شبكة الانترنيت في انتشارها .

إلا أن حمى الـ selfie الحقيقية بدأت فى 16 كانون الثاني عام 2011، حين تم رفع أول صورة مزودة بهاشتاغ "سيلفي، ووفقاً لشركة "Unmetric" المهتمة بتحليل نشاط الشبكات الاجتماعية، فإنه حتى الآن تم رفع نحو 73 مليون صورة سيلفي على شبكة (إنستغرام).

يذكر أن مدينة “ماكاتي” الفلبينية حصدت لقب عاصمة الـ “selfie”، فقد سجلت المدينة التي عدد سكانها 500,000 نسمة نحو 285 مهووساً بالصور الذاتية لكل 100,000 من السكان وذلك على موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”، ووصل الاحتفاء بهذا اللقب بأن أعلن رئيس بلدية المدينة في الرابع عشر من آذار من كل عام يوماً للاحتفال باللقب.

الرجال أكثر من النساء عشقاً لـ selfie 

أظهر مشروع "selfiecity" الذي يشرف عليه البروفيسور ليف مانوفيتش، الأستاذ بمركز الدراسات العليا بجامعة نيويورك، ويقوم بعمل أبحاث عن عادات (السيلفي) فى مدن مختلفة، أن الرجال هم الأكثر استخداماً للسيلفي، وجاءت نسبة استخدام الرجال للسيلفي فى مدينة بانكوك، 22.7%، مقابل 20.3% للنساء، وكانت معظم الأعمار بين 22 و24 عاماً. 

أما في برلين، فجاءت نسبة الرجال 26.3%، مقابل، 23.7% للنساء، والأعمار بين 24 و26 عاما، وأما في نيويورك، فجاءت نسبة الرجال 26.7% مقابل 24.3% للنساء، والأعمار بين 25 عاما و27 عاما، وفي ساو باولو، جاءت نسبة الرجال 25% مقابل 22.3% للنساء، والأعمار بين 23 و24 عاما، وفي موسكو جاءت نسبة الرجال بـ25.7% مقابل 23.3% للنساء، والأعمار بين 24 و25 عاماً.

وفي مفاجأة من العيار الثقيل كشفت دراسة أمريكية حديثة أن انتشار ظاهرة التصوير الذاتي أو ما يسمى بـ(Selfie) يُعد مؤشراً على الإصابة باضطراب عقلي لدى مَن يمارسها.

وذكرت الدراسة التي أجرتها الرابطة الأمريكية للطب النفسي (APA) أن مصطلح (selfitis) يدل على الاضطراب العقلي المُشار إليه، ويوصف بأنه انعكاس لرغبة جامحة في التعويض عن انعدام الثقة بالنفس وفجوة في علاقاته الإنسانية القويمة.

وقسّمت الدراسة حالات الـ(selfitis) على 3 مستويات:

الخفيفة: وتتمثل في التقاط الصور بعدد لا يقل عن 3 مرات ولكن من دون نشرها في مواقع التواصل الاجتماعية.

والحادة: وتعني التقاط الصور أكثر من 3 مرات أيضا، لكن مع نشر هذه الصور في المواقع.

المزمنة: وتشخص حالة ناشط يفقد السيطرة على رغبته في تصوير نفسه على مدار الساعة، ونشر الصور في المواقع 6 مرات في اليوم على الأقل.

ولم تقدم الرابطة الأمريكية للطب النفسي حتى الآن حلولا لتجاوز هذا الاضطراب العقلي، الذي تفشى بوتيرة سريعة في السنوات القليلة الأخيرة، بفضل اتساع رقعة انتشار أجهزة الاتصال الذكية التي سهلت عملية التقاط الصور الذاتية ورفعها خلال لحظات إلى مواقع التواصل الاجتماعي.

شباب : نحن على موعد مع

الـ " selfie " كل صباح 

يقول احمد قاسم طالب جامعي: أنا بطبيعتي أحب أن التقط الصور عبر الموبايل ، إلا أن طريقة “السلفي” جعلت الأمر اكثر تشويقاً ؛ حيث أقوم كل صباح بتصوير نفسي بنفسي سواء على مرآة غرفتي، أو أثناء الذهاب الى الجامعة او الى العمل، وأحياناً في المساء أقوم بذلك أيضا”.

ويضيف أنه يلتقط صوراً له مع أصدقائه ويحتفظ بها فهو يحب رؤية صوره عبر هاتفه وعندما تكون الصورة جميلة ومعبـِّرة أقوم بنشرها على صفحتي في (الفيسبوك) .

هيفاء حسن " موظفة " هي الأخرى تعمل على اعتماد طريقة تصوير الـ”selfie” في كل خطوة تخطوها سواء مع نفسها أو مع زميلاتها في العمل أو حتى على مرآة غرفتها.

وتقول هيفاء: إنها في كل مكان تذهب اليه تلتقط لنفسها صورة “selfie” من دون أن تكترث لشكلها فيها على الاطلاق، كونها تعتقد ان الهدف هو ان تكون الصورة طبيعية وتوثق ما يحدث في هذا الوقت لما يرافقه من عبارات فيها.

وتضيف: إلا أنها بعد التقاط الصور تعمل على نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به من “فيسبوك، انستغرام، ، مبينة أن “السلفي” بات موضة العصر حيث نشاهد الناس في كل مكان وهم يلتقطون الصور لأنفسهم ويسعدون بذلك .

اختصاصيون : لا يمكن اعتبارها ظاهرة نفسية 

اختصاصي الطب النفسي د. عماد ياسر العامري سألناه بشأن إدمان صور الـ " selfie” "، وهل هو اضطراب عقلي مثلما اخبرتنا الدراسات الطبية الحديثة؟ فقال : لا أعتقد أننا كمجتمع شرقي وصلنا إلى هذا الحــد من الاضطراب، ففي بعض الأحيان هناك أشخاص كثيرون لديهم حب التقاط الصور والتصوير، خصوصاً أن هناك أشخاصاً يعتقدون أن الصورة “تمثل اعتزازاً بالأنا وبالقيمة الذاتية للشخص. 

ويتابع العامري أحيانا أخرى يعتقد الشخص أن استخدام التصوير ممكن أن يفسر الشخصية بعيداً عن الصفات الأخرى التي لا نعرفها، منوها إلى أننا لا يمكن أن نحكم على الشخص بأنه يعاني من خلل نفسي بمجرد التقاطه لـ(السلفي) ونشره في مواقع التواصل الاجتماعي ، ويضيف الاختصاصي النفسي " علينا ان لا ننسى أننا نعيش عصر الصورة بكل ايجابياته وسلبياته ومن هنا لا يمكن الحكم بشكل نفسي على تصرف الناس ومحاولتهم تقديم ذاتهم واللحاق بموضة الصورة التي باتت سائدة في معظم دول العالم ." 

وبسؤالنا د. فؤاد الخطيب اختصاصي علم الاجتماع عن ظاهرة الـ " selfie” " وعلاقتها بالحالة الاجتماعية للشاب العراقي ؟ أجابنا قائلا "إن ثمة مشكلات اجتماعية يعانيها ممارسو تلك الهواية بشكل مرضي، تشير إلى انعدام الثقة بالنفس وغياب الأفق، وبالشعور بالوحدة ، ومحاولات البحث عن أدوار ولفت الأنظار باستعمال تعبيرات وجوههم ولغة أجسادهم بطريقة مُبالغاً بها، بحيث تظهر الوجوه وكأنها تنظر إلى مرآة محدبة تثير في كثير من الأحيان الضحك والسخرية "! 

ويضيف د. فؤاد: إن ظاهرة الـ " selfie” " توضح مدى نرجسية الفرد وانه لا يستطيع ضبط هذه النرجسية وغير قادر على كبح جماحها، ليعلن بوضوح عن أنانيته في سياقات مختلفة تكون الـ " selfie” واحدة ويؤكد اختصاصي علم الاجتماع ان هذه الحالة حين تزيد على حدها المعقول تتحول الى اضطراب نفسي مثلما جاء في الدراسة الامريكية حول المخاطر العقلية والنفسية لإدمان الـ " selfie”. 

المصور الفوتغرافي الخاص بصحيفة (المدى) محمود رؤوف كان له رأي مغاير فهو يعتقد ان هواية التصوير وممارستها هي نوع من انواع ممارسة الفنون فكما الرسم حين يرسم الشخص نفسه لا يمكن ان نطلق عليه صفة الاضطراب النفسي. 

ويضيف رؤوف : ليس كل شخص يلتقط الصور الشخصية يكون مصاباً بمرض نفسي او تنتابه حالة من النرجسية فعشاق الـ " selfie” يمكن أن يقضوا الساعات في محاولة التقاط صورة مثالية لأنفسهم تكون بمواصفات فنية عالية. 

ويؤكد محمود رؤوف ان صور الـ " selfie”" اصبحت ظاهرة عالمية وهي تحظى باهتمام المعنيين بفن التصوير الفوتغرافي كما ان الكثير من لقطات (السيلفي) اشتركت في معارض مهمة للتصوير الفوتغرافي .

الـ " selfie " وازدهار سوق عمليات التجميل 

في دراسة أخرى اوضحت الأكاديمية الأميركية لعمليات تجميل الوجه “AAFRPS” بأن التزايد الكبير لشعبية صور “السلفي” مؤخراً أدى الى ازدياد عدد الخاضعين لعمليات التجميل.

وقد أوضحت الدراسة بأن واحداً من بين كل 3 أطباء تجميل ممن شملهم المسح قد لاحظ ازدياد عدد الخاضعين لعمليات تجميل الوجه نظراً لتأثرهم الكبير بأشكالهم في صورهم التي يضعونها في مختلف برامج ومواقع التواصل الاجتماعي.

وبما أن الأنف هو أحد ملامح الوجه الأكثر بروزاً فإن عمليات تجميل الأنف هي الأكثر شعبية بين المرضى الذين يحاولون التقاط صور “السلفي” ووضعها على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن ... مهلاً وقبل ان تشاهدوا هذه الصور اقول ان كولن باول وزير الخارجية الامريكي الاسبق سخر من البعض الذي يكثر بنشر صور " السيلفي" في مواقع التواصل الاجتماعي ، إذ نشر باول 

صورة شخصية له على حسابه على "فايسبوك"، التقطها بنفسه قبل 60 عاماً، بطريقة "سيلفي".

ويظهر باول في الصورة بالأبيض والأسود، يحمل كاميرا محاولاً التقاط صورة لنفسه أمام المرآة.

وكتب باول في تعليقه على الصورة "كنتُ ألتقط السيلفي قبل مستخدمي الفايسبوك بـ60 عاماً"!

واختتم تحقيقي هذا بحادثة طريفة حدثت في حديقة في لندن عندما ذهب سكوت بريرلي إلى حديقة حيوان مفتوحة "سفارى" للاستمتاع بمشاهدة الحيوانات، حيث فقد بريرلي (23 عامًا) لهاتفه الذكي عندما كان يلتقط صورة لنفسه (سيلفي) بالقرب من أحد أفيال حديقة ويست ميدلاندز المفتوحة "سفارى" فى مدينة بودلي الإنكليزية.

وحينما أدرك عدم وجود الهاتف لم يكن بوسعه أن يخرج من السيارة للبحث عنه، حتى قام أحد عمال الحديقة بالبحث فى آخر مكان كان يستعمل فيه هاتفه ووجده بالفعل إلى جانب أحد الأفيال.

عندما التقط بريرلي هاتفه هلل لعودته، إلا أنه عند فحصه للهاتف ولألبوم صوره فوجئ بأن الفيل الذى التقط معه صورة "سيلفي"، قام بالتقاط صورة "سيلفي" لنفسه، ما جعله لا يتمالك نفسه وسقط على الأرض من انخراطه في الضحك والمفاجأة !