بعد سقوط صنم عاشق الحروب ، كنا نتوقع اننا سنروي لأولادنا وأحفادنا ما عشناه وشهدناه من احداث واقعية ونستمتع بعلامات التعجب والدهشة التي ترتسم على وجوههم وكيف سيحسدوننا على اننا عشنا افلام الاكشن ولم نشاهدها على الشاشة مثلهم فقط ، لكن ابناءنا الذين كبروا في زمن التغيير لم يشعروا بذلك او بزحف الديمقراطية على بلدنا لأنهم عاشوا افلاما واقعية شهدوا فيها جريان الدماء بعد أحداث عنف رهيبة تبعتها عشرات التفجيرات كما اعتادوا على فقدان أعضائهم او احبتهم وضياع آمالهم بالاستقرار والحصول على فرص عادلة في الحياة ، فبعد كل حرب ينتج لدينا جيش من المعاقين ، وجيش من الارامل ، وجيش من اللصوص ..
واذا كان ابناء الدول الغربية او العربية المرفهون يفكرون في المستقبل ويضعون الخطط لحياتهم ويسعون لتحقيق احلامهم ، فان أجيالنا الجديدة لا تشعر بأي شيء فقد تساوت لديها كل الاشياء ولم تعد تخطط لحياتها بل تخطط فقط للبقاء على قيد الحياة واحيانا يتساوى لديها ايضا الشعور بالحياة والموت فترتمي في احضان الخطر بعد ان تتسلح بأفكار دخيلة عليها اوتسير على خطى تتصور انها تقودها الى الخلاص من الواقع المتردي ..
اجيالنا جربت مسايرة الحضارة وغاصت في دهاليز الفيس بوك والفايبر والواتس اب لدرجة التفرغ الكامل لها احيانا كونها باتت افضل وسيلة للهروب من الواقع رغم انها اسهمت هي الاخرى في تحوير ادمغتهم احيانا حسب طلب المرحلة ، لكن المشكلة ان الحضارة تتقدم في كل مكان في مجالات التكنولوجيا والصناعة والعلوم، اما لدينا فالتقدم والحضارة يشمل الحروب فقط لأننا نقتل في كل حرب جديدة بطريقة جديدة، وهذه المرة تقتلنا تصريحات ساستنا التي تكشف عن وجوه ونوايا قبيحة وعن اهداف لاتمت لمستقبل العراق وحياة ابنائه بصلة.. واذا كان سلاح التصريحات يقتل فينا الثقة بالساسة والاحساس بالامان في ظلهم فان سلوكياتهم تقتل فينا الاحساس بالاشياء ولهذا السبب لم يكلف احد نفسه بالسؤال عن انعقاد جلسة البرلمان يوم الاحد الماضي لان الكل كان واثقا من تاجيلها ( لعدم اكتمال النصاب ) او فشلها ( لأن الكل اتفقوا على الا يتفقوا ) ..اننا نفتقد الحماسة تجاه كل ما يخص السياسة فالنازحون من منازلهم لايهمهم من سيجلس على كراسي الحكم بل متى سيعودون الى حياتهم ، والامهات اللاتي ودعن ابناءهن الذاهبين الى القتال لا يهمهن من سترشح الكتل السياسية للرئاسات الثلاث او من سينسحب من سباق الكراسي بل يحتجن الى الطمأنينة على حياة أولادهن فقط ، فالجنود والفقراء هم وقود أي حرب وهم المتضررون بلا منازع لذا يبحثون عن السلام لأن فقدانه يعني الضعف وكسب الحرب لايعني قوة البلد او الطرف الذي يخوضها بل ضعفه لانه فقد السلام بها...
اجيالنا ستظل تفتقد السلام والامان والاستقرار ولن يهمها ما ستسفر عنه جلسة اليوم لأنها فقدت الاحساس بقيمة الاشياء وهذه هي الخسارة الحقيقية.
خســـارة
[post-views]
نشر في: 14 يوليو, 2014: 09:01 م