TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > حياة في منطقة حرب- العراق

حياة في منطقة حرب- العراق

نشر في: 15 يوليو, 2014: 09:01 م

تضامن عبدالمحسن " 39 سنة " تجلس على كرسي قرب جدار كونكريتي رمادي والى جانبها شقيق زوجها وعمتها، انها تغطي شعرها بإيشارب اصفر خفيف، والى جوارها ابنة عمتها ترتدي (دشداشة بيضاء) اما عمتهم وعمرها (75) سنة، فتغطي جسمها بثوب عريض اسود، طويل حتى القدمين، وع

تضامن عبدالمحسن " 39 سنة " تجلس على كرسي قرب جدار كونكريتي رمادي والى جانبها شقيق زوجها وعمتها، انها تغطي شعرها بإيشارب اصفر خفيف، والى جوارها ابنة عمتها ترتدي (دشداشة بيضاء) اما عمتهم وعمرها (75) سنة، فتغطي جسمها بثوب عريض اسود، طويل حتى القدمين، وعلى وجهها معالم حزن يبدو ابدياً، اما ابنتا تضامن وهما انيس 14 سنة و أسيل 10 أعوام، فهما تلعبان على الأرض وترتديان ثياباً صيفية وتتطلعان الى شاشة التلفاز الكبيرة الحجم، المنقسمة الى جزئين، احدهما يعرض فيلماً عن توم وجيري، وعلى الاخرى، فيلم عن الأسود.
وكان الوقت، قد اصبح ملائماً للحديث عن الحياة في العراق، بالنسبة لهذه الأسرة او غيرها، إذ ان الأعوام الـ 11 الماضية منذ غزو الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تعني التكيف مع قانون الغاب وتجنب الرجل الذي يحمل العصا الكبيرة.
وهناك سبب آخر، وهو ان العراق هو البلد الذي تعرض للخراب في ثلاثة حروب، خلال 30 عاماً وعشرة أعوام من الحصار الاقتصادي، ويبدو ان الأمر لم ينته بعد، إذ هناك أزمة أخرى لاجتيازها.
وقالت تضامن: (لن نعرف الاستقرار أبداً)، واسمها يعني (التكافل) وأضافت (الحياة بالنسبة إلينا الانتقال باستمرار، وعلى الدوام، نترك الأشياء خلفنا).
والمنزل الذي تشاطره العائلة مع الاقرباء (ومجموعهم ثمانية) بسيط، ضيق، مؤلف من طابقين، يقع شرق ضواحي بغداد، ويدعى البلديات، والبيت يختلف عن كونه يعود لعائلة : فلا توجد صور عائلية على الجدران، والرفوف الوحيدة في الطابق الاسفل، نجدها في المطبخ وعليها الزعتر والملح والفلفل وغيرها من البهارات، وفي الطابق العلوي، شقيقتان، بنات العمة الكبيرة، مختفيات في احدى غرف النوم الثلاثة خجلاً من مقابلة الغرباء، وهناك ايضاً غرفة في الطابق الاسفل غير مؤثثة – مع وجود ثلاث سجاجيد تغطي الأرضية، اما يندول الساعة الكبيرة فكان يهتز بنغمة كئيبة.
وتقول تضامن: " حياتنا تسير على نمط واحد: تناول الطعام، شرب الماء والنوم " وهي تعمل مستشارة في وزارة الثقافة، " نحن نذهب الى العمل من اجل البرهنة على كوننا احياء " ، وحسب المقاييس العراقية، تعتبر العائلة من الطبقة الوسطى، وهم متواصلون مع الحياة البغدادية التقليدية القديمة، مع علاقات طويلة مع الحزب الشيوعي وتجربة تمتد عقداً من الزمن بالخدمة المدنية في العراق.
وبالنسبة لتضامن و زوجها وابنتيها، فان الأمور تصبح افضل ان استطاعوا العودة الى حياتهما السابقة في الغزالية – غرب بغداد، والتي أصبحت في عام 2006، سيئة بالنسبة لعائلة شيعية، وأصبحت ايضاً ميداناً لصراع المليشيات، واليوم والعراق ينحدر نحو الهاوية مرة اخرى، فهي غدت ايضاً منطقة خطرة، مما يجعل امر العودة الى مكاننا القديم صعباً في الوقت الحالي.
وتقول ايضاً ان المليشيات تطوف في منطقتهم بسيارات بيضاء و زجاج نوافذها صبغت باللون الاسود، وتضيف قائلة ان المولدات تهدر صوتاً معظم النهارات والليل من اجل توليد الكهرباء، وكانت البلديات سابقاً تضم مختلف الطوائف، دون تمييز بين واحدة واخرى، ولكن الحال قد تغير هنا وفي إرجاء اخرى من العاصمة وبدأ المجتمع بالتداعي، وكذلك العلاقات مع الجيران، وغدونا نفكر بالهجرة، ولكن الى اين؟
وتمضي في الحديث: " لقد تغير نسيج المجتمع، وخاصة بالنسبة لعائلة كانت تحمل الأفكار الشيوعية " لقد تغيرت المجالات المفتوحة أمام المرء وأصبحت أضيق، وغدا على الناس تقبل طرقاً للحياة يتبناها آخرون، واختفى الدفء في العلاقات وانقطع جسر التواصل، ويقول ابو أسامة (شقيق الزوج) " لقد بدأ انهيار عادات قديمة، وبدأت مناقشاتي مع الجيران تتغير " .
وتأتي الفتاتان لتهرعا الى الخارج من اجل التفرج على حظيرة للدجاج للجيران، يربيها سلام، وهو مثل والدته (75 سنة) يبدو اليأس واضحاً في عيونهما، إذ تعرض بيتهما لضربة مدفع هاون و قتل شقيق سلام وابنه و شوه شقيقته أمجاد، وكانت قد جاءت لتجلس معنا (العين اليسرى زجاجية) كما أصيب انفها، وذهبت الى ايران لتجميلها.
وتقول ام سلام : " ان المجتمع بشكل عام يعاني من الكآبة، وفي الحكومة، كل واحد يملأ جيوبه ".
وكانت (تضامن) قد رشحت نفسها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ولم تحصل على أصوات كافية، وتقول " لقد مررنا بعدد من التغييرات، ففي عام 2006، ارغمنا على ترك منزلنا، لقد تركوا لنا خارج الباب مظروفاً في داخله رصاصة، وبعد ذلك بأيام قتل جارنا، وعندما لا تتمكن الشرطة من حمايتنا، ولا يقدر جارك على حمايتك، فماذا تفعل؟ ومهما كنت ، سنياً او شيعياً، سواء ذهبت الى الجامع او الحسينية، فأنك غير آمن".
وفي بعض الأيام في بغداد لا تتوقف الانفجارات وفي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حدثت أربعة حوادث الانفجارات، وتقول تضامن : " لم أعد اهتم بها، لقد اصبح العنف أمراً عادياً في بغداد، فماذا نفعل؟ ".
وصيف بغداد كان يسجل درجة حرارة (47)، والطاقة الكهربائية تنقطع عن المنازل بين حين وآخر، وأحياناً خمس ساعات متواصلة والأمر يصبح أسوأ في شهر رمضان، وعندما يسمع أفراد العائلة ان واحداً من فريقنا يحتفل اليوم بعيد ميلاده، تهرع اسيل لتجلب إناء بسكت محلى بالشكولاتة وشمعة واحدة، سرعان ما انطفأت، ضحكنا جميعاً للمرة الأولى في ذلك اليوم.
 عن: الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram