من على شاشات التلفاز شاهدنا قبل أيام رجال أعمال مصريين يتبرعون بمبالغ مالية ضخمة لدعم صندوق تحيا مصر ، ونقلت لنا الأنباء ان رجل الأعمال المصري نجيب سايروس، تبرع بـ3 مليارات جنيه، لتطوير عدد من المناطق العشوائية والفقيرة ، فيما الأخبار الواردة من عاصمة الكفر والإلحاد واشنطن تقول ان الملياردير الأمريكي وارن بافيت ماض في التبرع بكامل ثروته البالغة 65 مليار دولار الى المؤسسات الخيرية التي تعنى بتطوير التعليم والصحة .. وكنت في هذا المكان قد أشرت قبل اشهر الى الحملة التي أطلقها بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت تحت عنوان "التعهد بالعطاء" التي طالبت المليارديرات الأمريكيين بأن يتبرعوا بنصف ثرواتهم للأعمال الإنسانية والخيرية.. وهي بالتأكيد نسخة طبق الأصل من حملة مليارديريينا الجدد "التعهد بالنهب " حيث استطاع مسؤولونا " الأكارم وبنجاح منقطع النظير تحويل ثروات البلاد الى جيوبهم الخاصة .
طبعا، هناك فرق بين ثروة المصري سايروس والامريكي بافيت وزميلة غيتس التي يهبونها لفقراء العالم وبين ثروات أغنيائنا الجدد الذين ينمون بها اقتصاد الدول التي يحملون جنسياتها من خلال حسابات سرية لا يعرفها الا الراسخون في العلم، فالمليارات التي تبرع بها سايروس او غيتس جاءتهم من استثمارات ومشاريع اقاموها في بلدانهم درت عليهم الثروة ، اما ثروات ساستنا فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وفساد مالي، وشعارات طائفية .. ولهذا نحن نظلم أنفسنا إذا حاولنا أن نلبس ثوباً ليس ثوبنا، او ان نحاول تقليد سايروس او غيره، فنحن أمة علمت الناس القراءة والكتابة والفروسية وايضا كيف يُنتهب مال المدارس والكهرباء والصحة والحصة التموينية في وضح النهار..
لا أتصور أن عاقلا واحدا يمكن أن يطلب من فلاح السوداني وايهم السامرائي او مشعان وقبلهم المئات ان يتبرعوا بجزء من غنائمهم لضحايا الإرهاب، او ان يقرروا إنشاء صندوق لدعم مهجري الموصل وتكريت والأنبار .. فكيف تطلب من صاحب الثروة الحرام أن يفعل خيراً.. وكيف تطلب من مسؤول استغل وظيفته لمنفعته الشخصية أن يوقف مالاً من أجلابناء جلدته ؟!
ولهذا ، نحن العراقيين نعرف جيدا غرض السيد نجيب سايروس من تبرعه بهذه المليارات الثلاثة ، انها يا أعزائي مجرد رشوة انتخابية فهو يحلم في ان يصبح مثل سياسيينا، الذين لا يعرفون الطريق الى الناس الا أيام الانتخابات.
انظروا أين نحن بعد احد عشر عاما من الكلام عن التغيير ورفض التدخل الخارجي والمؤامرة الكونية وتاسيس نظام ديمقراطي لعراق جديد من 328 محافظة تسمى كل واحدة باسم نائب ، حتى نقيم بعدها الأفراح ابتهاجا بعرس الديمقراطية و تنفيذا لوصية السيد ابراهيم الجعفري التي اوصانا بها مشكورا في اخر خطبة ملحمية له :" لابدَّ أن نُسجِّله عيداً، ونتعالى على كلِّ الجزئيّات "
في كل يوم أعيد على نفسي سؤالا واحدا : ترى لماذا ينبت التغيير في بلدان العالم وروداً للبهجة والإقبال على الحياة، بينما تحوّل في هذا البلد المظلوم " العراق " إلى سُحب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول؟.. للأسف الطبقة السياسية في العراق لم يشغلها مستقبل الناس ولا احتياجاتهم بقدر انشغالها بمعارك المحاصصة الطائفية ، و من المؤكد أن كثيرا من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كيف ان سياسييهم مصرون ان يذهبوا بهم الى المجهول تحت شعارات وخطب يصر أصحابها على سرقة أحلامهم وأموالهم ومستقبل أبنائهم.
اللهم أنزل علينا رحمتك وعطفك واعفنا من أشباه سايروس وبيل غيتس ووارن بافيت ، واجعلنا من المتيمين بحب أيهم السامرائي الذي حول أموال الكهرباء الى مشاريع خيرية في امريكا ، فيما زميله فلاح السوداني مصر على تنمية قدرات اللاعبين الإنكليز بمليارات الحصة التموينية .
عذرا سايروس.. نحن ننتج "فلاح" و "أيهم"
[post-views]
نشر في: 16 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عمار القطب
وفقا لطائفتي وعرقي يفترض بي ان انتخب (س)ولكني لم انتخبه وانتخبه كثيرون من ملتي !! وصل (س)الى مجلس النواب واول ما فعله تزوج من الثانية وهي خطيئة ناخبيه طبعا ثم اشترى منزلا دبل فاليوم ثم جاء بخادمة اجنبية ثم اشترى شقة في دبي ثم ارسل ابنائه للخارج ثم تزوج ال