العقل زينة كما يقال. والعقل يَهدي العاقل إلى عدم الإقدام على ما يشينه.. والعاقل لا يتبرأ مما يقوم به حتى ولو كان شائناً، فالاعتذار في هذي الحال هو المطلوب للخلاص من الخطأ المرتكب والتحرر من مترتباته.
النائب عن ائتلاف دولة القانون محمود الحسن، وهو قاض سابق في المحكمة الجنائية الخاصة التي حاكمت أقطاب النظام السابق بمن فيهم صدام حسين، ممتعض هذه الأيام، بحسب ما أفادت به إحدى وكالات الأنباء المحلية (اليوم الثامن)، والسبب ان البعض قد أطلق عليه كنية جديدة ترتبط بما قيل أنها واقعة توزيعه سندات ملكية لأراضٍ عشية الانتخابات البرلمانية الأخيرة، على سبيل الدعاية الانتخابية بما يخالف مبادئ الدستور ويخرق أحكام قانون الانتخابات.
الواقعة سُجلت في شريط فيديو بُثّ في العديد من محطات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، ونشرت عنه تعليقات كثيرة. والشريط أظهر السيد الحسن وهو يوزع السندات ويشدد على المستفيدين بضرورة أن يصوتوا لصالح ائتلاف دولة القانون الذي ينتمي اليه، محذراً من انه لن يخفى عليه الذي سيصوتون والذين لن يصوتوا.
مرّت أشهر عدة منذ حدوث الواقعة المفترضة، ولم يظهر السيد الحسن في برنامج تلفزيوني أو مؤتمر صحفي ولم يصدر عنه بيان، لينفي الواقعة ويقول مثلاً ان الشريط مفبرك، أو يعتذر عن الواقعة... ولم يفعل السيد الحسن أيضاً ما يفعله عادة العقلاء في البلدان الديمقراطية في حال كهذه، وهو سحب ترشحه أو الاستقالة من منصبه.
لماذا افترض السيد الحسن ان الواقعة يمكن أن تمرّ مرور الكرام على الرأي العام العراقي؟ ولماذا افترض ان العراقيين قد فقدوا الذاكرة، فلا يعودون يتداولون بأمر الواقعة؟ ولماذا افترض ان العراقيين يمكن أن يتهاونوا في قضية تتعلق بواحد من حقوقهم الدستورية وتدخل في دائرة الفساد المالي والإداري والسياسي؟
النائب الحسن انزعج انزعاجاً شديداً – بحسب ما أوردته الوكالة الخبرية- لأن زملاء له أبلغوه بان بعض الإعلاميين وموظفي مجلس النواب منحه كنية "محمود سندات".. إذا كان هذا أمراً مزعجاً للسيد الحسن فمن باب أولى أن يكون سعي السيد الحسن لشراء الأصوات، كما بيّن شريط الفيديو، أمراً مزعجاً للغاية لكل عراقي ناضل أو تطلع طويلاً في سبيل إقامة نظام ديموقراطي حقيقي في العراق يضع نهاية سعيدة لحقبة طويلة من الصراعات والحروب والفقر والمذلة والتخلف وانتهاك الحقوق والكرامة في البلاد.
لن يكون في وسع السيد الحسن التخلص من كنيته الجديدة (محمود سندات)، بل لن يكون في وسعه إرغام الناس على الشك في شرعية عودته الى مجلس النواب، ما لم يقدم الدليل على احترامه للعراقيين بتوضيح ما إذا كان ما تضمنه شريط الفيديو بشأن توزيعه السندات صحيحاً أم مفبركاً، وبتقديم الاعتذار الى العراقيين عما فعله في حال كان الشريط صحيحاً غير ملفق.
محمود سندات
[post-views]
نشر في: 18 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 7
عطا عباس
عزيزي عدنان ... صدقني هي المصادفة الغريبة ليس الا ! فقد كتبت على مدونتي في الفيس بوك قبل يومين تحت عنوان ( توليد ومقترح عراقي جديد ) في محاولة لفهم وتغيير ألقاب بعض اوباش البرلمان وساسة البلد عديمي الضمير ، خاصة وان البعض فاجئتنا طلته البهية في
الشمري فلروق
(رساله خاصه) الاخ العزيز عدنان... اني اتصور محمود سندات كلما يصرح لقناة فضائيه او يتحدث في البرلمان.... اتصور انه ككلب ينبح... مع الاعتذار لك ايها العزيز....وشكرا
ابراهيم
مقال جميل كالعادة ولكن فات الاستاذ عدنان بأن تغريم المفوضية لهذا النائب مبلغ خمسين مليون بسبب هذه الحادثة دليل كاف على صحتها فكيف يراد منه تكذيبها
فهد محمود
عذرا يا سيدي واستاذي عدنان حسين الزمن الرديء حاملا بالافعال المشينة من وضع هكذا نماذج تحفيه في صدارة الاحداث بعد سقوط وحش الديكتاتورية عام 2003 , لم ولن يكونوا سوى بيادق بايدي غير عراقية وما اكثر اللواعيب في الورقة العراقية دون اهل البلد الفعليين. اشد على
محمود
باﻻمس زملائي اعطوني نفس الكنية ﻻن اسمي محمود فقررت ان اغير اسمي بالنفوس ﻻن غيرتي ﻻ تسمح بتقبل هذه الكنية و اللبيب من اﻻشارة يفهم
ابو اثير
أستاذنا الفاضل ... أن شخصية مثل محمود سندات الحسن أسائت للعدل والقضاء قبل ان تسيء الى باقة النواب المنتمين الى قائمة دولة القانون وحريا بنقابة المحامين التي تغيرت بوصلة نقيبها منذ سفره الى الولايات المتحدة ومن هناك الى استراليا ليعود متلحفا بقائمة سيده وع
Saham Salem
تسلم استاذ عدنان لهذه المقالة اعتقد اعطاء هذه الكنية (محمود سندات ) اجمل بكثير من القول القاضي محمود الحسن بصراحة لااعرف كيف ان يكون قاضي وان يمارس مهنة توزيع السندات وترهيب الناس من اجل التصويت لقائمته . بعد هذه الخروقات ايعقل ان نشاهد محمود سندات داخ