واحدة من مصائب الكرة العراقية التي ابتليت بها في السنين الأخيرة وينأى الإعلام الرياضي عن الغوص في أسبابها وفضح رموزها ومن يدعمهم في السر والعلن هي تفريخ الأندية المتزايد لإعداد المدربين بصورة لم تعد الظاهرة تحتمل استمرارهم في المهنة بعدما أثبتت التجارب أن السواد الأعظم من الدخلاء على المهنة يحتاجون إلى كروت حُمر لا رجعة فيها أو إعادة تقييم جاد لمنح القلة فرصة أخرى ربما يستطيعون أن يؤكدوا جاهزيتهم للتطوير والنجاح.
لقد لفت انتباهنا أكثر من مدرب نال فرصاً متعددة سواء مع الأندية المحلية ومنهم من عمل مساعداً لمدربي المنتخبات الوطنية، انه لم يعد نافعاً للبقاء في ساحة التدريب ، بل يتحمل اتحاد كرة القدم مسؤولية استمراره حتى مع الفئات العمرية للأندية والمراكز التدريبية التي يفترض أن يُجرى مسح شامل لها في المرحلة المقبلة شريطة أن يبتعد عن المحسوبية ويقترب كثيراً من مصلحة اللعبة التي أخذت ثلة ليست قليلة من المدربين تهدد مستقبل قاعدة عريضة من الموهوبين الذين ينتظرون أن يؤخذ بأيديهم بسلامة واطمئنان ليكونوا مؤهلين للمشاركة مع أنديتهم ويدافعوا عن المنتخبات الوطنية بثقة كبيرة.
بعض المدربين للأسف قضى نصف عمره في التدريب ولم يحقق نتائج تمنحه حق الاستمرار في عمله، ولم يعد مبرراً تعكزه على طفرات من النتائج هنا وهناك تحققت في غفلة من الظروف لأنه بقي يدور في حلقة مفرغة من اليأس غير آبه لتلقيه الصفعات من ناديه ، صفعة تلو أخرى ثم يعاود العمل معه كلما شعر بضياع الوقت بين العزلة والإفلاس ، لكنه يرى نفسه (لوف) زمانه عندما يتحدث عن نقاط ضعف زملائه في بقية الأندية الأخرى ويؤشّر مكامن خللهم في اختيار الأسلوب والتشكيل بينما نسي نفسه لماذا يتكرر فشله ويغدو مضرباً للأمثال عن تخبط المدرب في قيادة الفرق من دون دراسة مجدية أو حساب لكرامته ، فمن المخزي أن يستهين المدرب بسمعته ويعاملها مثل (كشكول) يصلح لجميع المهام ولا تعنيه محطات الخيبة بشيء طالما انه قبض مبلغ العقد!
أما أكثر المدربين ضرراً على سمعة التدريب في بلدنا أولئك الذين يتحينون بداية كل موسم لمنافسة سماسرة اللاعبين، فتراهم يعقدون الصفقات الشفوية وراء الكواليس مع هذا اللاعب أو ذاك من اجل إقناع الإدارة بضمّه إلى الفريق على حساب النوع والمركز ، وبعد مضي ادوار عدة تنفجر المدرجات سخطاً ضد المدرب لاختياراته الخاطئة وعقم حلوله في توظيف اللاعبين وتبدأ مرحلة التصادم بينه وبين الإدارة على خلفية تدهور نتائجه ويتم إنهاء خدماته مع اقرب خسارة.
لهذا لم يكن الأمر هيناً على المدرب القدير أنور جسام أن يعلن عدم عمله في اللجنة الفنية المستحدثة عقب انبثاق التوليفة الجديدة لاتحاد كرة القدم ، فالرجل لا يألو جهداً من اجل خدمة اللعبة فما بالنا والمهمة تتطلب منه تنظيم عمل اللجنة وتسيير كل مفاصلها وفق أصول العمل الفعلي لا الشكلي الذي يروم البعض تأدية دوره فيه؟ فتلك من أهم اللجان التي ينبغي أن تنتقى عناصرها الفاعلة بتروٍ لأن الهدف من ورائها تصحيح أخطاء المواسم الماضية على الصعيدين المحلي والدولي ومن بين المسائل الجوهرية فيها تشذيب ملف المدربين المترهل وتسمية الأكفاء لمرافقة المنتخبات وتقييم المشاركة الخارجية وبحث الحلول للخروج من أزمة عصيبة، كل ذلك لن يقدر على التصدي لها إلا من يمتلك متراساً قوياً من الخبرة ليتمكن من مجابهة الأزمات والانتصار عليها.
عهدنا باتحاد مسعود الذي أعلن مراراً عن سعيه لاجتثاث سلبيات سلفه اتحاد حمود، أن يطبق برنامجه الانتخابي مثلما وعد به من اجل استتباب واقع اللعبة وإنهاء فوضى المدربين المستفحلة وإعادة النظر في شروط منح الشهادة التدريبية بما يؤمن سلامة النهج التدريبي المطروح وتلقي الموهوبين أفضل برامج الرعاية الفنية والنفسية والتربوية ليشتد عودهم ويتجرؤون على خوض أصعب البطولات إلى حين اعتزالهم اللعب وفي قرارة أنفسهم أنهم يدينون بالفضل لمدربين أفاضل وعصاميين بأخلاقهم وكفاءاتهم وليسوا أصحاب شهادات يحوم حولها الشك!
كشكول لـوف
[post-views]
نشر في: 20 يوليو, 2014: 05:45 ص