ها نحن نُعولُ متسائلين:لماذا في هذا الزمن؟لماذا هناك؟ لماذا هكذا اخترمه الردىولكن السموات لا تحير جواباً...واذ نتفكر في وفاتهفإن طريقة اختيارنا لحياتناستقرر معناها...عندما يموت (المعلم)يستوي المديح والتحسرويتساوى الترح والفرح" الشاعر الام
ها نحن نُعولُ متسائلين:
لماذا في هذا الزمن؟
لماذا هناك؟ لماذا هكذا اخترمه الردى
ولكن السموات لا تحير جواباً
...
واذ نتفكر في وفاته
فإن طريقة اختيارنا لحياتنا
ستقرر معناها
...
عندما يموت (المعلم)
يستوي المديح والتحسر
ويتساوى الترح والفرح
" الشاعر الامريكي و . هـ .اودن"
أبا زيد ، ليلة البارحة، كنا أنا وقيس حسن، رفقة بعض الأصدقاء في جلسة رائعة، تماما مثل تلك الأوقات الرائعة التي قضيناها معا، وخلال ذلك، الحّ بعض أصدقائنا بالاتصال عبر هواتفهم النقالة. لم يكن المجال مناسباً للرد في تلك اللحظة، وجرياً على عادة الناس في مثل هذه اللحظات انتظرنا حتى الانتهاء والخروج من المكان. غير ان الحاح بعض الأصدقاء بالطلب، ترك شعوراً مقلقا لكلينا.
خرجنا على عجل، واثناء ذلك وصل آخر اتصال من الصديق علاء حسن، وكان الرد من قيس: اهلا علاء، ثم وجوم وغيمة حزن علت وجه قيس المدور!
لا اخيفك ابا زيد، شيء ما انقبض داخلي. قلت: خير قيس خوما ماكو شئ؟
المهنا توفي! قال قيس. ثم انهار ببكاء مرير.
يبدو اننا آخر من يعلم بالخبر، بعد ان انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يا لهذه الحياة ومفارقاتها المؤسفة والعجيبة، فوقت كنا على صلة بآخر تطورات وضعك الصحي، صرنا آخر من يعلم بالخبر، ووقت كنا نلهو مسرورين في بغداد حبيبتك، تودع انت انفاسك الغالية والأخيرة في لندن مقر اقامتك!
دخل قيس في نوبة بكاء لا تنتهي، اضطررت معها لاستلم زمام قيادة السيارة بدلا عنه. بقيت متماسكا ولم اذرف دمعة واحدة، وهكذا انا دائما لا استطيع البكاء بغزارة، ربما لاني ارغب في الاحتفاظ بلحظة حزن من احب الى الابد ولا اسمح لقطرات الدمع بتبديدها مني.
ظل قيس غزير الدمع يبكي طوال الطريق وانا صامت مثل صخرة، وظل ينشج ويخاطبك، كأنك جالس أمامه:
ابو زيد ليش تموت!
ابو زيد يعني مجان تكدر تاجل موتك سنة اخرى!
ابو زيد والله احبك وما اكدر اعيش من دونك!
ابو زيد بعد ويامن احجي ومنين اتعلم!
ابو زيد ...ابو زيد ...ابو زيد
وبقيت انا على صمتي، لكني وحين وصلت البيت، بكيت بهدوء عليك. ان خسارتك فادحة ابا زيد والحزن عليك كبير. لكني مع ذلك، اشعر بانك لم تمت، اقسم انك لم تمت وستبقى ذكراك ما بقيت الايام محفورة في وجداني وضميري، ووجدان وضمير من احبوك.
لقد علمتنا جميعا اشياء لاتقدر بثمن، فشكرا لك والف شكر. ان حزني عليك لن ينتهي، مثلما لن تنتهي الاحزان في هذا العالم، كما قال ذات يوم الفنان فان كوخ!