تعلِّمنا الكتابة اليومية ان افضل شيء يقوم به الكاتب هو تذكير الناس مرة ومرتين وثلاث بما يجري حولهم، ولهذا تجدنا نكرر نفس الأسئلة بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات ناطقي الداخلية والدفاع ومجلس الوزراء، وهي بيانات لم تعد صالحة للاستخدام البشري، لا رهان على الحكومة ومؤسساتها ، ولا استقرار مع قوى سياسية تتناحر من اجل المناصب والمغانم، ولا انتصار لمن يتوهم استعادة قوته بالتحالف مع الجماعات المسلحة، ولا شيء سوى الانسجام مع الفوضى والخراب.
سنوات والعنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغيّر "نجاح الخطة الأمنية"، فلتحيا الحكومة إذاً.. رئيس مجلس الوزراء يذرف الدموع على الحال المزرية التي يعيشها المسيحيون ويطالبهم بالتمسك بالأرض ! أما كيف ومن يقف معهم فهذه أسئلة لامكان لطرحها الآن ، ونحن نخوض معركة الدفاع عن كراسي السلطة ، لا معركة الدفاع عن استقرار البلد وأمنه ومستقبله .
ولهذا سأعيد نفس السؤال الذي طرحته اكثر من مرة في هذا المكان : أليس من حق العراقيين أن يخرج عليهم مسؤول ليقول وبكلام واضح وصريح: من يقف وراء ضياع الموصل ؟ .
قبل أيام صفَّق البعض وهتف وهو يسمع رئيس مجلس الوزراء يقول إن رؤوسا كبيرة ستتدحرج في قضية الموصل ووعدنا في احدى خطب الأربعاء " الحزينة " بـ " معاقبة المتخاذلين والمتآمرين من قادة وضباط وآمرين في أحداث الموصل ."
في كل الأحداث الأمنية الخطيرة تخرج علينا الماكنة الإعلامية للأجهزة الأمنية بسيل من البيانات المتناقضة، الأول يبشر العراقيين بالقضاء على رؤوس الإرهاب، والثاني يتكلم بخجل عن عشرات الضحايا الأبرياء ، فيما ثالث تنتفخ أوداجه وهو يؤكد أن هناك خرقاً امنياً قد حصل ولن يتكرر.
هكذا نجد مَن يصرّ على أن إلقاء المسؤولية على المالكي وقادته الأمنيين أمر غير مشروع ، إن لم يكن مستحيلا.. فالقاعدة التي يريد البعض ترسيخها تؤكد على أن المسؤول لا يخطئ أبداً، وأن الناس هي التي تُلقي بأنفسها إلى التهلكة، وهم مصدر للشرور والأخطار على العملية السياسية.
يخطئ من يتصور أن المشهد في الموصل سيكون الأخير في سجل فشل الدولة العراقية ، أو ان الذين قاموا بها هم نفر ضال من الضباط ، ومن المضحك ان ننظر للأمر من زاوية ضيقة تقول إن المالكي بصدد إجراء تحقيق فيما جرى من أحداث أدت الى انسحاب الجيش ، كما اخبرنا المستشار الإعلامي، ذلك أن القصة شديدة التعقيد والألغاز وتعبر بشكل مخيف عن غياب الشعور بالمسؤولية ، وتغيّب الضمير والقانون .
قصة الموصل تقول ، وكما جاء تصريح لمسؤول أمريكي كبير كشف فيه الكثير من المستور ، فقد اكد مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون العراق وإيران، بريت ماكغورك، ، أنه حذر بغداد قبل يومين من وقع الهجوم على الموصل من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" وأضاف الدبلوماسي الأمريكي في شهادته، ، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي بخصوص تعامل الولايات المتحدة مع "زحف الإرهاب في العراق"، أن بغداد قررت تجاهل التحذير وردت بأنها مسيطرة على الوضع.
هذه هي الحقيقة التي يصر البعض على حجبها ولفلفتها من خلال عروض ساذجة من خدع السيرك القديمة، وكلام من عينة ان الأمور تسير في طريقها الصحيح.. وان الخلاف لا يعدو ان يكون بين كلمة "خيانة " و" تقصير " وسينتهي هذا الخلاف اللغوي، فالمسيرة لابد ان تنطلق إلى الإمام، المعركة سننتصر بها حتما ، مادمنا عرفنا طريق الأغاني والأهازيج ، وان الأمر لا يعدو سوى خطبة او خطبتين وستعود عقارب الساعة الى الوراء .
فضيحة الموصل التي نبهَنا اليها المسؤول الأمريكي ، هي تكرار لجرائم وفضائح كثيرة ارتكبت وسترتكب في المستقبل وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، لأن القانون يجرى تغييبه وتجاوزه بمعرفة من هم المسؤولون عن تطبيقه والدفاع عنه، ولعل الرسالة القادمة مما جرى ويجري في كواليس الحكومة ، تؤكد ان البعض غير خاضعين للقانون، وعليه فإن الصمت والسكوت أمام هذه الفضائح والمآسي الأمنية يعني تسليما من العراقيين جميعا بالأمر الواقع الذي يحاول مقربو الحكومة فرضه ولو بخطابات مزيفة .
المالكي و ماكغورك وسؤال الموصل
[post-views]
نشر في: 25 يوليو, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
الطريق
الموصل تم تقديمها لداعش من اجل تأزيم الوضع ! واحد هو الذي يستطيع فعل ذلك وهو المستفيد الوحيد من ذلك! من اجل الثالثة يضحي بالعراق كله
مواطن
بوركت..