عجيب أمر البعض من المحسوبين على الإعلام الرياضي الذين لا همّ لهم سوى تكبير المشكلة حتى لو كانت تنعكس سلبياً وتعود بالضرر المعنوي على البلاد ، هؤلاء لا همّ لهم سوى استعراض عضلات النقد واللعب على مشاعر الجماهير وتأجيجها لغايات لم يزل الرادع غائباً عنهم لإيقافهم عن سلوكياتهم وإلزامهم بالتعامل الموضوعي مع أية إخفاقة في العمل الرياضي بحدود تأشير وتقصير المتكاسلين وإيجاد البدائل الناجعة لعدم تكرار المشكلة وتحجيم محاولات توسيعها ليبدو الوطن مشوّهاً أمام الآخرين من الأشقاء والأصدقاء.
ما حصل في مباراة منتخبنا الأولمبي أمام نادي نفط الجنوب الخميس الماضي يمكن عدّه تقصيراً مشتركاً بين وزارة الشباب والرياضة الجهة المالكة للمنشأة الرياضية في البصرة وبين مديريتها في المحافظة لأنهما لم يحكما السيطرة على خريطة التنظيم التي ذُكر أنها رُسمت قبل أسبوع من موعد المباراة ، وأي طرف ثالث تحوم حوله الشكوك لا يعد مسؤولاً بمن فيهم حلقة الحماية المخصصة لتأمين السلامة والأمن لأنها لم تكن قادرة على استيعاب الزحف الجماهيري بسبب عدم التنسيق مسبقاً بشأن الطاقة الاستيعابية الحصرية للملعب وبالتالي فما خُصّص من رجال لحماية 10 آلاف مشجع لا يمكن أن يؤدوا واجبهم إذا ما تضاعف الرقم مرتين ونصف كما جاء في تقرير مراسلنا الزميل حيدر الحمود.
صراحة كانت مبادرة وزارة الشباب والرياضة "مُلغّمة" ورمت لمقصدٍ خفي غير ما أعلنت عنه رسمياً بدعم الرياضيين للقوات المسلحة، كيف؟ كلنا يعلم أن ملف المدينة الرياضية أصبح طي النسيان لاسيما بعد أن هدد (فيفا) الكرة العراقية بالإيقاف عقب كسر الوزارة نفسها الحظر الدولي بتضييف فريقين عربيين أثناء افتتاح ملعب النخلة، كما أن ملعب المدينة الرياضية الثاني لم يكن جاهزاً لإقامة مهرجان مصغّر وليس مباراة بحجم الأولمبي ، وجميع المؤشرات التنظيمية التي طرحها أكثر من مصدر موثوق تؤكد أن وزارة الشباب والرياضة متورطة بالفعل في ترك مشروع حيوي بقيمة نصف مليار دولار في العراء خاصة أنها سحبت تخصيصاتها المتبقية لعام 2014 – كما أوضحت في بيان سابق– أي لم تكن هناك متابعة وتغطية للنواقص والبنى التحتية الأساسية للملعبين الأول والثاني على خلفية أزمة خليجي 22 وتوعّد الوزير جاسم محمد جعفر دول الخليج في 12 تشرين الأول الماضي بعدم المشاركة في الدورات المقبلة واتهامه السعودية تحديداً بالتآمر ضد إقامة الدورة في البصرة بحجة أنها متكاملة ولا تعاني نقصاً في أي جزء من دائرة المدينة الرياضية، فماذا سترد الوزارة اليوم على الأصوات المتصاعدة التي تطالب بتوضيح أسباب إهمال ملعب النخلة وعدم تنظيم المباريات المحلية عليه بالرغم من أن شماعة الأبراج الكهربائية أكل الدهر عليها وشرب ولم تعد مستساغة للمراقب الساذج؟
هذا المشروع استنزف أموالاً طائلة من غير المنطقي أن يتعطل لمجرد عدم توصيل مغذيات الكهرباء إليه التي أكد مدير شباب ورياضة البصرة وليد الموسوي أنها ستجهز المدينة خلال أربعة أشهر، ما يعني إن المشروع يبقى ناقصاً ويفتقد للمعايير التنظيمية المعتادة وليس عيباً أن تصارح الوزارة الإعلام والجمهور بذلك بدلاً من التشكيك بنيات الأشقاء في الخليج وتعمّق الجرح بين البصرة والجيران وتطرح مبادرات ترقيعية تزيد من حجم مشكلتها في إنشاء مشروع غير مؤهل حتى الآن لنيل علامات التفتيش الكاملة.
أما اتحاد كرة القدم ، فما خرج على لسان رئيسه عبد الخالق مسعود من رغبة صريحة في وئد الأزمات العالقة بين الاتحاد والوزارة أمر ايجابي، بل دعامة رئيسة لزيادة التعاون بين الطرفين ، ولكن ليعلم مسعود أن زمن تبادل المجاملات انتهى بُعيد توليه المسؤولية وعليه ان يعي حجم المهمة الموكلة إليه ويكون هناك دور حقيقي للاتحاد في قضية مشروع المدينة الرياضية لاسيما في مسألة تنظيم مباريات كرة القدم التي بقي حضوره واعضاء الاتحاد في المبادرة تشريفياً لا قيادياً ، فما علاقة الوزارة بأية فعالية كروية تنظم على ملعب المدينة الرياضية ، وهل أن الملاكات الإدارية التي تعاني مديرية شباب ورياضة البصرة من شحتها بقدر الخبرة التي تمتلكها ملاكات اتحاد كرة القدم الموزعة على جميع ممثلياته لإنجاح المنافسات المحلية والدولية؟
نريد إجابات واثقة وإجراءات جدية تخلصنا من روتين التعامل البليد، فتسطيح أزمة ملعب البصرة لا يخدم مصلحة العراق رياضياً ، فإصرارنا على رمي الآخرين بتهم من صنيعة تقاعسنا أمر غير مقبول ، بل ينم عن تخلفنا الحقيقي في مسايرة شؤون إدارة الرياضة لدول الجوار ويكبّدنا خسائر معنوية تسبب إيلاماً كبيراً للجماهير الصابرة منذ 11 عاماً على وعود التغيير في الأقوال والأفعال !
البصرة والجيران
[post-views]
نشر في: 2 أغسطس, 2014: 09:01 م