لم أكن أعلم أن الإعلام المرئي في العراق تطور إلى هذا الحد المذهل، وان بعض العاملين فيه اكتشفوا ان برامج التوك شو السياسية ، يمكن ان تتحول الى مقهى "الطرف" ، يتم فيها منادات الضيوف بلقب "الحجي" الى ان قادني الريمونت كونترول امس الى مشاهدة برنامج تقدمه قناة آفاق الفضائية، قرر معده ومقدمه ان يحوله الى جلسة محاكمة لقناة الحرة ، لأنها تجرّأت وتمادت في غيها حين أجرت حوارا مع رئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، فقد اكتشف القائمون على قناة افاق ان استضافة شخصية سياسية لا تؤمن بالولاية الثالثة "أمر غير مقبول" حسب ما اخبرنا مقدم البرنامج الذي اخذ يصول ويجول متهما الجميع بانهم خونه ولا يحق لهم العيش على ارض الوطن ، لانهم ببساطة يقفون بالضد من المشروع "التنويري" للحكومة العراقية .
جميل أن تلعب بعض الفضائيات دور محرر البلاد من الاعلام المشاغب، بنفس الطريقة التي يتم فيها تحرير مناطق الموصل وتكريت والانبار من تنظيم داعش الارهابي ، واعني بها طريقة الاهازيج والهتافات والشتائم ووصفات الخيانة والغدر والمؤامرات الكونية، ولكن الاجمل هو موافقة مدير مكتب قناة الحرة في بغداد ان يتحول الى متهم مسكين يحاول ان يبرر لقضاة "افاق" جريمته في استضافة رئيس مجلس النواب السابق، وان يدخل قفص الاتهام المنصوب في الاستوديو، راضيا مطمئنا والابتسامة تعلو محياه.
وانا اشاهد هذه الحلقة المثيرة ، تذكرت المسلسل الكوميدي الشهير تحت موس الحلاق الذي كتبه ومثله المبدع الراحل سليم البصري؟ فوجدت ان المسلسل يعاد تمثيله الآن على بعض الفضائيات، وخصوصا الحلقة الشهيرة التي يتبجح فيها الحاج راضي- تلميذ محو الامية - بانه خبير في فك ألغاز معظم اللغات وخصوصا الهندية.. وبدلا من الحاج راضي فإننا نعيش اليوم في ظل فضائيات لاتريد ان تغادر لم يغادروا صفوف " الحاج راضي "
لعل موضوعي الاساسي في هذا المقال ليس الدفاع عن اسامة النجيفي، وهل هو متهم أم بريء، أنا شخصيا مع أي اعلام حقيقي يحاسب الساسة المفسدين ويقتص منهم عبر اداء مهني واضح ومدروس، فهذا أمر جيد، لكن غير الجيد، هو تلك "الصبيانية" التي تدار بها وسائل الإعلام.
مرة أخرى القضية ليست دفاعا عن النجيفي ، ففي هذا المكان بالذات كتبت عشرات المقالات انتقد فيها اسامة النجيفي، وربما لا يعلم البعض ان اسامة النجيفي أقام ضدي وضد المدى ثلاث دعاوى قضائية، ولكن القضية بالنسبة لي هي دفاع عن اعلام عراقي مهني وحقيقي، لا يتاجر بهموم العراقيين ولامكان فيه "لإعلاميي الدمج".
ان إحدى المزايا الرئيسية لوسائل الإعلام أنها تستطيع تسليط الضوء على مواطن الخلل ما يتيح كشفها، ومثلما أن لوسائل الاعلام سلطة مهمة في الكشف عن السلبيات، فإنها قد تكون عاملا حاسما في تسليط الضوء على قضايا تلعب فيها المصالح والانتهازية السياسية دورا اكبر، معلوم للجميع أن أسامة النجيفي وقبل ايام من برنامج قناة افاق ، هو نفسه الذي جلس معه المالكي تحت قبة البرلمان وتبادل معه الحديث، ودعوني أسأل سؤالا بريئا اذا كان النجيفي خائنا حقا ، فأين إذن الحرص على دماء العراقيين ؟ وكيف وافق رجل سياسة وحكم ان يشارك مجرماً في إدارة البلاد، ولماذا سكت ائتلاف دولة القانون كل هذه السنين التي راحت فيها دماء كثيرة.
ان من يتأمل جيدا في الصورة التي جمعت المالكي والخزاعي والنجيفي ويدقق جيدا في هذه اللحظة "التأريخية" التي جمعت هؤلاء السياسيين وينظر الى ابتسامة المالكي التي توحي بالرضى، تلك الصورة التي مضت عليها ايام معدودة، تكشف لنا بالدليل القاطع إننا نعيش عصر الساسة الذين حولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين، الصورة تخبرنا بوضوح إن ما بين السياسيين من وشائج أكبر وأعمق من خلاف عابر على قضية تافهة اسمها "العبث بدماء العراقيين".
"الخائن" أسامة النجيفي
[post-views]
نشر في: 3 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عمار القطب
كنا في العهد السابق نرى المتملقين وكنت اشكك في نفسي احيانا ان هؤلاء يحبون القائد الضرورة فعلا لأننا في العراق لا نجيد التمثيل والدليل نسبة مشاهدة الفن العراقي الضئيلة وهؤلاء لم يتركوا (خط رجعة) كما يقال لكن بقدرة قادر نفس الوجوه اصبح لها نفوذ وبعضها يمتل
عمرا ن عباس
لكنكاستاذي العزيز شتمت القضاء العراقي هنا فهل القى بالدعاوى التي اقامها عليك وعلى المدى النجيفي في سلة المهملات ولم لم يبت بامرها ام ان ما كتبت كان على الماء اسفزازا لامر في بطن يعقوب ههههههه ولا علاقة للقضاء والقانون به وانما المساله بين فخري كريم وا