TOP

جريدة المدى > سينما > بازوليني.. المُهَيّأ لتقييم جديد.. تبقى تُحَفه السينمائية شاخصة وجديرة بالمشاهدة

بازوليني.. المُهَيّأ لتقييم جديد.. تبقى تُحَفه السينمائية شاخصة وجديرة بالمشاهدة

نشر في: 6 أغسطس, 2014: 09:01 م

(2-2) رغم أن بازوليني وُلِدَ في بولونيا، فإن روما هي التي زوّدته بمادة للرواية التي جعلته شهيرا. " Raggazzi di Vita " [ " رفاق الحياة " ]، المنشورة في ايطاليا عام 1955، هي سلسلة من حركات سينمائية سريعة تصف بإيجاز العالم السفلي الروماني، وتروي مغامرا

(2-2)

رغم أن بازوليني وُلِدَ في بولونيا، فإن روما هي التي زوّدته بمادة للرواية التي جعلته شهيرا. " Raggazzi di Vita " [ " رفاق الحياة " ]، المنشورة في ايطاليا عام 1955، هي سلسلة من حركات سينمائية سريعة تصف بإيجاز العالم السفلي الروماني، وتروي مغامرات مجموعة من مراهقين شوارعيين. عنف الشوارع وجد تعبيرا أكثر شمولا في فلمي بازوليني من الأساطير الاغريقية، " أوديب ملكا " ( 1967 ) و"ميديا " (1970)، الذي قامت ببطولته ماريا كالاس. تضامنه مع الفقراء الرومان كان في الجوهر رومانتيكيا، وفي قصيدته الملحمية العظيمة " رماد غرامشي " ( 1952 )، يقارنه بالمثالية القوية للشاعر شيللي.
ربما كان أمرا محتوما أن يبدأ الشاب، ذو السبعة وعشرين عاما، ’’ رامبو المفقود في العبقرية ‘‘ ( كما عمّد بازوليني نفسه بمكر ) أيامه الرومانية وسط المحتقَرين والمضطهَدين في شقة رثة في غيتو يهودي، يطوّقها نهر التيبر من جهة، واللارغو أرجنتينا [ ساحة لارغو دي تورّي أرجنتينا في روما، معروفة ببقايا أعمدة رومانية ] من الجهة الأخرى، والغيتو كان عالما قائما بذاته. إيطاليا الكاثوليكية، مع ذلك، كانت تتغير بسرعة، و"مامّا روما" التقط الحالة النفسية لايطاليا عندما جلبت المعجزة الاقتصادية في بداية الستينات العلكة، الكوكا- كولا، والجينز والكماليات الأخرى للاستهلاكية أمريكية الطراز. مامّا روما نفسها، التي تؤدي دورها آنّا مانياني، بطلة " روما مدينة مفتوحة "، هي مومس مقيّدة بالتصرّف على نحو لائق أزاء إبنها المراهق ايتّوري. مع نقود كافية، تَعِده بالانتقال للسكن في منطقة محترمة. لكن ايتوري لا يفعل سوى الغرق أعمق في عالم المدينة السفلي من اللصوص. المشهد الأخير من الفيلم يُظهِر سلسلة من مبان عديدة الطوابق باهتة قرب تشيكافومو ( رقعة منفسحة من أرض يباب على مبعدة من فيا توسكولانا في روما): المكافأة، كما يبدو بازوليني يريد القول، عن رخاء روما المكتشف حديثا.
علاقة بازوليني بروما كانت مشحونة بالنزاع.
" La Ricotta " [ " الوليمة " ]، حلقته ذات الـ 35 ملم من الفيلم المشترك "RoGoPag " ( 1963 ) [فيلم من أربعة أجزاء، اشترك فيه مع بازوليني جان- لوك غودار وروسلليني واوغو غريغوريتي ]، تُظهِر اورسن ولز بدور مخرج أميركي يصوّر فيلما حول آلام المسيح. على التابلوه [ لوحة حية: تمثيل ساكن لمشهد يؤديه على المسرح ممثلون يرتدون ملابس نموذجية ] ملهَم بلوحات الديبوسيزيوني [ لوحات بانورامية تمثل عملية الصلب، ترسم على الجدران والسقوف، اشتهر بها جاكوبو بونتورمو ]، يصرخ ولز مجدّفا: ((أخرِج هؤلاء المصلوبين السفلة من هنا!)) "لا ريكوتا" عمل من واقعية حسّية فاجرة، يؤدي ببازوليني الى حكم بالسجن مرجأ التنفيذ بتهمة التجديف.
أثناء السنوات الأولى من السبعينات، كتب سلسلة من مقالات فظة تتضمن انتقادا عنيفا لأضرار المخدرات، للشعر الطويل للرجال، الاعلانات المهينة وأي شيء آخر أسهم بشكل واضح في انحطاط ايطالياه الحبيبة ما قبل الصناعية. فيلمه الوثائقي " لقاءات حب " ( 1964 ) يقدّم لمحات مدهشة عن الأعراف الكاثوليكية بعد أربع سنوات من تناول فلليني بهرجة ايطاليا الناشئة المستهلِكة في " الحياة الحلوة "؛ لكن ايطاليا الآن كانت ’’ تموت ‘‘. هجومات بازوليني الأكثر عنفا كانت تستهدف التلفزيون، الذي، كما كان يؤمن، استبدل اللغات المحلية الايطالية بلغة الاسبيرانتو [ لغة دولية مبتكرة بُنيت على أساس من الكلمات المشتركة في اللغات الاوربية الرئيسية ] المستهلِكة لأمريكانية [ من امريكانزم ] محرِّفة واستيرادات لغوية أخرى. محررا من الوهم، تحول هو للإلهام مما يدعى بالعالم الثالث. الكبادوكيا [ إقليم في آسيا الصغرى (تركيا) ] في فيلم " ميديا "، أو اليمن في " الليالي العربية " ( 1974 )، هما نسختان متقنتان بصريا عن " سالامبو " [ رواية تاريخية لغوستاف فلوبير ] – الازدهار السينمائي عن الانحطاط الأوربي.
نحو نهاية حياته، عاش بازوليني في ضاحية غنية في روما. اشترى سيارة مازيراتي لتضاف الى الالفا روميو، ونبذ حينها الفقراء الرومانيين بوصفهم ’’ odiosi ‘‘ [ ’’ مقرفين ‘‘]، وحتى ’’ orribili ‘‘ [ ’’فظيعين ‘‘ ]؛ خسروا براءتهم للميراكولو ايتاليانو [ المعجزة الإيطالية] وأصبحوا طمّاعين للكسب المادي. برغم كل التنوّع الخرافي لأعماله، لم يمكن لبازوليني الإفلات من انطباع الجماهير عن شخصيته كمعلّق على الحياة السياسية المضطربة. " سالو "، أو " 120 يوما من سادوم "، آخر أفلامه وأقلها جاذبية، الذي أطلق للعرض عام 1975، بعد وقت قصيرمن إغتياله، يقدّم بحثا قويا عن ماضي ايطاليا النازي- الفاشي. غزارة أفلامه الرومانية العظيمة كانت انقضت؛ " سالو " هو عمل رجل مثبط الهمة. تبقى تُحَفه السينمائية، على أي حال، شاخصة وهي حقا جديرة بالمشاهدة.
* إعترف الفتى، وإسمه جوسيبي بيلوتشي، بقتله لبازوليني، وفي 7 مايس 2005، بعد ثلاثين سنة، تراجع بيلوتشي وقال أنه إعترف تحت تهديد بالعنف لعائلته، وأضاف أن من إرتكب الجريمة هم ثلاثة أشخاص يتكلمون اللهجة الجنوبية، ووصفوا بازوليني بأنه (( شيوعي قذر)).
 عن: الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق يعطل الدوام الأحد المقبل

إعادة 20 مليار دينار إلى الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية

بعد سنوات عجاف… هور الشويجة يعود إلى الحياة من جديد

البرلمان يناقش نظام المحاولات وتدرج ذوي المهن الطبية في جدول أعمال جلسته غدًا

إيران تتعهد بتعزيز الشفافية النووية وترفض التفاوض تحت التهديد

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

فيلم (الوحشي) للمخرج برادي كوربيت والبحث عن الحلم الأمريكي

"اللودج" يختارمشاريع ضمن النُسخة السادسة من برنامجه

مقالات ذات صلة

لـ
سينما

لـ "أنورا" حصة الأسد وأفضل فيلم وثائقي لمخرج فلسطيني في جوائز الاوسكار

متابعة المدى عاش طاقم فيلم "Anora" ليلة لا تنسى، في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 97، الأحد، حيث فاز الفيلم بـ 5 جوائز، بما في ذلك أفضل فيلم، وأفضل ممثلة للنجمة مايكي ماديسون. وحصد...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram