ظننت أن صديقي، الذي لم يرني منذ عام تقريبا، قد تعرض لانهيار عصبي حين استقبلني بسؤال، دون ان يسلم علي: هل سمعت خطاب المالكي الأخير؟ الطريقة التي سألني بها يحتاج وصفها إلى لقطة فيديو كي أصور لكم فزعه وارتجاف شفتيه واحمرار عينيه. كان ذلك في صباح الخميس الفائت ولم اكن قد "تشرفت" بعد بسماع الخطاب الأربعائي "العتيد". صراحة كدت لا اصدق ما قاله صاحبي. أرئيس دولة تتهاوى تحت نيران الجحيم الإرهابي ويبشر أهلها بفتح نار أخرى؟
في نص خطابه المنشور على موقعه الخاص كرر المالكي كلمة الدستور والدستورية 27 مرة، وذلك قط في الـ 31 سطرا الأولى. هاكم الرابط واحسبوها:
من يسمع كلامه يحسب أنه ملتزم بالدستور من رأسه حتى قدميه. لم اسمع أحدا من ذوي الشأن صاح به: إنك آخر من يحق له الحديث عن الدستور لأنك طعنت روحه وصيرته جثة هامدة لا نفع فيها. انك تتغنى بدستور قتيل وأنت من قتله يا حجي.
القسم هو روح الدستور. وهو المعيار الذي يكشف التزام المسؤول الأول في الدولة من عدمه. ولأنه أقسم صارت له حقوق ما كان يحلم بها. لم أسمعه مرة أتى على ذكر القسم الذي بسببه سكن الخضراء وصار ينعم هو وعائلته ومقربوه بما لم ينعم به مسؤول منتخب في أي بلد ديمقراطي بالعالم. مناصب لا تعد. ميزانية تنافس ميزانيات الدول العظمى. يغدق بالهدايا والعطايا. يسخر أكواما من الفضائيات له وحده. توزيع مكارم ووظائف وامتيازات بالهبل. كل ذلك ولا منجز واحد للبلد.
وقف المالكي أمام الشعب وقال " أقسم بالله العلي العظيم، أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية، بتفانٍ وإخلاص، وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد".
أما من ذاب عن هوس الولاية الثالثة، يدلني على فقرة واحدة من فقرات القسم الدستوري قد التزم بها صاحبهم؟ وليتهم يجيبوني أين هي سيادة العراق اليوم ؟ وماذا عن سلامة أرض العراق ومياهه وثرواته وقد جاء في الأخبار تواً ان "الدواعش" قد استولوا على سد الموصل بعد ان قطعوا ثلث أرض العراق ووضعوا يدهم على جزء كبير من ثرواته ورصاصهم وقذائفهم تلعب على راحتها في سماء الوطن؟
كل هذا ومازال أخونا حاملا تابوت الدستور، رحمه الله، وهو يبكي. انه لجريء بحق. وهل هناك من هو أجرأ ممن يقتل القتيل ويمشي في جنازته؟
يقتل الدستور ويمشي في جنازته
[post-views]
نشر في: 8 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
وليد النعيمي
قلم عراقي شريف, مبادئ لا تنال منها الاوراق الخضر فئة ال 100$