لم يعد ممكناً عودة الأمور في قطاع غزة، إلى ما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي، الذي كشف أن الكف قادرة على ملاطمة المخرز، ونتيجة لعدم استجابة إسرائيل لبعض المطالب الفلسطينية، أعلن المفاوضون الفلسطينيون من القاهرة رفض تمديد التهدئة، فيما اتهم الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، ونفت حماس إطلاقها أي صواريخ، لكن ذلك لا يعني إمكانية أن تكون إحدى الفصائل قامت بذلك، كتعبير عن رفض المقترح المصري بتمديد التهدئة لثلاثة أيام إضافية، باعتبار أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كانا اتفقا بوساطة مصرية على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد.
لا يعني ذلك أن إسرائيل، وقد فوجئت حسب اعترافها بحجم المقاومة ونوعيتها، لم توافق على بعض المطالب التي قدمها الوفد الفلسطيني، فهي استجابت لمطالب الوقف الشامل لكافة الأعمال العدائية ضد الفلسطينيين، ورفع كامل للحصار، ودخول كافة المساعدات الإغاثية والإنسانية دون تأخير من كافة المعابر، وكذلك المطالب المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى من صفقة شاليط، والدفعة الرابعة من المعتقلين على أن يتم بحث التنفيذ لاحقاً، وأخيراً زيادة نطاق الصيد البحري في غزة إلى 12 ميلاً بحرياً، لكنها رفضت إعادة فتح مطار غزة وبناء ميناء بحري، بدعوى أن هذين المطلبين شرطان لاتفاق سلام شامل، لا لوقف إطلاق النار، وكذلك رفضت إعادة العمل على الطريق البري بين غزة والضفة الغربية.
انتهت الهدنة صباح أمس دون اتفاق على تمديدها، واتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية، وأكد جاهزيته لاستئناف القتال والرد على أي إطلاق للنار، بينما سارعت حركة الجهاد الإسلامي بإطلاق ثلاثة صواريخ غراد على عسقلان، وأعلن متحدث عسكري إسرائيلي، أن 20 صاروخاً أطلقت خلال ساعة منذ انتهاء مهلة وقف إطلاق النار، وقد سقطت في مناطق مفتوحة في منطقة النقب، جنوبي إسرائيل، ولم تقع أضرار أو إصابات، لكنها أغلقت مطار بن غوريون الرئيسي، وتوعد الجيش الإسرائيلي بالرد، وقد رد فعلاً فقصف أبراجاً في غزة، التي ساد التوتر والقلق والحذر شوارعها شبه الفارغة، بانتظار الساعات المقبلة التي ستكون حرجة، خصوصاً وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي أصدر تعليماته إلى الجيش للرد بمنتهى الشدة، في حال استئناف إطلاق الصواريخ بعد انتهاء الوقف المؤقت لإطلاق النار، ما دفع عناصر المقاومة في القطاع لإعلان حالة الاستنفار.
هي الحرب إذاً تنطلق من جديد، وقد استعد لها الطرفان، إسرائيل بقوتها المدمرة، وغزة بإرادة الصمود والمقاومة، ولسنا هنا بصدد محاكمة مواقف حماس، المرتبطة بتنفيذ أجندات الإخوان المسلمين، لكننا نتفكّر في مواقف المتكئين على أرائكهم في عواصم عالمنا العربي، يؤيدون استئناف الحرب بانتظار النصر المؤزر، وتحرير تل أبيب، دون أن يمد أحدهم يده إلى جيبه، مكتفياً بأضعف الإيمان، بينما ينصرف همه الحقيقي إلى وجبة الغداء، في يوم العطلة الإضافي، وهل تكون المائدة عامرة باللحوم أو الدجاج أو كليهما معاً، بينما يدفع الغزيون من دم أبنائهم ثمن هذه الكوميديا السوداء.
غزة واستئناف الحرب
[post-views]
نشر في: 8 أغسطس, 2014: 09:01 م