يظن بعض قادة الإخوان المسلمين في الأردن، من باب أن بعض الظن إثم، أنهم ببعض الاستعراضات الصبيانية، التي يقوم بها نفر من العاطلين عن العمل، يغطون وجوههم ويحملون ألعاباً بلاستيكية على شكل مسدسات ورشاشات، تشبهاً بمقاتلي حماس، ولكن دون وجود عدو، يمنحون أنفسهم الفرصة لتحسين موقفهم التفاوضي مع الحكومة، ويزعم خطباء مهرجاناتهم، أن معركة الأنظمة العربية المعتدلة ضد المقاومة وحركة حماس في فلسطين أخفقت، حتى أن الشيخ حمزه منصور لم يخجل من انتقاد الموقف الرسمي الأردني بقسوة، وهو موقف أشادت به حماس، ولا من الحديث عن مؤامرات دولة الإمارات مع إسرائيل لإخضاع المقاومة في القطاع، وأيضاً أشادت حماس بالموقف الإماراتي، وكمثل الصبيّة التي تفاخر بطول شعر ابنة خالتها، اعتبر إسلاميو الأردن أن معركة غزة أساسية ليس على صعيد القضية الفلسطينية، وإنما على مستوى وضعهم التكتيكي داخل الأردن، سواء لجهة العلاقة مع حكومته، أو لجهة الصراعات الحزبية المحتدمة عند المستوى القيادي للتنظيم، والانقسام بين تابعي حماس، وبين المنادين وبدت بضرورة الاهتمام بالشأن الداخلي، وعدم الانخراط في محاور خارجية، وكانت مشاعر النشوة واضحة عند مناصري حماس، الذين استفاقوا متأخرين على حجم التضامن الشعبي مع غزة، فنظموا مسيرة في وسط عمان، قاطعتها القوى اليسارية والقومية، التي نظمت مسيرة موازية بنفس الوقت في مكان آخر في العاصمة.
في مستويات القرار العليا في الدولة الأردنية، أكثر من اتجاه لكيفية التعاطي مع الإخوان بعد حرب غزة, منها ما يدعو لاستثمار الوضع العام السائد في عموم المنطقة ضدهم وقمعهم دون هوادة، وصولاً إلى إقصائهم عن المعادلة السياسية وحل جمعيتهم ، ومنها ما يدعو لعدم التصعيد مع جماعة منيت بالهزيمة في أكثر من موقع ومعركة، على أن يترافق ذلك مع التوقف عن التعاطي المتميز مع هذا التنظيم، واعتباره مجرد واحد من الأحزاب العاملة في البلاد، بينما يدعو آخرون إلى عودة الحوارات والتهدئة معهم، وإشراكهم في الحياة العامة وبشروط جديدة، وينطلق هؤلاء في دعوتهم من المخاوف بأن يلجأ التنظيم للعمل السري وما قد يرافقه من عنف مدمر، ولكن يظل أن القرار حول مصيرهم مربوط بإرادة الملك، الذي يوازن بين هذه الاتجاهات، منتظراً تداعيات حرب غزة، وما ستسفر عنه من تطورات.
هروباً من المقارنة مع تحركات قوى أخرى في العاصمة ودليلاً على هوانهم وقلة حيلتهم، تجمع أنصار الاخوان في المدينة الجنوبية الكرك، تاركين مربط خيلهم في عمان للقوى القومية واليسارية للتظاهر تضامناً مع غزة، تمجيداً للنصر الإلهي الذي أحرزته حماس هناك، وعلى مقربة من مثوى شهداء معركة مؤتة، تنافخ خطباء الإخوان، وهم يسعون لتجيير الدم المراق في غزة هاشم لتنظيمهم، علّهم يلوون ذراع الحكومة، أو يحصلون على بعض المكاسب الدنيوية التي يتبجحون بالترفع عنها، وكانت محاولتهم مكشوفة ومرفوضة لإسدال الستار على الانشقاق الكبير في صفوفهم، بعد أن بات بحثه اليوم عندهم دليلاً على عدم الاهتمام بما يجري في غزة، وكأنهم باهتمامهم اللغوي يقدمون شيئاً لسكان القطاع المنكوب.
رغم أن حماس أعلنت بنفسها أنّ إسرائيل لم تستجب لأي مطلب فلسطيني، ما حال دون تمديد التهدئة المؤقتة، ورغم أننا نعرف أعداد الشهداء وحجم الدمار الذي حاق بغزة، فإن قادة الإخوان في الأردن يتمسكون بإعلان انتصار يبدو أن لا أحد غيرهم يلمسه، ربما لكونه انتصاراً إلهياً، ما يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً ونعيده اليوم، بأن الإسلام السياسي انتهازي مراوغ مصلحي ولا علاقة له بأخلاق الإسلام.
الإخوان وسرقة المقاومة
[post-views]
نشر في: 9 أغسطس, 2014: 09:01 م