"نحن نعيش في ظل حكومة فقيرة الخيال" قال لي احد الزملاء وهو يشاهد مجموعة من الناس البسطاء يرفعون لافتة كبيرة كتب عليها : "المالكي خيارنا.. القدس لنا" .
الحكومة التي تمنع تظاهرات الناشطين المدنيين ولم تسمح للحزب الشيوعي ان يحتفل بذكرى عيد العمال في ساحة التحرير.. وتستنفر قوات مكافحة الشغب بكل أسلحتها وعصيها الغليظة اذا ما حاولت مجموعة من الشباب ان تخرج بتظاهرة تندد بالفساد والمحاصصة الطائفية.. وتتذكرون كيف خرجت علينا حنان الفتلاوي ذات يوم لتصف متظاهري 25 شباط ومن على تلفزيون العراقية بانهم "مجموعة من البعثيين؛ ومن السراق لأنهم اشتروا مقصات لكسر أبواب المحلات"، طبعا لم تنس السيدة الفتلاوي أن تذرف الدمع على أصحاب المحال والمصالح التي توقفت بسبب التظاهرة التي خرجت آنذاك.. اليوم لم يقل لنا احد لماذا قطعت الشوارع وأرزاق الناس وأغلقت منافذ بغداد ومعظم شوارعها ومنع أصحاب المتاجر والمحال بسبب مظاهرة تهتف بحياة الحكومة؟.
سيقولون لنا إن الحكومة استجابت لرغبات الجماهير ، وان المواطنين حتما قاموا باستئجار العجلات بأنفسهم لنقلهم إلى الساحة ، وان السيارات التي كانت تحمل اللافتات والمياه لا علاقة لها بمكتب القائد العام للقوات المسلحة.. طبعا اذا صدقنا الخطب العصماء التي سيتحفنا بها عدد من بلغاء دولة القانون من أن تظاهرة الأمس تعبر عن ضمير هذا الشعب.. وان المتظاهرين جاءوا بشكل طوعي، وان سيارات وزارة الداخلية والدفاع لم تنقلهم إلى ساحة النصر.
وانا اشاهد اللافتات ، وانظر الى وجوه الناس المتعبة بالهموم والبحث عن لقمة العيش، تساءلت ماذا يريد السيد المالكي من الولاية الثالثة، ولماذا يستنفر كل اجهزة الدولة في الدفاع عن منصب سياسي ، بالتأكيد لن اجد اجابة لأسئلتي ، لان المسؤول يحيط نفسه بسور عال من التابعين والموالين مهمتهم ان يدافعوا عن اي شيء يقوله.. وحتما لن ينسى هؤلاء التابعون والمقربون ان يلقوا علينا محاضرة في الحقوق الدستورية ، وان اول اصول الحكم الديمقراطي كما يفهمونها هو تضخم الاحتياج إلى الأمن من دون سياسة، حيث يصبح الشعب هو الهدف، وترويض الشعب وتخويفه بديلا عن تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية الاجتماعية .
سيظل أصحاب شعار "المالكي خيارنا.. القدس لنا" أسرى لإرادة سياسية لا تريد ان تدرك أن تغييرا حصل في العراق ولهذا نراهم يسعون إلى بناء دكتاتورية جديدة هدفها بناء دولة الجماعة الواحدة التي يكون لها سلطة الأمر والنهي، والمنح والعطايا، سلطة تصر على إلقاء الفتات إلى الآخرين باعتبارها مكارم ومنحاً تذكرهم بمكارم "القائد الضرورة".
كنت أتمنى أن يجيبني السادة المنظمون لتظاهرة الامس، على سؤال يحيرني، ألمْ يُصدر رئيس مجلس الوزراء أمرا بمنع التظاهرات في ساحة التحرير؟ وهل نسي انه نفسه صدع رؤوسنا بضرورة ان تنحصر التظاهرات في ملعبي الزوراء والشعب ، وكاد يذرف الدموع لان اصحاب المحال التجارية تضرروا بسبب تظاهرات الجمعة، فهل تخضع قرارات الحكومة لمزاج مكتب القائد العام للقوات المسلحة؟ ام ان التظاهرات التي تطالب بالخدمات والاصلاح السياسي حرام، فيما التظاهرات التي تهتف للحكومة حلال، وهل لدى الحكومة مقياس تقيس به درجة التظاهرات واهميتها، فإن وجدت أنها لا تحقق أهدافها اقامت بمنعها ومطاردتها، وان وجدت انها تسبح بحمد اولي الامر قامت بتوفير المال والرجال وأيضا "باصات" الدولة في نقل المتظاهرين ، وتوزع عليهم المرطبات ، وابتسامات القوات الامنية التي عودتنا ان توزع العصي على ظهور شباب التظاهرات.
لم يتبق لنا ونحن نسمع ان الولاية الثالثة ربما من اصبحت الماضي سوى ان نشكر كل الكومبارس من النواب والسياسيين الذين أدوا أدوارهم بكل مهنية وإخلاص وساهموا بتقديم نهاية ممتعة للمسلسل الدرامي الطويل" ماننطيها " والذي قوبل بتصفيق حاد من العراقيين المساكين الذين أدهشتهم الأحداث وهي تسدل على صوت السيد المالكي يقول: " لا تغادروا مقاعدكم ففي الطريق ، مفاجأة اكثر تشويقا واثارة.. القدس مقابل الولاية الثالثة" .
طريق الولاية الثالثة يمر عبر القدس
[post-views]
نشر في: 9 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
داخل السومري
يا ابناء الرافدين اسمعوا وعوا ان كرامة شعب الرافدين قد اهينت كثيرا,اهينت حتى وصلت الحضيض من قبل القائد الضروره ولمدة 35 عاما,ثم تلتها جيوش امريكا فداست عليها وكان بعضنا يقول لابأس لقد خلصتنا امريكا من اكبر طاغوت في التاريخ.ولاكن هذا الطاغوت سهل الامر لطوا
مواطن
لاعتب على الابله والاحمق وكذلك على الوصوليين والمتملقين والمتولنيين فدينهم الدنانير وربهم المنصب ..وبدل من تحرير القدس الأولى بكم تحرير المدن العراقيه التي تستباح من قبل التنظيمات الارهابيه أو على الاقل مساعدة المساكين القابعين على الجبال دون مأوى ولا ماء
ابو اثير
.أستاذنا الكريم... الكل يعرف ان المظاهره التي خرجت للسلطان لا تتعدى كونها زفة عرس مدفوعة الثمن والخدمة التي تشمل النقل ذهابا وايابا وقناني الماء البارد واللفات كباب وكص وفلافل حيدر دبل الذي كان مسرورا امس ومبتهجا وعلى حد قوله الله يبارك الحكومة وانشاء الل