TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحريري ورئاسة لبنان

الحريري ورئاسة لبنان

نشر في: 10 أغسطس, 2014: 09:01 م

رغم الإعلان عن أن الهدف من عودة رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري إلى بيروت، بعد غياب استمر ثلاث سنوات، هو البحث عن كيفية إنفاق المنحة السعودية للجيش اللبناني البالغة مليار دولار، فإن البعض يرى أن وراء هذه العودة أهدافًا سياسيةً وأمنيةً واستراتيجيةً أخرى، تدفع أي مُتابع للوضع اللبناني للسؤال عن فحواها، فيما سارع البعض للتكهن بأن الهدف هو طيّ ملفي الانتخابات الرئاسية والنيابية، فيما يرى آخرون أن الوضع الأمني المتفجر، وبروز تأثير التطرف عند بعض أتباع المذهب السني، هو الدافع لتواجد الحريري وهو السني المعتدل إلى جانب تياره وخطه السياسي، كما هو ضرورة للحفاظ على تماسك قوى 14 آذار، التي يبدو أن غيابه قلل من حركيتها وتأثيرها.
لا يعجب بعض القوى السياسية اللبنانية، عودة الحريري لقيادة الاعتدال السنّي، وهو العائد بعد أكثر من نداء توجه به اليه النائب وليد جنبلاط ، ومثله الرئيس نبيه برّي الذي كان وجّه نداءً علنياً للحريري ليعود رئيساً للحكومة، ويرى هؤلاء أن عودته أتت بسبب أحداث عرسال، التي كشفت استعداد جزء من الشارع، للانتقال من الاعتدال الذي يمثله تيار المستقبل، إلى كهوف التيار التكفيري، ويستنتجون أنه يستهدف وقف تسرّب الجمهور المستقبلي إلى أحضان التطرّف، ويذهبون إلى استنتاج أكثر غرائبية، قائلين إنه بالنظر إلى أن عدم حسم الجيش في عرسال، قطع الفرصة على حزب الله للاستفادة من ذلك، وأن الحريري العائد سيعمل على منعه من الربح، ويطالب هؤلاء بإعطاء زخم سياسي أكبر للجيش، في صداماته المستقبلية مع المسلحين، ما يساعد على منع المتطرفين من التمدد إلى بقية المناطق اللبنانية.
هناك من يقول إن المنحة السعودية الحالية، لا تقارن بتلك التي قدّمتها السعودية بقيمة 3 مليارات قبل أشهر، ولم يتسلم لبنان منها رصاصة واحدة، وإذا كانت وزارة المال السعودية لم تتبلغ حتى الآن، قرار صرف الأموال المطلوبة، فذلك يعني أنه لا شيء مؤكّد حتى اللحظة، أن السلاح سيصل سريعاً إلى الجيش، أو أن الأمر سيبقى كلاماً في الهواء، وحول احتمال أن تكون عودته حلّاً لمعضلة اختيار رئيس للجمهورية، تجزم قوى 8 آذار بأنه لم يحمل أي مبادرة تتعلّق بحلّ هذه الأزمة، وتشير إلى فقدان اللبنانيين فرصة حلّ الملفّ الرئاسي محلياً قبل أشهر، ويتبرع الجميع بإنكار عقد أي صفقة بين الحريري والجنرال ميشال عون، غير أن الرئيس بري يرى أن وجود الحريري يساعد كثيراً في تهيئة أجواء الملفّ الرئاسي للحلّ.
بغض النظر عن مواقف المرحبين بعودة الحريري، أو الغاضبين منها أو المشككين بأهدافها، فإن الرجل يعود إلى وطنه الذي يمر بمرحلة مصيرية، تتعلق بخلو منصب الرئاسة واحتمال عدم انتخاب برلمان جديد، فيما يضرب الإرهاب عند أطرافه تمهيداً للتمدد، ما يعني أن الحريري يعود حاملاً على عاتقه مسؤوليات كبيرة، لعل أهمها لجم التطرف، وتأمين بيئة معتدلة لتعايش الديانات السماوية كافةً في لبنان، ولعل من علامات هذا التوجه، الحديث عن صفقة بين حزب الله وجنبلاط لعودة الحريري، وثلاثتهم معرضون للأذى من التطرّف وداعش وجبهة النصرة، بينما يمكن استثمار خط الاعتدال الذي يمثله الرجل لتهدئة الأوضاع، وتفعيل دور المجلس النيابي لكنه لا يعني تزايد حظوظ عون في الرئاسة ولا شطبها، فتلك مسألة تحتاج المزيد من المشاورات، التي قد تأتي بشخص آخر يختاره الصرح البطركي لشغل الموقع، لم يتحدث أحد عنه حتى اللحظة، وفي كل الأحوال فان لعودة الحريري إيجابيات لا يمكن تجاهلها، حتى من قبل خصومه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram