على أهميّته، ليس كافياً أن يقتصر موقف المرجعيات الدينية الإسلامية، السنية والشيعية، في البلاد وخارجها على التنديد بما يفعله (داعش) بالمسيحيين والإيزيديين وتبرئة الإسلام والمسلمين منه، فالقضية لا تنحصر بتهجير بعض سكان شمال العراق القدامى من مناطقهم والاستحواذ على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، وإنما يتجاوز ذلك إلى محاولة تغيير هويتهم الدينية المتواصلة منذ آلاف السنين.
تنظيم (داعش) تمادى كثيراً في سلفيته وتطرفه وغلوّه، وبلغ أقصى حدّ بإجباره المسيحيين والإيزيديين على دخولهم في الإسلام رغماً عنهم أو مواجهة الموت والسبي وانتهاك الكرامة الإنسانية، في ممارسة نبذتها البشرية منذ قرون عدة. وهو يفعل هذا باسم الإسلام واستناداً الى نصوص مجتزأة من القرآن والحديث والسيرة.
من المفترض أن تكون قد انتهت أمس المهلة التي منحها التنظيم الإرهابي لمئات العائلات في قريتين بجنوب سنجار يحاصرهما مسلحو التنظيم، للدخول في الإسلام أو مواجهة الموت قتلاً. وبالطبع فان التنظيم، كما فعل في السابق، يمكن أن يقتل الرجال والأطفال بدم بارد بينما يُبقي على النساء لسبيهن واستعبادهن. وثمة خشية من وقوع مجازر جماعية مروعة جديدة في حق جماعة بشرية ظلت تعيش بسلام مع المسلمين والمسيحيين قروناً متصلة.
الهيئات والمؤسسات الدينية الإسلامية العليا، بوصفها القيّمة على شؤون الدين والمعنية بصون سمعته وبردّ التحريفات والتجديفات التي تطاله، هي الجديرة بمواجهة هذه الحملة الغاشمة.
وبالإضافة إلى إبداء التضامن مع المسيحيين والإيزيديين في محنتهم الراهنة، فان المرجعية العليا في النجف ومشيخة الأزهر في القاهرة ودور الإفتاء في شتى البلدان الإسلامية مطالبة بالتنديد بهذه الممارسة المتعارضة مع مبادئ وتعاليم مختلف الأديان، وفي مقدمها الدين الإسلامي، والإعلان صراحة عن عدم شرعيتها وعدم القبول بنتائجها.
الأمر يتطلب صدور فتاوى واضحة ومحددة، وحبذا لو كانت فتوى موحدة، من هذه المرجعيات تؤكد بطلان ما يقوم به (داعش) جملة وتفصيلاً، من إعلان دولة الخلافة، الى قتل الشيعة، الى إرغام المسيحيين والإيزيديين على الإعلان عن دخول الإسلام.
لا مجال للسكوت عن هذه الممارسات، لأنه يمكن أن يعتبره (داعش) تزكيةً له ولأفعاله المشينة وتشجيعاً له على التطرف أكثر والمضي أبعد في غيّه.
الفتوى المنتظرة
[post-views]
نشر في: 10 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
شيوعي بسيط
العراقيين شعب واع، و لا ينخدع بالإعلام المزيف. المركبة ماشيه و دوله القانون هي اختيار الشعب من سنه و شيعه و تركمان و كل أطياف العراق الحبيب.
ابو اثير
أستاذنا الفاضل... يبدواأن المرجعيات الدينية التي ذكرتها في مقالتك قد غلبها الصمت والنوم واللا مباليه بما يحدث في العراق وسورية وغزة من تقتيل وأضطهاد وسلب واستباحة الحرمات واستحياء النساء وقتل ألأطفال ورمي البراميل المتفجرة على الآمنين من المواطنين العزل