TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > بلا حدود: عن الـكتاب

بلا حدود: عن الـكتاب

نشر في: 1 مايو, 2010: 04:25 م

أمبيــرتو إيكـوتمّ التطرّق خلال اليوم الختامى لورشة عمل خاصة ببائعى الكتب نُظّمت حديثاً فى البندقية إيطاليا إلى الطابع العابر لوسائل حفظ البيانات. وشملت الأساليب المُستخدمة لحفظ المعلومات البلاطات الحجرية، وألواح الطين، وورق البردي، والبرشمان، إلى جانب الكتب المطبوعة بطبيعة الحال. وقد نجح العديد من هذه الكتب فى الصمود طوال السنوات الخمسمائة الأخيرة، لكنّها اقتصرت على المراجع المصنوعة من ورق الخرق.
فى أواسط القرن التاسع عشر، لجأ المصنّعون إلى الورق المصنوع من لبّ الخشب الذى يبدو أنهّ يدوم لسبعين سنة كحدّ أقصي. حاولوا مسك صحف أو كتب تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ولاحظوا كيف يتفتّت العديد من أوراقها بين أيديكم لدى قلب صفحاتها. لذا، يقدِم عدد من الخبراء منذ فترة على عقد المؤتمرات ودراسة الأساليب والوسائل المختلفة لتفادى تلف الكتب الموجودة فى مكتباتنا. وتقضى إحدى الأفكار الأكثر شيوعاً رغم شبه استحالة تطبيقها على الكتب كافة بمسح جميع الصفحات ونقلها إلى جهاز إلكتروني.غير أنّ هذا الأمر يؤدى إلى مشكلة أخرى، ذلك لأنّ كلّ الوسائل المُعتمدة لنقل المعلومات وحفظها، من الصور الفوتوغرافية إلى بكرات الأفلام والأقراص ومحركات الأقراص، هى أكثر قابليةً للتلف مقارنةً بالكتب. ويدرك معظم الناس اليوم السيئات التى ينطوى عليها بعض الأساليب القديمة لحفظ البيانات. فعلى سبيل المثال، كلنا نعلم أنّ بعد فترة من الوقت، يلتوى الشريط الموجود داخل الأشرطة الصوتية وعلينا محاولة تحريك البكرة بواسطة قلمٍ لتشغيلها مجدداً، علماً أنّ هذه المحاولات تبوء غالباً بالفشل. أما شرائط الفيديو، فتخسر بسهولة لونها ووضوحها؛ وإذا تمّ استعمالها بصورة متكرّرة - أى إذا كان مستخدمها مثلاً يضغط باستمرار على زرى الترجيع والتقديم السريع - تتلف هذه الشرائط بسرعة.إلى جانب ذلك، يدرك العديد من الناس، بحكم الوقت الذى مرّ على دخول الأسطوانات المصنوعة من الفينيل إلى السوق، المدّة التى يمكن الاستماع فيها إلى هذه الأسطوانات قبل أن تصبح مخدوشة لدرجة تحول دون استخدامها. إلا أنّه لم يتوافر لنا حتى الآن الوقت الكافى للتحقّق من مدّة استخدام الأقراص المُدمجة لأنها سُحبت بسرعة من السوق عندما بات من الممكن الولوج إلى المعلومات عينها عبر شبكة الإنترنت بتكلفة أقل، وذلك رغم الترحيب الذى لاقته هذه الأقراص باعتبارها اختراعاً يمكن الاعتماد عليه لحفظ المعلومات المتضمنة فى الكتب. كذلك، نجهل إلى أى مدى يمكن لأقراص الفيديو الرقمية المعروفة بالـ«دى فى دي» أن تدوم. لكن ما نعرفه بالتأكيد هو أنّ هذه الأقراص تعمل فى بعض الأحيان بصورة غريبة إذا ما استخدمناها لفترة طويلة. ولم يتوافر لنا أيضاً الوقت لمعرفة طول مدّة استخدام الأقراص المرنة كونها استُبدلت بسرعة كبيرة بالأقراص الصلبة، ومن ثمّ بالأقراص القابلة لإعادة التسجيل التى استُبدلت بدورها بمحركات الأقراص.تزامن زوال هذه الوسائل القديمة الطراز لحفظ البيانات مع زوال الحواسيب المُجهّزة لقراءتها. وبالفعل، ثمّة القليل القليل من الناس الذين لا يزال لديهم اليوم حواسيب مُزوّدة بفتحات مُخصّصة للأقراص المرنة. وبالتالي، إذا لم تعمدوا إلى نقل جميع البيانات المُسجّلة على الأجهزة القديمة إلى الأنواع الجديدة منها كلّ سنتين أو ثلاث سنوات، وإلى ما لا نهاية على الأرجح، فلا شكّ فى أنكم ستخسرون هذه البيانات إلى الأبد، إلا إذا كنتم قد كدّستم فى سرداب منزلكم عشرات الحواسيب القديمة الطراز، بواقع حاسوب واحدّ لكلّ جهاز مُخصّص لحفظ المعلومات.وبالتالي، عندما يتعلّق الأمر بوسائل حفظ المعلومات على اختلافها، أكانت ميكانيكية أو كهربائية أو إلكترونية، فإما نعلم أنّها تتلف بسرعة أو نجهل حتى الساعة إلى أى مدى قد تدوم. وعلى الأرجح أننا لن نحصل يوماً على هذه الإجابة فى ما يخصّ بعض أنواع أجهزة حفظ البيانات. أخيراً، تكفى نبضة كهربائية واحدة أو سقوط صاعقة فى الحديقة أو غيرهما من الأحداث العادية التى قد نشهدها فى حياتنا اليومية لإزالة مغنطة كلّ نوع تقريباً من أنواع الأجهزة الإلكترونية لحفظ البيانات. وإذا دام انقطاع الكهرباء لفترة طويلة، لا يعود باستطاعتى الولوج إلى أى من ملفاتي. وإذا سقط حاسوبى أو كتابى الإلكترونى من الطابق الخامس، فمن المؤكّد حتماً أننى سأخسر كلّ البيانات المتضمّنة فيه. لكن إذا سقط كتاب عادى من العلو نفسه، فأسوأ من يمكن أن يحدث هو تمزّقه.وعليه، يبدو أنّ الوسائل الحديثة لحفظ البيانات قد استُحدثت لنشر المعلومات أكثر منه لحفظها. لكن لطالما كان الكتاب الأداة الرئيسية لنشر المعلومات فكرّوا بالدور الذى أدّته النسخة المطبوعة للإنجيل فى «الإصلاح البروتستانتي»، ولحفظها أيضاً. ومن المحتمل أنّ الأسلوب الوحيد للولوج إلى المعلومات القديمة سيقتصر خلال القرون القليلة المقبلة، عندما ستكون مجمل الوسائل الإلكترونية لحفظ البيانات قد فقدت مغنطتها، على قراءة الكتب التى طُبعت فى القرن الخامس عشر باستخدام أسلوب غوتنبرغ. وستتمثّل المراجع الحديثة الوحيدة التى ستتحدّى عوامل الزمن فى تلك التى طُبعت على ورق عالى الجودة أو ورق خالٍ من الحمض، وهى كتب يعمد الكثير من الناشرين إلى توفيرها للقراء اليوم. لست من المحافظين المتشدّدين. ولدى فى الحقيقة نسخ عن أعظم تحف ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram