بمناسبة مرور ستين عاما على وفاة الكاتبة الفرنسية كوليت ، أشارت صحيفة الفيغارو الى جانب مهم ومجهول من حياتها المهنية وهو الصحافة ...كانت كوليت تؤمن بعقيدة لاتحيد عنها وهي ان على الكاتب ان ( يرى بعينيه ولايخترع فقط ) وقد طبقت هذه العقيدة في رواياتها ال
بمناسبة مرور ستين عاما على وفاة الكاتبة الفرنسية كوليت ، أشارت صحيفة الفيغارو الى جانب مهم ومجهول من حياتها المهنية وهو الصحافة ...
كانت كوليت تؤمن بعقيدة لاتحيد عنها وهي ان على الكاتب ان ( يرى بعينيه ولايخترع فقط ) وقد طبقت هذه العقيدة في رواياتها التي اشتهرت بها ومقالاتها وتحقيقاتها ايضا ..
في الكتاب الذي صدر عنها مؤخرا بعنوان ( كوليت ..الصحفية ) ، قام فريدريك ماجيه ، أستاذ الآداب ورئيس رابطة أصدقاء كوليت بجمع مقالاتها وقامت دار نشر ليبيرتو بنشر الكتاب .، اذ لايوجد شك في ان الكاتبة المتوفاة في الثالث من آب عام 1954 عن 81 عاما والمتخصصة في كتابة الرواية كانت تغذي عملها من الصحافة ..
يمثل الكتاب محطة مضيئة لجوانب حياة تلك المرأة التي لم تتوقف عن الرغبة في ترجمة الواقع من خلال اتخاذ هويات متعددة وارتداء لباس شخصيات متنوعة ، فهي تارة ممثلة صامتة ، وتارة اخرى ممثلة او كاتبة او صحفية تحمل أسماء مختلفة ..كانت تضع اسمها ( سيدوني غابرييل كوليت ) على مقالاتها الاخيرة في عام 1895 ، قبل ان تنشر كتاباتها الرومانسية الاولى ضمن سلسلة روايات ( كلودين ) ثم كتاباتها في صحيفة موريس باديه ( كوكارد ) وفي الصحيفة النسوية ( لافروند ) لمارغريت دوران ..بعدها بدأت بالكتابة في صحيفة لوماتان في عام 1910 وتضاعف إنتاجها الصحفي في تلك الفترة فتعاونت مع مطبوعات عديدة منها صحف ( الجمهورية )، ( لاكلير ) ، ( الحياة الباريسية ) ، ( باريس سوار ) وايضا ( الفيغارو ) ..وكانت الصحف مستعدة للدفع الفوري لكي ترى اسم كوليت في صفحاتها ، ليس فقط بسبب شهرتها الأدبية بعد نشر كتابها ( شيري ) في عام 1920 ، ولكن لإبداعها المتوهج الصادر عن امرأة تغرف أفكارها من الواقع ومن تجاربها النسائية الحقيقية..
من تحقيقاتها الاولى ، وضعت كوليت قواعدها للكتابة الصحفية الذاتية حيث تسيطر ( الأنا ) في كتاباتها كما حدث حين تناولت موضوع القبض على بونو قائد عصابة للفتل والسرقة ، اذ يروي مؤلف الكتاب فردريك ماجيه كيف وصفت كوليت تحركات الحشود من الجمهور وردود أفعالهم تجاه القبض على بونو دون التكهن بما سيحدث له ..كانت تكرر دائما مقولتها الشهيرة ( لاتكتب الا مارأيته بعينيك ) ورافقتها هذه القاعدة طوال حياتها المهنية فقد كانت ترصد حياة المتهمين وتدقق في سجلاتهم القضائية كما كانت تروي حياة النساء في الصفوف الخلفية خلال الحرب مشيرة الى سلوكياتهن من خلال رصد تحركاتهن وايماءاتهن وطريقة حديثهن ...
وكان هذا التعلق بالتفاصيل الثانوية يمثل جزءا من أصالة كوليت كروائية متخصصة ، فقد حاولت دائما مشاهدة العالم دون الحكم عليه ..كانت تكتب عن أسوأ القتلة وطالما تناول عمودها اليومي في صحيفة ( باريس سوار ) ظواهر لم تتطرق اليها كاتبات جيلها كالشذوذ بين النساء وحياة القوادين وكأنها كانت ترسم متغيرات عصرها بطريقتها الخاصة ..لهذا السبب حققت كتاباتها ثورة صحفية في تلك الفترة اذ سردت الواقع من وجهة نظرها الخاصة مع تجنب صحافة الرأي فحققت هدفين في آن واحد ..
في كتابها ( مناظر طبيعية وصور ) ، كتبت كوليت انها تمقت ثلاثة أشياء اكثر من غيرها ..القبعات ذات الريش ، الأفكار العامة وأقراط الأذن ..فهي تكره الافكارالعامة لأنها كانت ترغب قبل كل شيء بالخروج من الجدالات الايديولوجية والكتابة بالنسبة لها كانت تمثل وقائع من الواقع وكان همها الأكبر تقريب الكتابة من الحياة –حسب فريدريك ماجيه – فهي تحول الواقع في أعمالها الأدبية الى صور حية ...وكانت تعطي الفرصة لشخصياتها ان ترفع الأقنعة عنها لكي تتحدث عن نفسها كما كانت تصرح دائما قائلة " زمن الاكتشافات لن ينتهي ابدا فالعالم جديد دائما بالنسبة لي وكلما استيقظت صباحا ادرك ان لاشيء سيوقفني عن الاستمتاع بمشاهدة العالم سوى التوقف عن الحياة!!"