اشتدت أزمة القيادة في العراق مع قيام تحالف من شيعة البلاد باستبدال رئيس الوزراء نوري المالكي بنائب رئيس البرلمان الذي ينتمي الى نفس الحزب السياسي لرئيس الوزراء . حيث رشح التحالف الوطني – الذي لديه 127 نائبا في البرلمان و يشكّل أكبر تجمّع في الب
اشتدت أزمة القيادة في العراق مع قيام تحالف من شيعة البلاد باستبدال رئيس الوزراء نوري المالكي بنائب رئيس البرلمان الذي ينتمي الى نفس الحزب السياسي لرئيس الوزراء . حيث رشح التحالف الوطني – الذي لديه 127 نائبا في البرلمان و يشكّل أكبر تجمّع في البرلمان العراقي الذي يبلغ عدد مقاعده 328 مقعدا – حيدر العبادي كرئيس مكلف للوزراء. هذه الخطوة سرعان ما واجهت تحديا من المالكي الذي أصدر رسالة يرفض فيها سلطة التحالف الوطني الذي يضم العشرات من الأعضاء المنشقين عن ائتلافه . لكن بعد دقائق ، صادق الرئيس فؤاد معصوم على ترشيح العبادي و أمهله شهرا لتشكيل حكومة جديدة في مراسيم حضرها رئيس البرلمان السيد سليم الجبوري و كبار السياسيين الشيعة و عرضت على قناة التلفزيون الرسمية التي كان ينظر اليها على انها أداة بيد السيد المالكي .
تأتي الأزمة التي تتكشف سريعا حول قيادة البلد في وقت يكافح فيه العراق لدرء التحدي الواسع لمجموعة داعش التي استولت على ثلث مساحة البلد في هجوم عسكري متواصل . كشفت الأزمة الخلافات العميقة داخل المؤسسة الدينية و السياسية الشيعية بشأن مصير السيد المالكي الذي يصر على الاحتفاظ برئاسة الوزراء رغم المعارضة الواسعة . يرى السنة و الكرد و الكتل الشيعية المنافسة السيد المالكي على انه السبب الرئيسي في الانقسامات الطائفية و العرقية التي مهدت الطريق لهجوم داعش قبل شهرين .
لم يتضح ما اذا كان السيد المالكي سيبقى في منصبه أم لا بينما يحاول السيد العبادي تشكيل الحكومة، و هناك مخاوف من محاولة رئيس الوزراء منع خليفته من تسلّم المنصب عن طريق استدعاء القوات الأمنية – التي استطاع من خلالها إحكام سيطرته خلال فترة ولايته . كتب الباحث العراقي حيدر الخوئي، سليل الأسرة الدينية الشيعية المعروفة ، على تويتر يقول " الساعات القليلة القادمة ستصنع العراق أو تقسمه . ان رد المالكي على خطوة الكتلة الشيعية ضده ستكون مهمة . يمكنه ان يرحل الآن أو ان يحرق العراق ".
رحبت الولايات المتحدة – الراعي الدولي الرئيسي للعراق – بترشيح العبادي و حثته على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة . كما دعا وزير الخارجية الأميركية جون كيري من استراليا السيد المالكي الى الامتناع عن العنف قائلا " ينبغي عدم استخدام القوة أو إشراك القوات أو المليشيات في هذه اللحظة الديمقراطية للعراق ".
كما صادق مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف على تعيين السيد العبادي قائلا في رسالة لوسائل الإعلام الاجتماعية " على كافة المجموعات البرلمانية التعاون للإسراع بتشكيل حكومة شاملة".
السيد العبادي – 62 عاما المهندس الذي تلقى تعليمه في بريطانيا و العضو في حزب الدعوة – غالبا ما يوصف بأنه معتدل نسبيا لكنه ليس بارزا . عمل وزيرا للمواصلات في حكومة إياد علاوي قصيرة العمر عام 2004 . جاء تعيينه بعد ساعات على دعم محكمة عراقية لطلب رئيس الوزراء بمنع السيد معصوم من تسمية أي مرشح آخر لمنصب رئيس الوزراء .
فاز ائتلاف السيد المالكي بأغلب المقاعد في انتخابات نيسان ، الا ان التحالف الوطني الأكبر، الذي التأم بعد التصويت ، يصر على ان تكون له الأولوية في تشكيل الحكومة . خلال الأسابيع الأخيرة، يبدو ان أعضاء من ائتلاف دولة القانون و حزب الدعوة قد تخلوا عن المالكي، حيث انتشرت الانشقاقات على نطاق واسع بعد التصريح المنسوب للمرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني ليوم 25 تموز الذي يحث فيه السياسيين على عدم التشبث بالسلطة . يقول السيد الخوئي " أعتقد ان هذا كان تغييرا في اللعبة، خاصة بعد ان أصدر حزب الدعوة حينها بيانا يردد صدى كلمات السيستاني".
رغم ان نصف ائتلاف المالكي قد وافق على السيد العبادي، فقد بقي رئيس الوزراء متحديا ، ففي حديثه يوم الاثنين اتهم المالكي السيد معصوم بانتهاك الدستور من خلال رفض تسميته رئيسا للوزراء . قال المالكي " هذا التصرف هو انقلاب على الدستور و على العملية السياسية في دولة تراعي النظام الديمقراطي الفيدرالي المبني على التعددية. ان الانتهاك المتعمد للدستور من جانب رئيس الجمهورية ستكون له تأثيرات وخيمة على وحدة العراق و سيادته و استقلاله ، و سيقود العملية السياسية الى نفق مظلم ".
تبقى القواعد الانتخابية في العراق غامضة حول ما اذا كان حق تشكيل الحكومة للكتلة الأكبر التي تفوز بالانتخابات أم التي تتشكل بعدها . خسر ائتلاف المالكي انتخابات عام 2010 أمام القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي ، لكنه نجح في تشكيل حكومة بعد ان فشل منافسه في إقناع الشيعة و الكرد بالانضمام اليه . يقول السياسي الكردي محمود عثمان " الكرد لا يوافقون على المالكي ، و السنّة لا يريدونه ، و نصف الشيعة لا يوافقون عليه . تقنيا ، ليس لديه ما يكفي من المقاعد كما لم تكن لعلاوي في حينها ".
عن : فاينانشيال تايمز